صلاح الدين عووضة يكتب : حليلو!!
وماتت هولة..
وهي من بلدة تجاور بلدتنا؛ وننتزع حكايتها هذه من بين براثن الماضي السحيق..
فما كانت تحب أحداً… ولا يحبها أحد..
فقد كانت صعبة… شرسة… عدوانية؛ ولكنا نستثني واحداً فقط أحبته بجنون..
والواحد هذا صار زوجها… ثم صار قتيلها..
فمن الحب ما قتل؛ عشقته بسبب حاجة فيه… والحاجة هذه هي عيناه؛ هكذا قالت..
مع أن عينيه كانتا عاديتين..
وليستا من شاكلة التي غنى لهما حليم:
بتلوموني ليه؟… لو شفتم عينيه… حلوين قد إيه..
ح تقولوا انشغالي… وسهد الليالي مش كتير عليه..
المهم إنه مات جراء ضربات مطارق غيرتها… وهي – كما ذكرنا – كانت قاسية..
فناحت عليه بعبارة: هليل… يا هليل… يا هسن..
وربما كان حسن هذا – في ذاك الأثناء – أغمض عينيه اللتين أحبتهما وهو مرتاح..
ارتاح منها… ومن غيرتها… ومن قسوتها..
ومفردة حليل هذه – أو كما نطقها لسان هولة النوبي هليل – لا أعلم مصدرها..
فقط أعلم أنها تدل على شدة الحنين..
الحنين تجاه شخص فيه حاجة يهواها الصارخ – أو الهامس – بكلمة حليل هذه..
حتى الخواجية قريزيلدا نطقت بها..
همهمت وهي تطوف بقبره: يا هليلو… ثم ما لبثت أن باتت هي نفسها يا هليلها..
فقد أحبت زوجها عبد الله الطيب… بسبب حاجة فيه..
والحاجة هذه هي سنونه… هكذا درجت على أن تقول… وكان حباً من أول نظرة..
سيما حين يبتسم… تقول هذا ثم تبتسم..
وامرأة من بلدنا كانت تحب نميري بسبب حاجة فيه… ثم تذكر هذه الحاجة بفخر..
وهي وثبته من على ظهر عربة مكشوفة..
أو إلى ظهر العربة… وكانت أغرب حاجة… لأغرب حب… وحب الناس مذاهب..
فهل إن لم يكن يثب – وينط – لما كانت أحبته؟..
وعبد الناصر – وفقاً لاعترافاتٍ أنثوية – صار محبوب النساء بسبب حاجة فيه..
والحاجة هذه هي الطول… الطلة… الهيبة..
ولا نعلم شيئاً عن رؤساء آخرين يفتقرون إلى حاجة فيهم كالتي لدى ناصر هذا..
وعلى سبيل المثال بوتن روسيا..
فربما كان لهم مُعجبات أيضاً بسبب حاجة فيهم لا نعلمها… من منظور ذكوري..
فالمرأة عندها حاجات فيها تعلمها وحدها..
وقد لا يعلمها حتى المعشوق… كما لم يعلم عبد الله الطيب – حتماً – بجمال أسنانه..
كما لم يدر زوج هولة كيف أن عينيه حلوين أد إيه..
فقد تعشقك أنت – عزيزي القارئ – واحدة بسبب أنامل لديك لا تُلقي لها بالاً..
ولكن الواحدة هذه تراها أنامل موسيقيين..
أو بسبب نكشة شعرك… أو بسبب مشيتك المتأنية… أو حتى بسبب بحة صوتك..
بسبب أي حاجة… قد تتوافر فيها شروط حاجة فيك..
أما إن كانت أسنانك مثل سنون عبد الله الطيب فلا تبدد فرصة أن تحظى بأجنبية..
فهن أكثر تقديراً للأسنان من السودانيات..
وحين تهواك بسببها تهوى من أجلك بلدك… وأكلات بلدك… ولغة بلدك..
وحين تموت تنعيك باكية:
يا هليلو!!.
صحيفة الصيحة