حيدر المكاشفي يكتب: يا ثوار ديسمبر لا تسلموا ذقونكم لأحد
مقولة الزعيم اسماعيل الأزهري (السوداني لا يسلم لحيته لأي أحد)، التي كان الأزهري رحمه الله قالها ردا على صحافي مصري رافق الزعيم الى محل حلاق ، الصحافي سأل الزعيم لماذا لم تترك الحلاق الذي قص لك شعرك أن يحلق لك لحيتك أيضاً بدلاً من أن تقوم الى المرآة وتحلقها أنت بنفسك وفي صالون الحلاق نفسه بل وبأدواته كذلك، والأزهري بمقولته تلك كان يرمز لعزة السوداني واستقلاله بقراره، ومن جهة أخرى كان يعلن من طرف خفي عن توجه النخبة السودانية إلى الاستقلال وقتها، رغم كل ما يربط مصر بالسودان من مصالح وتاريخ.. ومقولة الأزهري كان قد سبقه عليها تشرشل رئيس وزراء بريطانيا ابان الحرب العالمية الثانية، وكان تشرشل سئل لماذا لا تحلق لحيتك، فأجاب(عندما تكون زعيما لأمة لا تسلم ذقنك لأحد) وعطفا على ذكر اللحى والدقون نقول أن الدقون بالمصطلح السوداني أشكال شتى وخشوم بيوت، ليس من حيث الشكل فقط بل والأهم من حيث المضمون.. هناك دقون ذات رمزيات ودلالات إيمانية صادقة وخالصة لوجه الله والوطن، وهناك على النقيض منها دقون ضلالية لم يستنبتها مربوها ومطلقوها إلا لدنيا يصيبونها بممارسة التضليل والخداع على الناس، وعن هذه الشاكلة الأخيرة من الدقون ثبت تماما إن الفساد والانحراف قد انتشر واستشرى في عهد أصحاب مربو الدقون من النوع الضلالي، اذ أن هذا الفساد الذي انتشر بشكل غير مسبوق لم ينتشر إلا في زمن انتشار النفاق وكثرة استنبات وتربية الدقون التي برع الشعب السوداني في السخرية منها، فسمى بعضها (من أجل أبنائي) وبعضها (دعوني أعيش) وهلمجرا من دقون انتشرت في عهد ما بعد (الفتح) الكيزاني، حتى استحقت قول الشاعر العربي (ألا ليت اللحى كانت حشيشا فتعلفها خيول المسلمين)، ثم مضى الكذب والنفاق والفساد والانحراف أشواطا بعيدة مع مضي سنوات الحكم الشمولي القابض، فزادت الدقون تعشعشا والكروش تكرشا والأوداج انتفاخا، بما يذكر بمقولة المناضل الجسور مدثر البوشي (يا هند قولي أو أجيزي، رجال الشرع صارت كالمعيز، ألا ليت اللحى صارت حشيشا فتعلفها خيول الإنجليز)، ومما قيل في الدقون من مقولات وأمثال كثير، منها (إشيل من الدقن ويخت على الشنب)، وتقال فيمن يصلح شيئا بإفساد غيره، ومنها واحد شايل دقنه والثاني تعبان منها)، ويقال عندما يتدخل أحدهم في شؤون الآخرين، ويحشر نفسه دون مبرر في أمورهم الخاصة، وهم بذلك يقولون له ما الذي يعنيك من أمرنا، ولماذا تحشر نفسك في ما لا يعنيك من شؤوننا..ويا ثوار سبتمبر أبريل لا تسلموا ذقونكم لأحد..
صحيفة الجريدة