صلاح الدين عووضة

صلاح الدين عووضة يكتب : سحر العيون!!


العيون الجميلة..

وهذا في نظر الشعراء..

أو ليس بالضرورة أن تكون جميلة… ولكنها تكون ذوات سحر أيضاً..

وهذا في نظر من يؤمنون بالسحر..

وقارئ سألني ذات مرة: أتؤمن بالسحر؟… فأجبت: لا..

لا سحر العيون يسحرني… ولا سحر السحرة..

فالسحر إنما يسحر الضعفاء… وأنا لا أضعف لكلا النوعين من السحر..

ونفصل أكثر… ونشرح أكثر… ونبسط أكثر..

ومنذ زمن بعيد قرأت عن فتى اسمه جيروم كوتر؛ كان يشبه القط..

أو هكذا يقول راوي قصته..

وقصته هذه إلى جانب أخرى قام بتجميعها مخرج أفلام الرعب هتشكوك..

فلا غرو إن كانت جميعها مرعبة..

فلما قرأت عبارة (كان يشبه القط) في مستهل القصة ظننت التشبيه مجازياً..

بمعنى أن تكون له بعض صفات القطط..

أو أن عينيه كعيون القطط؛ وهنالك من يرى أعينها هذه ساحرة كذلك..

وإن لم تبلغ سحر عيون المها..

ولا عيون النساء ذوات السحر – بالطبع – والتي يتغزّل فيها الشعراء دوماً..

فإذا بجيروم هذا قطٌّ آدمي..

ومن شعراء العيون هؤلاء عبد الله النجيب..

وقد صادفته في مناسبةٍ – ذات يوم – وكان يشتكي حينها من أوجاعٍ بعينيه..

فقد أرهقهما سرحاناً وعشقا..

فداعبته قائلاً (تالله تفتأ تذكر العيون حتى تكونا حرضاً أو تكونا من الهالكين)..

فلم يزد عن ابتسامة رضا عريضة..

وكأنه يرد علي بلسان حال عينيه (قد مات شهيداً من مات فداءً للمحبوب)..

ولكن من الناس من لا يؤمن بسحر العيون هذا..

لا هذه التي تسحر الشعراء بجمالها؛ ولا تلك التي تسحر آخرين بسحرها..

فليس في قواميسهم مفردة سحر..

وهم جماعة المعتزلة… وفئة الفلاسفة… فكل شيء عندهم يخضع للمنطق..

أو يخضع لحتمية العلة والمعلول..

وما يسميه الناس سحرا هو – في حقيقة أمره – سحرٌ لأعينهم..

أو أنهم ارتضوا لأعينهم هذه بأن تُسحر..

أو كما يقول رب العزة في كتابه (سحروا أعين الناس واسترهبوهم)..

بمعنى أنهم منحوا السحرة ذريعةً لخداعهم..

وكذلك من يُدخل إلى قلبه وهم أن تينك العينين من عيون البشر قد سحرتاه..

فيهيء نفسه لمصيبةٍ ما… جراء السحر هذا..

فإن (صادف) أن مرض عزا مرضه هذا فوراً إلى العينين الساحرتين..

وفي الأمثال (اللي يخاف من العفريت يطلع له)..

وهو مثلٌ منطقي إلى حدٍّ بعيد..

فالذي يظن أن ثمة عفريتاً كامناً له في جوف الظلام سوف يظهر له..

أو يظهر ما يظنه عفريتاً..

ونحواً من ذلك حدث – قديماً – لشقيقتي سامية..

فقد حكى صويحبات طفولتها عن شيطان يتبدى في هيئة عنزة..

ثم يجوس – أو تجوس – خلال ديار الحي ليلاً..

ومساء اليوم ذاته أرادت الخروج إلى فناء المنزل لحاجةٍ لها..

فعادت سريعاً وهي تصرخ (غنماية… غنماية)..

وكانت الكهرباء مقطوعة؛ فذهب معها والدنا – عليه الرحمة – وبيده كشاف..

وسلط ضوءه نحو العنزة التي أرعبتها..

فإذا هي دراجة أطفال ثلاثية الإطار؛ تخص شقيقنا الأصغر عماد..

والساحر الروسي راسبوتين كان يسحر بعينيه..

فعيناه كانتا مخيفتين؛ (يسترهب) بهما أعين ضحاياه ممن يؤمنون بالسحر..

وبلغ سحره حتى بلاط قيصر روسيا آنذاك..

سحر زوجة نيقولاي الثاني… فأدخلته القصر… فسحر بقية ساكنيه..

وكانت خاتمة سحره وبالاً عليهم… وعليه..

وكل من يلغي عقله يُجرده من سلاح المنطق؛ ويصير فريسةً للا منطق..

وحتى في مجال السياسة هنالك سحر..

هنالك سحرة فرعون… وقوم فرعون… واسترهابٌ للعقول والعيون..

وكلُّ من يشابه قوم فرعون هؤلاء يضحى بلا عقل..

أو يضحى ذا عقل يسهل سحره… واسترهابه… والتأثير عليه..

ويغدو أسيراً لسحر اللسان… وسحر السطور..

وسحر العيون!!.

صحيفة الصيحة