بعد رفع الطوارئ .. التسوية متاريس في الطريق
رحب وزير الصناعة في حكومة ما قبل الانقلاب، إبراهيم الشيخ، بقرار رئيس مجلس السيادة القاضي برفع الطوارئ، واعتبره بمثابة فتح أفق للحل السياسي الشامل، ويجب على قوى الحرية والتغيير ‘التقاط القفاز . تصريحات الشيخ سرعان ما تداولها البعض في سياق كونها تمهيد التربة من أجل زراعة تسوية جديدة، يعضد من ذلك موقف حزب الأمة الذي اعتبر رفع الطوارئ بمثابة تحية عسكرية تستحق الرد عليها بتحية أحسن منها.
ترحيب دولي
الخطوة التي اتخذها رئيس مجلس السيادة بعد توصية من مجلس الدفاع برفع الطوارئ، بعد سبعة أشهر من قرارات إصلاح المسار. وجدت ترحيباً من قبل المجتمع الدولي والإقليمي، حيث تتابعت البيانات التي تشيد بها، وتعتبرها خطوة في الطريق الصحيح، حيث اعتبرها ورقني قبيلة الأمين العام لإيقاد بمثابة خطوة إيجابية من أجل خلق بيئة مواتية لمحادثات شاملة بين الأطراف السودانية، وحث أصحاب المصلحة من شباب ومنظمات مجتمع مدني وأحزاب سياسية وقوى اجتماعية أخرى تقديم الدعم والمشاركة الفاعلة في المبادرة الثلاثية للاتحاد الأفريقي وإيقاد والأمم المتحدة من أجل استعادة النظام الدستوري والديمقراطية، ورحبت في المقابل دول الترويكا بقرار رئيس مجلس السيادة، متوقعة أن يلعب دوراً إيجابياً في تهيئة البيئة السياسية في البلاد، مما يقود بدوره لاستعادة النظام الدستوري وفقاً للمبادرة الثلاثية.
الالتزام بالجدول
لكن ولمعرفة الموقف الذي اتخذته لجان المقاومة التي يخطب الجميع ودها بسبب التأثير الكبير لمنسوبيها على الأحداث في البلاد، فإن تصريح للناطق الرسمي باسم لجان المقاومة، طه عواض، لموقع “الترا سودان” يضع النقاط على الحروف، ويؤكد استمرار لجان المقاومة في الحراك المناهض لإجراءات الـ(25) من أكتوبر. وعزا عواض قرارات رئيس مجلس السيادة الانتقالي للضغط الممارس عليه من المجتمع الدولي بسبب اقتراب المهلة الزمنية لإرجاع السُلطة لحكومة مدنية، وأكمل عواض في تصريحه لـ”الترا سودان”: “تعتبر الفترة المقبلة حاسمة في تاريخ السودان لاحتوائها على خيارين، تسليم السلطة لحكومة مدنية ديمقراطية أو العودة إلى دائرة العقوبات السابقة وتدهور الوضع الاقتصادي إلى ما هو أسوأ مما هو عليه”. وجدد عواض موقف لجان المقاومة الماضي في إسقاط الانقلاب العسكري الرافض للمفاوضة والشراكة مع المجلس العسكري، مؤكدًا على استمرار الحراك الذي تقوده لجان المقاومة في الشارع وفق الجداول المعلنة. إذن الالتزام بلاءات الرفض هو موقف اللجان دون تغيير.
مظاهرة أمدرمان
تظاهر المئات من الشباب في شارع الأربعين وانطلق الموكب من محطة الشهيد الروسي الفتيحاب ويأتي استجابة لما أعلنته تنسيقيات لجان مقاومة ولاية الخرطوم، ضمن الحراك الأسبوعي لمناهضة الحكم العسكري، وبعد ساعات من إعلان مجلس السيادة الانتقالي، إلغاء حالة الطوارئ، والإفراج عن عشرات المعتقلين. واستخدمت قوات الشرطة الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين وهو ذات ما حدث في بري التي وجدت نفسها مضطرة لصد هجمات القوات النظامية، بحسب ما نقل شهود عيان من هناك، لكن مشهد آخر عبر عن حراك اللجان بعد يوم من إعلان رفع حالة الطوارئ، وهو مشهد استقبالهم المعتقلين المطلق سراحهم من سجن بورتسودان، وردد المستقبلون ذات هتافات رفض استمرار الانقلاب أو منحه شرعية بواسطة قوى سياسية محلية أو حتى فرض التسوية من قبل المجتمع الدولي وعبر الآلية الثلاثية.
ليس بعد
في بيان يؤكد محامو الطوارئ على استمرارهم في العمل رغم إعلان رئيس مجلس السيادة قراره بإلغاء الطوارئ، وتبرر ذلك بأنها لا تثق في التزام الحكومة بما أعلنته مسبقاً، وأن الأخيرة ستستمر في ممارسة القمع من أجل تثبيت أركان الانقلاب، وما أكد على ذلك أن محامي الطوارئ في الكلاكلة نفذوا وقفة احتجاج على عدم التزام رئيس القسم بقرارات النيابة، كما أن عملية إطلاق سراح المعتقلين كشفت في المقابل عن تجاوزات في بعض السجون التي لم تلتزم بقرارات إطلاق السراح، تحت مبررات أنه لم يصلها مكتوب يؤكد على هذا الأمر، مثلما حدث في ولاية النيل الأبيض، وفي منطقة الجزيرة أبا، وهو الأمر الذي يؤكد على فرضية أن قرار رفع الطوارئ لم يتم بحذافيره، كما أن معظم الذين أعلنوا ترحيبهم بالقرار سرعان ما استدركوا مطالبين بضرورة أن تتبعه قرارات أخرى تتعلق بالتحديد القاطع لأدوار القوات النظامية في حقبة ما بعد إنهاء الطوارئ، وأن كل التصرفات التي أعقبت إعلان قرار الرفع لم يتغير فيها شيء عن ما قبل قرار الرفع؛ مما يؤكد أن ما يحدث لا يعدو سوى كونه محاولة لشرعنة الانقلاب والحصول على الدعم الدولي.
ويسألونك عن التسوية
في الإجابة على مستقبل التسوية على هدي قرار رئيس مجلس السيادة برفع الطوارئ مقروناً ذلك بالطبع بالبيانات المتتابعة لقوى سياسية وقوى المجتمع الدولي التي أعلنت ترحيبها بالقرارات الجديدة التي يمكن أن تضع البلاد في الطريق الصحيح نحو الوفاق، لكن الطريق أيضاً لا يبدو ممهداً لتحقيق ذلك، فقد أصدرت قوى الحرية والتغيير ــ (الوفاق الوطني) بياناً أعلنت فيه رفضها لاستمرار الاشتراطات المسبقة من قوى سياسية أخرى للجلوس في طاولة الحوار، وبيان قوى الوفاق يستهدف بشكل مباشر قوى الحرية والتغيير ــ (المجلس المركزي)، التي أصدرت بياناً أشاد بخطوة رفع الطوارئ لكنه استدرك بأن عملية تهيئة البيئة للحوار ما تزال تحتاج للمزيد من العمل، وهو البيان الذي يمكن من خلاله رؤية أن عملية التسوية لا تزال بعيدة في الوقت الراهن، وإن قال دعاة التغيير الجذري بغير ذلك في ثنايا هجومهم على من يطلقون عليهم الراغبون في اعادة تجربة الشراكة بفشلها مرة أخرى.
لا تفاوض
قال الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر السوداني، نور الدين بابكر، رفضهم للتفاوض المباشر مع المكون العسكري، ولا يزال الحزب الشيوعي في موقف رفضه القديم لأي تفاوض أو إعادة سيناريو الشراكة من جديد، وأنه يدعم خيارات الشارع في ضرورة إعادة التأسيس للثورة، لكن قد لا تبدو الأزمة هنا وإنما في المواقف المتباينة من رئيس البعثة الأممية لدعم الانتقال في السودان (يونتامس)، فولكر بيرتس، الذي ينتظر غداً مسيرة تقودها المجموعات الإسلامية، وهي تطالب بطرد الرجل من البلاد قطعاً للطريق أمام التدخلات الأجنبية، بينما نصحه الشيوعي بضرورة أن يفصل مبادرته عن حراك المبعوث الأفريقي ولد لباد، بينما من الشرق يردد قائد مجلس نظارات البجا، ترك، بأنهم سيغلقون الشرق ما لم يتوقف فولكر عن سياساته الإقصائية، وإن تجاوزت كل ذلك للوقوف في محطة لجان المقاومة ورؤيتها للتسوية، فإن أحد الشباب في شوارع الاحتجاج وساعة استنشاقه البمبان، يقول أنا موافق على التسوية بشرط أن توقع عليها الشهيدة ست النفور.
الخرطوم: الزين عثمان
صحيفة السوداني