التمويل الأصغر .. بين المطرقة والسندان
تحديات كبيرة تواجة مشروعات التمويل الأصغر بالبلاد، بل أدت إلى إعاقة نموِّه وعرقلت قدرته إلى الوصول إلى أكبر عدد من السكان وبالرغم من العراقيل الكثيرة، إلا أنه استطاع إحداث تأثير اجتماعي واقتصادي في عدد من المناطق وعقدت الإدارة العامة للتمويل الأصغر مؤتمراً صحفياً بمقرها، مؤكدة على أهمية مشروعات التمويل الأصغر عموماً ولاسيما مشروعات التمويل الأصغر ذو البُعد الاجتماعي التي تم تنفيذها خلال الفترة الماضية خاصة في مجال تشييد شبكات الكهرباء والمياه بمربعات قرى ولاية الخرطوم .
تحديات المشروع
وأكد مدير الإدارة العامة للتمويل الأصغر والشراكات د. ياسر محمد أحمد عبد الرحمن شلك، أن إدارته نفذت مشروعات مقدرة خلال الفترة الماضية تجاوزت (90) مشروعاً، في مجال تشييد شبكات الكهرباء وحوالي (7) مشروعات، متكاملة في مجال تشييد شبكات المياه عبر التمويل الأصغر ذو البُعد الاجتماعي بتكلفة مالية تجاوزت (3.5) مليار جنيه, ورغم أن الدراسة المالية ودراسة الجدوى جاءت محكمة إلا أن المشروع واجهته بعض التحديات تمثلت في تأخير تصديق التمويل من بعض البنوك, وتوفير العدادات في الوقت المناسب، وقال: تم معالجة الخطوة عن طريق السماح للإدارة بتمويل توريد العدادات من جنوب أفريقيا. وأوضح د. ياسر أن متوسط الأقساط الشهرية للمواطنين خلال الأعوام الماضية لايتجاوز (300) جنيه، للشهر, إلا أن التغييرات الاقتصادية والتضخم العالي وارتباط مدخلات صناعة الشبكات بالنقد الأجنبي ضاعف من القسط الشهري الذي أصبح في متوسطه الآن حوالي (12) ألف جنيه، في الشهر, إلا أن الحاجة لخدمات الكهرباء وارتفاع الاستهلاك الشهري ساهم في الاستمرار في المشروع .
منتجات تمويلية
أشار د. ياسر إلى ضرورة تحديد نسبة مئوية من المقترح لمشروعات التمويل الأصغر ذو البُعد الاجتماعي للاستمرار في تنفيذ مشروعات تشييد شبكات الكهرباء والمياه للحاجة الماسة جداً لها في الأونة الأخيرة .
وكشف عن سعي إدارته للدخول في منتجات تمويلية جديدة لاسيما الصرف الصحي الذي بدأ مع وزارة البنى التحتية للشروع في إدخال الخدمة لمنطقتي المهندسين والمنشية من خلال محطات موقعية إلا أن المشروع مازال في طور الدراسات الفنية والاقتصادية, قاطعاً السعي للاستفادة من الطاقات المتجدِّدة . (الطاقة الشمسية) للمناطق النائية التي يتعذَّر ربطها بالشبكة العامة للكهرباء.
ثقافة التمويل
واستعرض شُلك أن مشاركة الإدارة بمعرض الخرطوم الدولي في دورته (39) جاء سعياً وراء نشر ثقافة التمويل الأصغر والعمل الحر، معلناً عن سعي الإدارة لعقد ملتقى تفاكري لتقييم وتقويم تجربة التمويل الأصغر ذو البُعد الاجتماعي بمشاركة جميع جهات الاختصاص وشركاء المشروع .
تأخر العدادات
وفي ذات السياق أوضح أمين مال جمعية المشكاة للائتمان والإدخار التعاونية النور محمد علي محمد، أن المشروع شمل (4) مربعات، في مرحلته الأولى بتمويل من بنك النيل للتجارة والتنمية بعدد (2679) مشتركاً، تم تنفيذه حسب الجدول الزمني من المقاول وأن فترة التمويل خمسة سنوات، بـ (54) قسطاً, وتابع النور: لعدم توفر العدادات بعد الانتهاء من تشييد الشبكة رغم أن البنك ساهم في تمويل العدادات بقرض حسن بدون أرباح تمويلية وبفترة سماح (6) أشهر، رغم ذلك لم يتم تسليم العدادات كاملة ما أدى إلى ارتفاع أسعار العدادات حسب التصديق، وأدخل الجمعية والمواطنين في تحدٍ عظيم لاستكمال تركيب العدادات من الموارد الذاتية, أشار النور إلى أن هذه الأسباب مجتمعة أدت إلى تعسُّر في سداد الأقساط الشهرية .ورغم كل هذه التحديات التي واجهت المشروع إلا أننا يمكن أن نقول إن المشروع ناجح خاصة في مجال تشييد الشبكات وتحصيل القسط الشهري من المواطنين حسب العقد فقط بمبلغ (182) جنيهاً، ووصف المبلغ بالزهيد للغاية مع ظروف التضخم الحالية .
وجدَّد، رغم البلاغ المقدَّم من البنك بغرض سداد التعثر إلا أننا نتقدَّم بوافر الشكر والتقدير للجميع وخاصة بنك النيل على تفهمه للتحديات وكذلك الشركة التعاونية للتأمين على تحملها سداد مبلغ التعثر، وهذا يؤكد أن الدراسة المالية والاقتصادية المقدَّمة من الإدارة العامة للتمويل الأصغر جاءت في صالح المواطنين والجمعيات التعاونية .
حل الجمعيات
وفي سياق متصل قال أمين عام جمعية الفتوحات بمحلية كرري عامر محمد أحمد: إن مشروع كهرباء الفتوحات جاء من أجل معالجة السكن العشوائي لمنطقة الجخيس سابقاً، حيث تم ترحيل السكان إلى مسافة (18) كيلو متراً، آخر حدود ولاية الخروم في حدود (200) متر، بعد أن كانت حيازة (1000) متر، في العام 2011م، وقال: بدأ مشروع الكهرباء بتوسعة في محطة المهدية بإعطاء المنطقة نسبة (50)% لعدد (90) مربعاً، من جملة (195) لمربعات الفتح (1-2)، مشيراً إلى تكوين جمعيات الفتوحات ووضعت دراسة أثبتت أن حجم التمويل أكبر من حجم السماح وكان حجم تمويل مشروع كهرباء الفتوحات (192) مليون جنيه في العام 2015م، والخط الناقل (34) كيلو، توزع لكل الفتوحات بتمويل من بنك فيصل ونفذته شركة “قولدن إسكوير”، بقرض إدخال كهرباء الضغط العالي.
وتابع عامر إلا أننا طلبنا عند التنفيذ بإدخال العمود المربع بدل عن العمود الدائري، مشيراً إلى أن الفتوحات تحتاج لعدد 9 ألف عمود، ولكن بعد مفاوضات تم تخصيص (50)% عمود مربع و (50%) عمود دائري عقب تحديد المسارات ودراسة الخلو من الموانع، وذكر أنه بدأ التنفيذ بعد موافقة الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء المحدودة بإكمال المشروع بالأعمدة الدائرية, وقطع إلا أن حل الجمعيات التعاونية ومنع لجان التغيير والخدمات من مواصلة العمل بحجة أن الجمعيات تتبع النظام البائد مما أدى لتوقف المشروع .
زيادة في الرسوم
من جهته قال أمين مال جمعية الفتح الشرقية، جعفر الزين: تكفلت جمعية الفتح الشرقية التعاونية لإدخال الكهرباء للفتح (1-2) بالتنسيق مع جمعية الفتوحات وجمعية الفتح الغربية لعدد (57) ألف أسرة، استفادت من مشروع إدخال الكهرباء لـ (30) مربعاً، في الوثبة الأولى، مشيراً إلى أن المربعات تم تقسيمها إلى ثلاثة مجموعات (10) مربعات، لكل جمعية تدفع رسوم البيت الواحد (17) ألف جنيه، وأن قيمة الدفع بسبب التأخير قفزت إلى (34) ألف جنيه، ومع الزيادات المستمرة يتوقع ارتفاعها أكثر مما يؤثر على الجمعيات والمواطنين الضعفاء بصفة خاصة, مضيفاً أن مدينة الفتح تعتبر سوداناً مصغراً، لافتاً إلى أن المبلغ الذي يدفعه مواطن الفتح (1000) جنيه، تؤخذ من أي مشترك وتوضع في حساب خاص بالجمعية مرهون للبنك لايمكن التصرُّف فيه.
ترويج الإشاعات
ولفت جعفر إلى أن المجموعة التي كانت ضد المشروع روَّجت لإشاعة وسط المواطنين بالأسواق والمنطقة بأن الجمعية قد سرقت أموالهم رغم عن وجود خطاب رهن للجمعية في البنك بدون إيصال مالي من الجمعية، لأن المواطن يذهب لإيداع أمواله بنفسه مرهونة للكهرباء بهامش ألف جنيه، من التمويل الأصغر، وقال جعفر: إن الجمعيات نفذت أعمدة وأسلاك كهرباء الضغط العالي إلا إننا تضررنا من هذه الإشاعة مقراً بنزاهة أفراد ومجالس إدارة الجمعيات, ولفت إلى أن الجمعية تضرَّرت من مسجل الجمعيات التعاونية ولجنة التسيير عندما تم حل الجمعيات وتسليمها إلى أشخاص ليس أعضاءً في الجمعية بالمساهمة، لافتاً لوجود تدخلات سياسية في المشروع لجهة نسب المشروع للعهد البائد .
بطء الإجراءات
وطالب جعفر بضرورة الإسراع في الإجراءات الحكومية، كاشفاً عن تبرع مجلس السيادة بـ( 400) مليار جنيه، لشراء المفاتيح الكهربائية منذ شهرين لكنها لم تنفذ حتى الآن بسبب بطء الإجراءات الإدارية العقيمة .
وكشف عن بداية مشكلة مشروع كهرباء الفتح منذ عام 2014م، وقال إنهم سعوا في حل كل المشاكل التي تواجه المشروع لاسيما توفير العدادات الخاصة بالمشروع.
الضغط العالي
لم تكن مشكلة مشروع كهرباء التباراب كبيرة كحال بقية المناطق المتضرِّرة من المشروع، وفي الخصوص يرد رئيس جمعية التباراب بمنطقة عد بابكر محلية شرق النيل مشكلتهم المتمثلة في إكمال الربط الكهربائي لعدد (220) مستفيد من أصل (700) مستفيد، اكتملت لديهم خدمة إدخال الكهرباء بواقع (40) عمود الضغط العالي، خط ضغط كهرباء منخفض بتمويل أصغر قدره 6 مليارات جنيه، تمويل أصغر تم اقتراضه من البنك الزراعي فرع سوبا شرق في العام 2017م، بواسطة مديرة الفرع آنذاك آمال محمد الربيع، مشيراً إلى حاجتهم لمحول كهربائي كبير ليسهم في تغطية امتداد التباراب الجديد.
تقرير: سارة إبراهيم
صحيفة الصيحة