هل يكون اليوم سدرة المنتهى؟
هل يكون اليوم سدرة المنتهى؟
(30) يونيو.. السيناريو الأسوأ
لم يستبعد نائب رئيس المجلس السيادي الفريق محمد حمدان دقلو، أن يكون السيناريو الذي يحدث في دارفور جزءاً مما يحدث في الخرطوم، ويقول: إن ما يحدث في دارفور من تخريب متعمَّد ليس ببعيد عما يحدث في الخرطوم, وتابع :(كثير ما يجري هنا تديره نفس الغرف التي تعبث بالمشهد هناك ويسعى هؤلاء خلف مصالحهم الذاتية الضيِّقة).
سيناريوهات متعدِّدة
ونسجت حول ذلك عديد من القوى السياسية سيناريوهات متعدِّدة ومختلفة, ولكن الأسوأ فيها أن يشتبك الشعب مع بعضه البعض في سيناريو أشبه بالحرب الأهلية ويحدث اغتيالات وقتل بين الناس. وهذا المشهد ليس ببعيد عن ذهنية بعض القوى السياسية التي أصابها ضمور التفكير وانسداد الأفق ولم تجد في ذلك سوى تطبيق شعار (أما فيها وأما نطفيها).
يوماً عادياً
ورغم أن الأمين العام لقوى الحرية والتغيير(مجموعة الميثاق) مبارك عبد الرحمن أردول، يقول عن المشهد في (30) يونيو، المقبل، بأنه سيكون يوماً عادياً وربما احتفالياً وسيمر مثل (6) أبريل و(3) يونيو, ولن يحدث جديد، معرباً عن أمله أن يمر هذا اليوم دون سقوط ضحايا. بالتالي فإن أردول في حديثه ضمناً لا يستبعد سقوط ضحايا, وذكر في حوار مع السوداني إن ظروف نجاح (30) يونيو 2019م، ليست هي الظروف الحالية، وحتى موكب (30) يونيو 2019م، لم يكن لإسقاط المجلس العسكري وإنما لدعم الموقف التفاوضي، وأكد أردول أن مجموعة ما وصفها بـ(4 طويلة) لا تمتلك الشارع ولا تملك القدرة على تحريكه، وتابع بالقول: معركتنا معها ظلت في مكانها وموقفنا منها أيضاً.
سدرة المنتهى
ولكن نظرت بعض القوى السياسية لـ(30) يونيو، المقبل، بمنظار مختلف من حيث المشهد، ويبدو أن الحزب الشيوعي متفائل بحدوث تغيير في هذا اليوم، حيث قالت عضو اللجنة المركزية للحزب آمال الزين: إن (30) يونيو، المقبل، ستعبِّر فيه جماهير الثورة عن رفضها للتسوية بكل مسمياتها سواءً أكانت تحت مسمى العملية السياسية أو أي اسم آخر، وشدَّدت على أن هذا اليوم سيكون فاصلاً بينهم وحكم الكيزان والعسكر والشراكة معهم وستوضح الفرق الشاسع ما بين قوى الهبوط الناعم وقوى التغيير الجذري، وجزمت بأن هذا اليوم سيشهد حشوداً غير مسبوقة وسيحدث تغييراً بشكل أو بآخر في الشارع السياسي السوداني لجهة أنها ستكون خطوة كبيرة تجاه التغيير باستخدام أدوات التغيير بالإضراب السياسي والعصيان المدني، وراهنت على الشارع باعتباره هو القائد والمنتصر، وقالت: لن يكون هذا اليوم سدرة المنتهى.
سيناريو أسوأ
السيناريو الأسوأ ليس ببعيد عن تلك الضبطيات التي انتهت في يد الدعم السريع بميناء سوكن، حيث أحبطت كمية كبيرة من الذخيرة بمرسى الجزيئات بمنطقة جنوب ميناء هيدوب في الساحل الجنوبي لميناء سواكن، وشملت المضبوطات قذائف (ار بي جي) ودانات هاون. تلك الكمية بالضرورة موجه ضد خلق سيناريو أسوأ في المشهد السوداني سواءً أكان في يوم (30) يونيو، أو ما بعده، ولم يستبعد مصدر أمني لـ(الصيحة) الحملات التي شنتها الجهات الأمنية والتي أسفرت عن ضبط خلايا تخطط لعمليات في (30) يونيو، وبالتالي فإن من المرجح وقوع أحداث دموية، ولكن كما قال: لن تغيِّر في المشهد العام الجاري في الساحة، وأضاف المصدر الأمني: إن المشهد لا يعدو أن يكون (هوشة) كبيرة لأحزاب تعبِّر عن رفضها للمكوِّن العسكري وتريد التغيير ولو على أجساد الآخرين، وبالتالي ليس ببعيد أن تشارك كوادر تلك الأحزاب في عمليات اغتيالات أو تخريب لمؤسسات حكومية. وأكد المصدر أن المؤسسة العسكرية لن تترك الحبل على القارب وترى أن هنالك مهدِّداً يمس الأمن القومي للدولة، وسوف تحسم أي مظهر من مظاهر الانفلات حتى ولو استخدمت في ذلك القوة.
لحظة انقسام
البعض يبدو مطمئناً للمشهد في (30) يونيو، المقبل، ولا يرى في ذلك سوى انعكاس وتعبير من مكوِّنات سياسية تجاه الأزمة. ويرى المحلِّل الأمني والعسكري اللواء عبد الرحمن أرباب، أن في يوم الـ(30) سوف يفرغ الناس غضبهم ويعودوا لمواقعهم بسبب أن المجتمع السياسي كله غير متفق ويعيش لحظة انقسام وكل حزب يعمل لوحده. وقال لـ(الصيحة): صحيح أن ما يجمعهم الغضب العام، ولكن ليس لديهم استراتيجية لما بعد استلامهم للحكم، وماذا يفعلون؟ ومن الذي يستلم؟ وبالتالي الجيش لا يمكن تسليمهم الحكم في هذا الظرف, ومن يسلم؟ وتوقع أن يكون اليوم صاخب وكل غاضب يعبِّر عن غضبه ثم يعود لسكنه.
عقلاء وحكماء
وقال أرباب: لا أعتقد أن يحدث في هذا اليوم سيناريو أسوأ مثلما قلت, هنالك عقلاء لن يسمحوا بحدوث ذلك, ولن تصل الأمور مرحلة الاغتيالات أو الحرب الأهلية, وتوقع أن يحدث تراشق أو يحدث موت للبعض، ولكن لن تصل مرحلة الصدام بين المواطنين مهما كان. وأضاف: هنالك عقلاء في المجتمع وحكماء بينهم لن يسمحوا بذلك, وتلك الأحداث تُقدَّر في لحظتها.
امتداد طبيعي
ويقول المحلَّل السياسي عبد الله آدم خاطر: ما يحدث في (30) هو امتداد طبيعي لما ظل يحدث منذ (30) يونيو، 79 _ 89 رفض الحالة الانقلابية سواءً بالمقاومة الصامتة أو المقاومة الفكرية أو المقاومة الثقافية والإعلامية أو بالمقاومة المسلَّحة أو الجماهيرية، كما حدث وهو الذي تسيَّد الموقف في 2019م، وأدى إلى نهاية نظام الإنقاذ, وقال لـ(الصيحة): ما يحدث الآن هو امتداد لاستكمال بناء الدولة خارج دائرة الشمولية والدكتاتورية والعسكرية البحتة, وبناء هياكل الدولة المدنية بمعاونة جميع مكوِّنات الشعب السوداني من الأحزاب ومؤسسات الدولة أو العون الخارجي سواءً إعلامياً أو اقتصادياً أو دبلوماسياً أو أياً كان التعبير عن المشروع الحيوي الذي امتد لزمن طويل, والآن في مرحلة الاستكمال إذا لم يستكمل في (30) يونيو، المقبل، قطعاً الشعب السوداني سيمضي في المقاومة إلى أن تكتمل تجربة بناء الدولة المدنية الديموقراطية الفيدرالية في السودان.
تقرير: صلاح مختار
صحيفة الصيحة