تحقيقات وتقارير

السوشيال ميديا القنبلة الموقوتة .. اخصائي نفسي: الوضع في السودان أصبح (عايره وأدوها سوط) !!

معلم: السوشيال ميديا نجحت في عزل دور الأسرة جزئياً!!


السوشيال ميديا… القنبلة الموقوتة!!

اخصائي نفسي: الوضع في السودان أصبح (عايره وأدوها سوط) !!

معلم: السوشيال ميديا نجحت في عزل دور الأسرة جزئياً!!

علي بلدو: ارتفاع معدلات التنمر والعنف اللفظي والابتزاز العاطفي والاستغلال الشعوري والجنسي!!

احتلت مواقع التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) في السنوات الأخيرة الحيز الأكبر في حياتنا الاجتماعية، لكونها ربطت العالم أجمع وأزالت الحدود بشكل هائل، لدرجة بات العالم مدينة صغيرة تختلط فيها الثقافات والعادات إلا انها بالرغم من هذه الامتيازات تشكل خطراً داهماً على الأسر السودانية بل انتهكت حرمات البيوت وذلك بانتهاك الخصوصية ونشر (الغسيل القذر ) عبر الوسائط المتعددة.
مما يجعل الشخص في مرمى النيران ويزيد معدلات التنمر والعنف اللفظي والابتزاز العاطفي والاستغلال الشعوري والجنسي، ويبقى السؤال الأهم هنا كيف نواجه هذا الخطر المؤكد..؟

(1) ونجد أن إدمان الناس على هذه التطبيقات واستخدامها بشكل مفرط جعل التأثير السلبي لها يزداد يوما بعد يوم خصوصاً على صعيد العلاقات الزوجية.
يتسابق الناس في وقتنا الراهن لنشر تفاصيل حياتهم اليومية على مواقع السوشيال ميديا ومعظم ما ينشر هو متصنع وبعيد عن الواقع إلا أن المتابع لها لا يمكنه الوقوف على حقيقة ما يجري، وأصبحت تؤثر سلبًا على العلاقة بين أفراد الأسرة، فقد تسبب الانطوائية، العزلة الاجتماعية، إدمان الانترنت، الفشل الدراسي واكتساب عادات سيئة.

(2) عزلة وانطواء
وبحسب خبراء مختصين إن مظاهر تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الأسرة ظاهرة التباعد الأسري أو الجفاء، حيث أصبح الحديث بين أفرادها مقتصراً على الأحاديث الضرورية والمختصرة، وغابت الجلسات العائلية الحميمة بين أفراد الأسرة الواحدة، وأصبح لكل فرد فيها تفضيلاته الخاصة ، حيث قامت وسائل التواصل الاجتماعي بتعزيز العزلة والتنافر بين أفرادها وتلاشي قيم التواصل الأسري واستبدل الأبناء الانترنت بآبائهم، كمصدر للمعلومات وفقدوا الترابط الأسري وقاموا بتفضيل الحوار مع الغرباء، واستخدام بعض التطبيقات التي تتيح للشخص تقمص شخصية وهمية.

(3) عزلة اجتماعية
ومن جانبه قال الاستاذ عبدالوهاب علي لـ(الجريدة ) إن وسائل التواصل الاجتماعي بحضورها المكثف والمتاح أثرت على مدة ونوعية التواصل الذي يتم في نطاق الأسرة، مما ألقى بظلاله على بعض وظائف الأسرة ومن أهمها الوظيفة النفسية والتربوية، فقد نجحت وسائل التواصل الاجتماعي بعزل دور الأسرة جزئيا في بناء شخصية سليمة لأبنائها، كما أنها حدت من دور آليات التنشئة الأسرية في غرس مقومات النجاح والتوافق النفسي والاجتماعي، ما أدى إلى آثار سلبية يمكن تلمسها من خلال ما يعانيه بعض الأبناء من العزلة الاجتماعية، وفقدان الخصوصية، وضعف القدرة على تعدد المهام، إضافة إلى التأثيرات الملموسة على صحة الأبناء الجسمية والنفسية، واضاف قائلاً: لفترة طويلة ظلت الأسرة والمدرسة تلعبان دورًا أساسيًا في تكوين مدارك الإنسان وثقافته وتسهمان في تشكيل القيم والأخلاق التي يتمسك بها ويتخذها كمقومات للسلوك الاجتماعي بما فيها علاقات الآباء بالأبناء أما اليوم فقد انتقل جزء كبير من هذا الدور إلى شبكات الإنترنت والهواتف المحمولة الأمر الذى حل محل الحوار والمحادثة بين أفراد الأسرة الواحدة ، وأدى إلى توسيع الفجوة والصراع بين الآباء والأبناء، و تقصيرهم في واجبهم تجاه أبنائهم وبناتهم في التربية والتوجيه، أيضًا انشغال الأبناء والبنات بوسائل التواصل وتقصيرهم مع والديهم في البر والطاعة.

(4) سلوكيات مراهقين
وشنت ربة المنزل سارا عربي هجوماً عنيفاً على مواقع التواصل الاجتماعي وقالت لـ(الجريدة) إن السوشيال ميديا دائماً ما تتسبب في كوارث أسرية كبيرة فقبل فترة تسببت في مأساة حقيقية أودت بحياة واحدة وطلاق الثانية في واقعتين تتكرر وستتكرر بسب إختراق السوشيال ميديا لمجتمعنا وخصوصيتنا، وطلقت فتاة بعد ظهور فيديو تم اقتصاصه من فيديو حفل زواج حيث كانت الفتاة ترقص مع قريبتها فتم اقتصاص الفيديو من احد معدومي الضمير ليقوم بفبركته وابتزازها ، وبسبب تلك الحادثة تم طلاق الفتاة بسبب وصلة رقص، والجاني الرئيسي مواقع التواصل الإجتماعي، وعقول المرضى والأشرار الذين يستخدمونها فيما يخالف الأعراف الإجتماعية والقوانين الإنسانية والجنائية.

(5) سلوكيات مراهقين
الخبير التربوي ياسر عبدالله قال لـ(الجريدة ) إن السوشيال ميديا، توثرعلى سلوكيات المرهقين ولها اثر على قيم وسلوكيات مجتمعنا السوداني وخاصة المراهق ، لعدة أسباب أبرزها المحتوى الغير ملائم أحياناً، وأشار إلى أن الحل يكمن في ضرورة توعية الآباء للأبناء عن المحتوى والمواضيع التي يقرأونها وفي حال العثور على محتوى غير ملائم في جوال الطفل يجب مواجهته بشكل مباشر وليس سراً، ويمكن للأهل تحميل بعض البرامج التي تغلق الصفحات الإباحية خاصة وأنها تتسبب بمخاطر عضوية وجسدية، وفي هذه الحالة يجب توجيه المراهق بالعمل في الأنشطة الخيرية والاجتماعية وتشجيعه على ممارسة الرياضة وأظهار الإعجاب به وبما يفعله ويحتاج المراهق لوجود قدوة يحترمها ويعجب بيها ويجب ان يلاقيها في أهله ، كذلك من سلبيات السوشيال ميديا تجعل المراهق عرضة للتنمر الالكتروني مايؤثر على تماسك الاسرة السودانية.

(6) قلق نفسي
وبالمقابل قال البروفيسور علي بلدو استشاري الطب النفسي والعصبي لـ(الجريدة ) إن السوشيال ميديا أصبحت منبر من لا منبر له، مشيراً إلى أن حالة الاشتباكات في المجتمع وعدم الرضا عن الذات بجانب تفاقم المشاكل الأسرية من خلافات وانفصال وطلاق وانقلاب على الأبناء وتربيتهم والمصاريف وما شابه ذلك، بجانب المشاكل الأسرية الأخرى مثل الأموال والورثة، أضف لذلك الخلافات العاطفيه وانعدام التوافق مابين الأشخاص جنباً إلى جنب مع عدم القدرة على التعبير والحصول على الحقوق المنتظرة مما يغذي روح الغبن والاحباط واليأس، ويرفع من وتيرة القلق النفسي والانفعال اللحظي وعدم الراحة الشعورية والشعور بالتعب الذهني والإرهاق العقلي في ظل انعدام الكثير جدا من المقومات في المجتمع كالأمن والحياة الكريمة والضغوط الاقتصادية والمعيشية الطاحنة وتفشي الحروب والنزاعات المسلحة وعدم الاستقرار والخوف من المستقبل مما أدى إلى حالة من تدني الأوضاع النفسية ووصول الصحة النفسية إلى الحضيض والدرك الاسفل في ظل عدم وجود قدرة على إدارة النقاش والحوار، والخوف من التعرض للعنف والضرب أو حتى الاعتداء البدني من الأصدقاء أو الأسرة، كل ذلك دفع الكثير من الأشخاص للجوء إلى الهاتف واللايكات والسوشيال ميديا والتعليقات والمنشورات للتعبير عن هذه المغصة التي في دواخلهم والتي يرى بلدو انه لولا السوشيال ميديا لقضى الكثير من السودانيين والسودانيات حتفهم كمدا وحسرة ومغصة، ويمضي بلدو بعيدا ليضيف بأن ظاهرة إدمان اللايفات وعرض الأسر لخصوصياتها على الملأ وادق التفاصيل لدرجة نشر الصور الشخصية والكلام الخاص للغاية وادق الاسرار يعبر عن انهيار منظومة القيم الإجتماعية وتعرض المجتمع السوداني لهزة عميقة في موروثه الحضاري والقيمي والأخلاقي واصطدام التعاريف والاعراف بموجة جديدة من الأشخاص الثائرين داخلياً والذين لديهم الكثير جداً من الغبن وعدم الراحة مما يغذي خطاب الكراهية والعنف والعنصرية وايذاء وعدم قبول الآخر وأيضاً التحرر من كل القيود الاخلاقية واستعمال فاحش القول من السباب والكلام الفاحش غير المقبول اخلاقياً والنهش في أعراض الآخرين كنوع من أنواع السادية والماسوكية والشخصيات السايكوباتية في المجتمع التي عبرت عن مردودها النفسي وعن عاهاتها وافاتها النفسية في السوشيال ميديا وانتقلت كل مشاكلنا وخلافاتنا إلى الفضاء الرقمي ، حيث أصبح المواطن يعيش المشاكل في حياته وفي بيته وهاتفه ووسائطه الإجتماعية المختلفة بحيث أصبح الوضع الآن في السودان باعتباره (عايره وادوها سوط) ويرى بلدو أن هذه الأمر يؤدي إلى خلخلة في الاسرة وتعرض أسرار الآخرين وانتهاك خصوصيتهم بجانب اشانة السمعة والتعرض للأشخاص بأمور خاصة تخص العرض والشرف وهذا يؤدي لاشكالات داخل الأسرة نفسها والرغبة في الانتقام والرد على هذه الأشياء مما يزيد الطين بلة ويعطي للأبناء صورة سالبة ويجعل الأشخاص كلهم في حالة من عدم الثقة في الآخرين والشعور باليأس والرغبة في الهروب من هذا الامر حتى الهجرة أو المغادرة بجانب الردود المتواصلة من الآخرين ونشر الغسيل القذر عبر الوسائط المتعددة مما يجعل الشخص في مرمى النيران ويزيد معدلات التنمر والعنف اللفظي والابتزاز العاطفي والاستغلال الشعوري والجنسي حتى، وهذا كله يؤدي إلى تهتك النسيج المجتمعي ويؤدي إلى مشاكل اجتماعية خطيرة كالحقد والحسد والرغبة في الانتقام وارتكاب جرائم.

(7) قنبلة نفسية
واصل بلدو حديثه لـ(الجريدة ) ليضيف بأن هذا الأمر يحتاج إلى ترشيد استعمال السوشيال ميديا وعدم التعرض لحرمات الأسر والبيوت إلا في النطاق الضيق على أيدي الاستشاريين المختصين، وعدم عرض الاستشارات الخاصة على الملأ وهكذا عواهنها دون وازع وضمير وضوابط حتى لا يصاب المجتمع في اخلاقه وقيمه، وتكون هذه بمثابة كارثة كبرى وقنبلة نفسية في طريقها للانفجار بجانب تعلم حل المشاكل والازمات بطريقة علمية ومنهجية والتحكم في نوبات الغضب والانفعال والرغبة في التشفي وضرورة قبول الآخر وأن تكون السوشيال ميديا هي وسيلة للترابط وتلاقح الأفكار ورتق النسيج الاجتماعي بدلاً من أن تكون عامل هدم ويكون كل لايف هو تعبير عن مرض من أمراض المجتمع السوداني المستشرية والتي نراها في كل يوم وهي في إزدياد أكثر وأكثر.

عرفة خواجة
صحيفة الجريدة