صلاح الدين عووضة يكتب : فارات!!
عنوان صادم؟..
نعم؛ هو كذلك… وهكذا كتبت – قبل أيام – على صفحتي بالفيس بوك..
وقلت إن القطيع سيجد فرصته اليوم للنيل منا..
سيقولون لماذا تعيب علينا ما تسميها لغة القاع وتستخدمها أنت نفسك؟..
ولهم حقٌ؛ واعتذر عنها اعتذاراً شديداً..
ليس لأنني صاحبها… ولكن لأنني ناقلها… كما نقلتها قناة (الجزيرة مباشر)..
فهي باتت – كحاطب الليل – تنقل من طرف..
وما زلت أذكر أول مرة أسمع فيها المفردة الغريبة هذه؛ وكنا شباباً..
وكان ذلك خلال مأدبة عشاء أقامها زميلٌ لنا..
وعندما هممنا بالمغادرة فقد صديقنا بشير ساعة المعصم الخاصة به..
وطفق يصيح (مين شال ساعتي يا فارات؟)..
ولم يكن قد (شالها) أحدٌ؛ فقد عثر عليها في جيب قميصه… وكان هو الفارة..
ثم لم أسمع بها مرة ثانية إلا أثناء رحلة إلى الخزان..
وكان معي في السيارة نفرٌ من رفاق ديم القنا؛ ووجهتنا جبل الأولياء..
فتجاوزتنا عربة مرسيدس كحلية اللون..
وكان يمكن للتجاوز هذا أن نتجاوزه جميعاً؛ نحن ومن بداخل العربة هذه..
إلا أن الذين هم بداخلها هؤلاء أرادوا خلاف ذلك..
أرادوا افتعال معركة في غير معترك… فلوّحوا بأيديهم نحونا وهم يصيحون..
ومن بين صياحهم هذا التقطنا كلمة فارات..
وكانوا شباباً في مثل أعمارنا؛ إلا أن سيماهم تدل على أنهم (أولاد ذوات)..
وما دروا أنّ من معي بالعربة يعشقون المعارك..
سيما إن كانت معارك مع أبناء أحياءٍ خرطومية راقية؛ لا أحياء الديم..
وتمادى أصحاب المرسيدس في استفزازهم..
فبعد أن تخطونا أوقفوا عربتهم في طريقنا… وترجّلوا منها بقمصانهم المزركشة..
فاضطررت إلى التوقُّف بدوري..
أو بالأحرى؛ اضطررت إلى ذلك استجابة لصراخ من معي بالسيارة..
وهبط منها على الفور ثلاثة منهم..
وصعدت العربة بمقدار نصف متر عن الأرض… مقابل هبوطهم هذا..
وكانت أعينهم تقدح شرراً..
وما أن رأوهم الذين كانوا يتحدوننا حتى رجعوا لعربتهم؛ وانطلقوا كالريح..
وصيحات رفاقي تشيعهم (آه يا فارات)..
ثم حين بلغنا الخزان بحثنا عنهم في مُحيطه – زنقة زنقة – فلم نجدهم..
ولكني وجدت معنى كلمة فارات هذه..
وجدتها بعد سماعي لها مرّتين؛ وأدركت أنها من مفردات قاع المدينة..
وإنه لا يجوز – حياءً – الصعود بها إلى السطح..
وقبل أيام سمعتها للمرة الثالثة؛ ولم يصعد بها قائلها إلى السطح وحسب..
وإنما عبر بها فضاءنا إلى فضاءات الفضائيات..
وتحديداً فضائية (الجزيرة مباشر) وهي تجهل معناها حتماً… ولها العذر..
فأنا نفسي كنت أجهله؛ بدءاً..
أما قائلها – وهو يعلم أن كلامه عابرٌ للحدود – فهو عضوٌ بلجان المُقاومة..
وكان يتحدّث في سياق ندوة لتوحيد قِوى الثورة..
وصفّق الحاضرون – من القطيع – تصفيقاً حارّاً أعجب المتحدث الشاب..
لم يُصفِّقوا له طوال حديثه الممل..
فقط حين نطق بهذه المفردة صفّقوا… وانتشوا… وانتعشوا… وارتعشوا..
فهم يعجبهم ساقط القول..
وهذا ما أعيبه عليهم – دوماً – بصفحتي في الفيس هذه… مطالباً إياهم بالأدب..
أو التزام جانب الأدب في السياسة..
المُهم أن المفردة السوقية هذه لاقت هوىً في دواخلهم؛ أقصد في قاعهم..
المفردة التي هي عنوان خاطرتنا هذه..
فارات!!..
صحيفة الصيحة