الطاهر ساتي

الطاهر ساتي يكتب.. الجدار العازل …!!


إليكم………..الطاهر ساتي
:: (العزبة والجغب)، من المناطق التي تستهدفها الشرطة بالحملات لمنع وكشف الجرائم والمظاهر السالبة.. ويُقال إن هناك مناطق مأهولة بالسكان في العراق وأفغانستان كانت ساحة تدريب لسلاح الطيران الأمريكي، حيث كان يتدرب فيها المجندون ويتعلموا على نسائها وأطفالها وشيوخها فنون القصف.. وهكذا تقريباً حال أحياء بالخرطوم، ومنها (العزبة والجغب)، تكاد أن تصبح مناطق لتدريب الجنود على الحملات، وليتعلموا في سكانها فنون المداهمة..!!
:: (العزبة والجغب)، وغيرها من المناطق – المستهدفة بالحملات على مدار العام – لا تختلف كثيراً عن (الحي رقم 13).. (الحي 13)، جردته حكومة فرنسا من الخدمات، وعزلته عن بقية أحياء باريس بالجدار الخرصاني والأسلاك الشائكة والمزودة بالتيار الكهربائي.. وعند مدخل الحي شرطة تراجع أوراق دخول وخروج المارة والسيارة.. فالداخل إلى هذا الحي مفقود والخارج منه مولود.. يضج بالمخدرات، الرذيلة، السلاح، الخمور، الميسر، و.. و.. ليس فيها من القوانين غير تعليمات المافيا..!!
:: وفي ذات عام، فكرت مراكز فساد بالحكومة في التخلص من (الحي 13).. وسربت قنبلة موقوتة، لتسرقها إحدى عصابات الحي، ثم تنفجر هناك وتقضي على سكان الحي، وبهذا توفر مراكز الفساد ميزانية حماية أحياء باريس من مخاطر الحي، ثم تبيع أرض الحي للمستثمرين، هكذا كانت الخطة.. ولكن نجح أحد شباب الحي وشرطي مخلص في كشف خطة الفاسدين، وبعد معارك شرسة نجحا في تعطيل القنبلة المسروقة قبل الانفجار بثوانٍ، ثم تقديم الفاسدين إلى العدالة.. وتعاونا في إلزام الحكومة بتنمية الحي، بحيث صار حياً راقياً بلا جرائم أو(جدار عازل)..!!
:: (الحي 13)، من روائع السينما الفرنسية التي تعكس صراع الخير والشر.. عندما تشاهد هذا الفيلم ترى في تفاصيله حياة سكان (العزبة والجغب)، وغيرها من المناطق المعزولة بالخرطوم.. والعزل هنا ليس بالجدار كما (الحي 13)، بل عدم التخطيط وخلوها من الخدمات.. نعم، فالعامل المشترك بين المناطق الضاجة بالتخلف والجريمة هو تجاهل وجودها.. وكثيراً ما ناشدنا، ولكن لا حياة لمن تناشد.. ليست بالشرطة وحدها تكافح الأنظمة الحوادث والجرائم، بل بالتنمية البشرية التي تتكئ على قاعدتي (التخطيط الجيد) و(التنفيذ الأجود)..!!
:: وغير (العزبة والجغب)، هناك أحياء أخرى (معزولة أيضاً)، بكل مدن السودان.. وليس في القوم من يسأل، كيف حال سكان هذه الأحياء، وكيف يجب أن يكون؟.. وكيف حال خدماتهم، وكيف يجب أن تكون؟.. وما هي مصادر رزقهم، وكيف يمكن تحسينها بحيث لا تكون الخمر والرذيلة والمخدرات والسرقات هي (مهن الحي)؟.. وكم نسبة تسرب صغارهم من مدارس الحي (إن وجدت)، وكيف يجب تقزيم النسبة بحيث لا يرث الأطفال تلك المهن؟.. و..و.. هذا ما يسمى بالدراسة التي تسبق التخطيط والتنظيم والتنمية.. و.. نحن ننفخ في الرماد..!!

صحيفة الصيحة