زيادة الرسوم والضرائب .. جبايات حكومية تستهدف (جيب) المواطن
لم تكن له وسيلة دخل غير (كنتينه) الذي يتوسط ذاك الحي الشعبي ، زوجته (م) كانت تبادله المناوبة في البيع للزبائن عند منتصف الظهيرة حين يذهب زوجها خارج الحي لشراء بعض المستلزمات خاصته ، أو عندما يخرج معزياً أو مهنئاً ، وضعه المالي البسيط تفضحه أصناف بضاعته المعروضة على الأرفف على قلتها، كثير من جيرانه إعتادوا أن يتناولوا معه وجبة الفطور أو قهوة الظهيرة هنالك ، لم يتغيب عادل حتى في يوم الجمعة عن محله التجاري ، أبواب دكانه المشرعة تلك دون سابق إنذار تم إغلاقها من قبل المحلية بحجة عدم إلتزامه أو عدم قدرته في سداد رسوم التراخيص التجارية المتراكمة ، هو لم يحدث أحداً من اصدقائه عن قرار الإغلاق، زوجته هي من سربت خبر إعساره ، ديون زبائنه المتراكمة في أضابير (دفاتر الجرورة) كانت كافية لسداد قيمة الرسم ولكنه لم يفعل لطالما أنه وطوال عمله لم يطالب أحداً بسداد ماعليه من ديون ولم يصد زبوناً، وعليه كان لزاماً على البعض رد الجميل عرفاناً له ، تبرعات المقربين من الأصدقاء والأهل فتحت باب (الكنتين) الذي هو أشبه بدكان البصير.!
نار جهنم
..وحكومة الإنقلابيين التي فشلت في فك الضائقة الاقتصادية على المواطن لم تجد مورداً غير جيب المواطن وإستقطاب الأموال بفرض الرسوم والجبايات على المحال التجارية والتي تشمل حتى عمل (الدرداقات) داخل ملجة الخضار، ورسوم المحليات التي طالت كل الأنشطة التجارية لم تستثني حتى ستات الشاي من رسوم كارت صحي ورسوم نفايات ، وعليه أصبحت حكومة الإنقلابيين كما جزم أحد المواطنين بأنها أصبحت أشبه ب (نار جهنم) التي كلما سألها خزنتها هل إمتلأتي ،تقول هل من مزيد ..؟
الدولار الجمركي
في خطوة وصفها مستوردون بالكارثية عدلت وزارة المالية سعر الدولار الجمركي من 430 جنيهًا إلى 445 جنيهًا ولعل خطوة تعديل سعر الدولار الجمركي جاءت لتغطية العجز الكبير في الإيرادات الجمركية التي قدرت بنحو 70 %،وفي مارس من العام الماضي أعلنت الحكومة الانتقالية عن زيادة الدولار الجمركي من 15 جنيهاً إلى 20 جنيهاً، بنسبة 33 بالمائة، لتعلن الحكومة في يوليو من ذات العام الغاء سعر الصرف الجمركي المستخدم في حساب رسوم الاستيراد، حيث اعتمدت الجمارك سعر 430 جنيهاً للدولار الجمركي تزامناً مع ارتفاع سعر الجنيه بالسوق بالموازي عن 438 جنيهاً، وتعد الخطوة الأخيرة وفقاً لمراقبين خطوة من أجل تخفيض قيمة العملة المحلية.
وتمثل أيضاً الخطوة الرئيسة في برنامج إصلاح متسارع يراقبه صندوق النقد الدولي يعكف السودان على تنفيذه من أجل الحصول على تخفيف لعبء ديونه وجذب تمويل جديد.
زيادة في رسوم التراخيص التجارية
جأر تجار وأصحاب محال تجارية بالشكوى من الزيادة التي فرضتها المحليات على المحال التجارية والتي بلغت نسبة 40% مقارنة بالعام الماضي، وأوضح أصحاب محال تجارية بالخرطوم شرق أن المحلية وخلال ثلاثة أعوام ضاعفت رسوم التراخيص بمتوالية هندسية مما أجبر عشرات التجار الى ترك المهنة والبحث عن مصادر رزق أخرى، وقال أسامة عبد الفتاح في افادته لـ”الجريدة” ان المحلية فرضت مبلغ 70 ألف جنيه رسوم تصديق لمحله دون أن تقدم له اية خدمات حتى ولو (كيس نفايات)، وأوضح أن الوضع الاقتصادي أصبح طارداً وأن على الدولة أن تعيد النظر في الزيادات التي ظلت تلاحق التجار لجهة أن اية زيادة يدفع فاتورتها المواطن سواء كان ذلك من خلال فاتورة الكهرباء أو تعرفة المواصلات ، ومضى أسامة بقوله ان كل مايتم كسبه من أموال تأخذه الحكومة من خلال تلك الجبايات دون مراعاة للحالة الاقتصادية المتردية التي يعاني منها أغلب الشعب السوداني، وأردف: ما يتم دفعه للحكومة يأخذه التاجر من جيب المواطن من خلال فرض زيادة لتحقيق الأرباح .
ملاحقة المحليات
وفي ذات المنحى أبدى عبدالله سراج الدين إمتعاضه من ملاحقة سلطات المحلية لصغار المستثمرين بفرض رسوم سنوية على المواقع التجارية الصغيرة من أكشاك وكناتين عطفاً على رسوم النفايات وخلافه من عمليات التحايل التي ظلت تستهدف بها المحليات كل من يبحث عن رزقه الحلال بالأسواق ،وقال هذا يكشف عن أن الدولة تتكسب من جيب المواطن دون ان تدفع له مقابل ذلك خدمة، وأوضح أن كل الأسواق تعاني من تدفق مياه الصرف الصحي فضلاً عن تراكم الأوساخ ،وتساءل سراج الدين قائلاً: متى تقوم الحكومة بدورها وتؤدي واجبها حتى يسارع المواطن بدفع ما عليه من رسوم واجبة السداد برضا وقناعة تأمتين منه ؟
جبايات ورسوم
وبالمقابل أرجع د.محمد الناير المحلل الاقتصادي زيادة الرسوم والجبايات في الاونة الاخيرة الى الفهم الخاطئ وعدم التعاطي مع موازنة العام وفق النهج الصحيح لتنفيذ الموازنة التي يفترض أن تعتمد على الموارد الذاتية برفع معدلات الانتاج والإنتاجية وقال الناير في تصريحات لـ”الجريدة” أن زيادة الرسوم التي تم فرضها هذا العام من قبل وزارة المالية لم تحدث في تاريخ السودان ،وأردف: الحكومة ومن خلال تلك الرسوم يبدو انها تسعى لتحقيق الموازنة من جيب المواطن وليس من موارد البلد الذاتية كما كومة أخطأت جاء في حديث الجهات المسؤولة ، ومضى أن الحكومة أخطأت منذ أن اصدرت قرارات تلك الخاصة برفع الدعم عن المحروقات بجانب الزيادات التي فرضتها على الوقود ،وأردف: كل تلك الزيادات انعكست سلباً على معاش المواطن ،كما انها رفعت من معدلات البطالة وتمددت معها نسبة الفقر بين المواطنين ،ونوه الناير الى ضرورة أن تسعى الدولة الى الإستفادة من الموارد الذاتية للبلاد مع ضرورة إعادة النظر في سعر الدولار الجمركي من أجل تشجيع المستثمرين في القطاع الخاص ،وأوضح بهذه الكيفية يمكن أن ترفع الدولة المعاناة عن كاهل المواطن وإلا أن نسبة البطالة سترتفع لجهة أن الأجور والرواتب غير كافية وأن السوق سيصبح في تناسب طردي مع الرواتب ،كلما زادت الأجور كلما ارتفعت أسعار السلع.
ضرائب تعجيزية
كشف تجار ومستوردون عن أن وزارة المالية رفعت الضريبة على القطاع الصناعي بنسبة وصفت بالتعجيزية، ورأى مراقبون ان الزيادات الضريبية ستؤثر على الاقتصاد ليصبح السودان من أغلى الدول في العالم “ما يتناقض مع فرضية الوصول إلى استقرار اقتصادي بعد هذه الإجراءات، بل ستتسع دولة الجباية لتزيد المواطن فقراً، وأردف: محي الدين الهادي الاستاذ الأكاديمي أن الضرائب ستحدد حلقة الإنتاج لتقتصر على الأقلية، وسط هروب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، كما ستحيل ما تبقى من المستثمرين إلى التهرب الضريبي، والعمل في الخفاء بالإضافة الى زيادة التهريب والفساد ، ونوه جازماً أن كافة الأعمال مهددة بالتوقف دون أن تقدم الحكومة أي خدمات للمواطن، ما يزيد صرف العمال ويرفع معدلات الفقر وقال إن الوضع الحالي ينذر بالخطر ، إذ لا يعقل لحكومة تنشط في الجبايات وتفشل في تقديم الخدمات الضرورية للمواطن، وكانت وزارة المالية قد حددت في موازنة العام 2022 الإيرادات الضريبية بحوالي 1,943 مليار جنيه بنسبة زيادة 145 في المائة عن موازنة العام الماضي، وتمثل الايرادات الضريبية حوالي 58 في المائة من إجمالي الإيرادات.
تحقيقات : عبدالرحمن حنين
صحيفة الجريدة