عمالة الأطفال في السودان… لا تزال المخاطر قائمة
أشعل فيديو لطفل سوداني ينظم المركبات في أحد مواقف المواصلات مواقع التواصل الاجتماعي، إذ استنكر البعض وجوده في بيئة خطرة كهذه، وأرجع الآخر الأمر إلى الظروف الاقتصادية السيئة، في وقت دفعهم فيه الفقر والجوع إلى مرمى الأعمال الشاقة والخطيرة لسد الحاجة.
تسرب مدرسي
عمالة الأطفال زادت من معدلات التسرب المدرسي، حيث من المعلوم أنهم يذهبون للعمل منذ الصباح الباكر، مما يدفع أغلبهم للخروج من المدارس لتغطية احتياجات الأسرة، المهددة بالفقر المُدقع، في وقت أجبرهم فيه ارتفاع تكاليف الدراسة على عدم مواصلة تعليم أبنائهم، بالتالي اللجوء إلى العمل لسد حاجة الأسرة.
وفي دراسة أجرتها “يونيسف”، أكدت أن “هناك عدداً كبيراً من الأطفال ممن لا يعيشون مع أسرهم، وهو ما يرجع بشكل رئيس إلى النزاع المسلح والنزوح والفقر. ويعيش ما نسبته 82 في المئة فقط من الأطفال في الفئة العمرية 0-17 سنة ضمن بيئة أسرية، بينهم 3.5 في المئة مع أحد الوالدين فقط، إضافة إلى أولئك الذين يعيشون بالشوارع، أو المنخرطين في الجماعات المسلحة، أو المشاركين في عمالة الأطفال مثل مناجم الذهب، أو الذين يعيشون في المؤسسات”.
وتابعت الدراسة، “يشارك ربع الأطفال بالسودان في العمالة، حيث إن نسبتهم أعلى بين الأشد فقراً والريفيين وغير المصحوبين والمنفصلين. وهناك حالات تباين كبيرة بين الولايات (49.4 في المئة شرق دارفور و11.2 في المئة بمنطقة نهر النيل)”.
وقدمت “يونيسف” العام الماضي خطة لانتشال الأطفال من سوء البيئة المحيطة بهم والعمالة الشاقة، ووضعت برنامجاً يتم العمل به الآن للتخفيف من نسب عمالتهم. ويتضمن البرنامج “تنفيذ خطة عمل إعادة دمج المرتبطين منهم بالنزاع المسلح ورصد والإبلاغ عن والاستجابة لانتهاكات حقوق الأطفال في حالات النزاع المسلح، والعدالة للأطفال، بخاصة الحصول على خدمات العدالة وبرامج الإحالة، والتصدي للمسببات الجذرية للهجرة والاتجار”.
أسواق العمل
ينخرط عدد كبير من الأطفال في العمل بالأسواق كبائعين للماء والمشروبات والمستلزمات الصغيرة، وآخرون يعملون كبائعي مناديل ومستلزمات السيارات في الإشارات المرورية وهم أكثر الفئات الذين يتناولون مخدر “السلسيون”، الذي يؤدي الوفاة.
وأوضحت دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية أن “ما بين 25 و90 في المئة من أطفال الشارع يستعملون المواد المخدرة من نوع أو آخر، أبرزها السلسيون والتمباك والسجائر والهيروين والحشيش.
تقول الباحثة الاجتماعية سلمى آدم، إن “الخطر الذي يحيط بالأطفال العاملين أكبر مما يتخيله المجتمع، حيث إن هناك دراسات كثيرة أجريت بواسطة متخصصين أوضحت أن هؤلاء الأطفال يتعرضون للابتزاز والاتجار، إضافة لانفصال أغلبهم عن ذويهم وإحساسهم بالضياع واختيار الشارع كمكان أساسي لمواصلة حياتهم، مع فقدانهم فرصة التعليم، وعملهم في مهن شاقة ومرهقة وخطرة”.
وعن الحلول التي يجب أن تقدم لانتشالهم من هذا المستنقع تقول آدم، “فتح دور إيواء أول وأهم خطوة لانتشال هؤلاء الأطفال، حتى وإن كان لديهم أسر ووالدان، لأن رجوعهم للمنزل آخر اليوم ليس بحل، طالما أنهم اعتادوا العمل، ولأن بعضهم يتم دفعهم للعمل قسراً، بسبب سوء الأحوال الاقتصادية”. وتابعت، “أيضاً يجب توفير فرص تعليم لأطفال الأسر الفقيرة وتوفير الغذاء لهم، وتنظيم دورات توعوية لذويهم”.
زيادة مرتقبة
من جانبه، يرى المتخصص الاقتصادي محمد خالد، أن “الأزمة الاقتصادية فرضت على الأطفال العمل في مهن شاقة وصعبة، وأدت إلى تغيبهم عن الدراسة وضياع مستقبلهم. ومع استمرار الأزمة الاقتصادية بالبلاد ربما تتزايد أعداد الأسر تحت خط الفقر مما يؤدى إلى ارتفاع أعداد الأطفال العاملين”. وعن الحلول اعتبر أن “المنظمات الطوعية يمكن أن تحل نصف الأزمة بالتعاون مع جهات خيرية لأن الدولة تعاني مشكلات اقتصادية كبيرة”.
اسراء الشاهر
إندبندنت عربية