اعتصامات السودان.. ترتيب وتنظيم وإصرار على هزيمة العسكر
تنتظم في العاصمة السودانية الخرطوم، هذه الأيام، اعتصامات مناطقية ضمن سياق التصعيد النوعي ضد الانقلاب العسكري والعمل على استعادة المسار الديمقراطي.
من أبرز تلك الاعتصامات اعتصام محيط مستشفى الجودة بمنطقة الديم بوسط الخرطوم، حيث يحضر على مدار الساعة مئات الأشخاص والأسر للانضمام إلى الاعتصام، الذي تحيط به من كل الاتجاهات متاريس خرسانية لحمايته من هجوم العسكر على المعتصمين في أي لحظة، وتتوفر فيه بعض الخدمات مثل مياه الشرب وتوفير وجبات.
وينخرط الشباب في مخاطبات مستمرة لتوضيح مواقف لجان المقاومة السودانية، التي تشرف على الاعتصام، إزاء آخر التطورات، وينخرط آخرون في ترديد الهتافات والأشعار الثورية، بينما ينشغل الفنانون في رسم جداريات ثورية، ويعزف البعض على أوتار موسيقية.
في ساعات النهار، تخف أعداد المشاركين، لكن مع ساعات المساء تتزايد الأعداد ويزداد معها الحماس والإصرار على هزيمة الانقلاب وتحقيق أهداف الثورة في الحرية والسلام والعدالة وبناء سلطة مدنية كاملة، على أن يعود العسكر إلى ثكناتهم.
تختلف أعمار المعتصمين وتتعدد أجيالهم ويجمعهم هدف واحد، كما يقول محمد آدم (58 سنة) لـ”العربي الجديد”، مؤكداً أنه يقف مع الاعتصام قلباً وقالباً “لأنه يشكل قوة ضغط على السلطة المتسلطة على الشعب الآن”، مبيناً أن “الحراك الثوري برمته ساهم حتى اللحظة في تفكك النظام الانقلابي، وما يحدث من تطورات يومية هو أكبر دليل على تفكك النظام”.
ويضيف آدم أن اعتصام الجودة وغيره من الاعتصامات “نقطة بداية لاعتصامات أخرى ستصل يوماً إلى ذروتها لتحقيق غاية ذهاب العسكر، واستكمال الحكم المدني، وهو هدف لا رجعة عنه مهما كانت التضحيات”.
ولا تبدي المعتصمة نشوة (26 عاماً) أي مخاوف من إقدام العسكر على فض اعتصام محيط الجودة وغيره من الاعتصامات، “حتى لو استخدمت وسيلة القتل، لأننا في النهاية طلاب حكم مدني ديمقراطي وجاهزون للموت من أجل ذلك”، مؤكدة أن كل المعتصمين غير راغبين في رؤية الحكم العسكري، “وحتى تحالف الحرية والتغيير إذا أراد اتفاقاً وحواراً ثنائياً مع العسكر، فإن ذلك سيجد الرفض والمقاومة”، على حد قولها.
أما أبو زيتونة فيؤكد أن حلمه الوحيد الذي يمكن أن تحققه له الاعتصامات هو رحيل العسكر، خصوصاً أن عمره وصل إلى ستين، شهد في غالبها حكم العسكر باستثناء سنوات قليلة للحكم المدني، معتبرًا أن “العسكر لا إنجاز لهم سوى القتل”.
أما نادر محمد فيلخص مطالب المعتصمين في إسقاط النظام وإقامة الدولة المدنية، مستبعداً تكرار العسكر ما حدث من قبل بفض اعتصام محيط قيادة الجيش قبل 3 سنوات: “لكن إذا حدث، فسنواجه الفض بصدورنا العارية”.
وتوضح من جهتها المعتصمة سوزان أن الاعتصام هو واحد من أدوات الضغط وتوصيل رسالة مهمة، مفادها عدم الاستسلام والإبقاء على الآمال والأحلام.
ويؤكد شهاب الريح أن “الاعتصامات ستتبعها أشكال أخرى من التصعيد وصولاً إلى العصيان الشامل والإضراب السياسي حتى سقوط الانقلاب، ما لم تجد المؤسسة العسكرية حلاً لقيادتها”، مبينا أن “الاعتصامات ترسل رسائل خاصة للمجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته للضغط على السلطة الانقلابية وحثها على وقف العنف تجاه الحركة الجماهيرية”.
العربي الجديد