حيدر المكاشفي يكتب: انقلاب الرجل الواحد
المعروف عن الانقلابات أن من ينفذونها ضباط من الجيش يحشدون لها عددا من الجنود ورتلا من الآليات العسكرية والاسلحة الى آخر مثل هذه الترتيبات المعروفة عن الانقلابات التقليدية التي عادة ما تكون وراءها حاضنة سياسية، وأول ما تفعله هذه الانقلابات هو السيطرة على كامل العاصمة الخرطوم واذاعة بيانها الانقلابي من الاذاعة القومية بعد التمهيد له ببث المارشات العسكرية، غير أن انقلابا غريبا وعجيبا يقوده رجلا واحد اعزل بلا سلاح وبلا غطاء سياسي حاول تنفيذ انقلاب على طريقته بمدينة ولائية واذاعة بيانه من اذاعة تلك الولاية، وكان طبيعيا ان يتم احباط هذا الانقلاب بواسطة موظفي الاذاعة المدنيين قبل اذاعة بيان الانقلاب..ورد في أنباء اليومين الماضيين خبرا من النوع الذي يطلق عليه الصحافيون مسمى (الأخبار الناعمة) وفقا للتصنيف الذي يقسم الأخبار الصحفية في عمومها إلى نوعين، (أخبار صلدة) إذا صحت الترجمة للمصطلح الانجليزي (Hard News)، و (أخبار ناعمة) إذا صحت الترجمة أيضا للمصطلح الانجليزي (Soft news)، ومؤدى الخبر ان مواطنااقتحم اذاعة عطبرة لتلاوة بيان انقلابي ليعلن من خلاله حل مجلس السيادة وتعيين مجلسا بديلا له، وجاء في بعض تفاصيل الخبر (اقتحم مواطن في عطبرة بولاية نهر النيل استديوهات الاذاعة المحلية، حيث كان يعتزم اذاعة بيان بتشكيل حكومة الفترة الانتقالية على حد زعمه، وكان من أبرز ما حمله البيان حل مجلس السيادة الانقلابي الذي يرأسه البرهان وينوب عنه حميدتي اضافة الى ثلاثة جنرالات آخرين هم شمس الدين كباشي وياسر العطا وابراهيم جابر، وعن مدنيي المجلس الانقلابي الذين عينهم البرهان وعزلهم البرهان (سلمى عبد الجبار، أبو القاسم برطم، يوسف جاد كريم،عبد الباقي عبد القادر الزبير،ورجاء نيكولا)،قضى البيان بالتحفظ عليهم لحين تقديمهم للمحاكمة بتهمة الاشتراك في تقويض النظام الدستوري، الا ان صاحب البيان للغرابة يعيد تعيين رجاء نيكولا في مجلسه الجديد، ومن بعد حل مجلس السيادة الانقلابي يعلن البيان عن تشكيل مجلس ثوري جديد يتكون من عشرين عضوا جعل على رئاسته السياسي والقيادي بالحزب الشيوعي المهندس المحترم صديق يوسف، وابقى على كل من مالك عقار والطاهر حجر والهادي ادريس، واضاف اليهم من الذين اطاحهم الانقلاب محمد الفكي والتعايشي وصديق تاور ورجاء نيكولا، علاوة على آخرين جدد نذكر منهم د.احمد الطيب حسن والفاتح عبدالرحيم البرعي ومحمد حاج ماجد الجعلي والوليد مادبو وزوجة الشهيد مختار حسين، غير ان العاملين بالاذاعة تمكنوا من السيطرة عليه وتسليمه للسلطات المختصة..وسبق للكاتب اسحق فضل ان نفذ انقلابا على الورق قبل نحو عامين، وشكل حكومةجديدة قال انها الحكومة القادمة التي ستحل مكان حكومة الفترة الانتقالية القائمة وقتها، بل ومضى أبعد من ذلك وكتب أسماء من اسماهم التسعة الذين يقودون الحكومة القادمة، ويقول ان قطيع الحكومة القادمة يرشحون لها سلك وساطع والآخر القادم من جنوب أفريقيا.. وتسعة آخرين..ومن يصنع الحكومة القادمة هو من يصنع ويدير الحكومة الحالية ويضرب الحكومة الماضية، الحكومة القادمة مهمتها هي إبعاد الشيوعيين والإسلاميين والضيف الذي يقيم في برج الفاتح..الثلاثاءالماضية..والذي يتحدث من خمسة هواتف..هو من يصنع كل شيء.. يبو ان حالة من الزهج والقرف والقهر تملكت صاحب هذا الانقلاب، فرأى ان يكسر هذا الجمود بحركة عملية تلفت النظر الى ان الاوضاع لم تعد تحتمل أي تلكؤ واية مناورات، وتتطلب فعل حاسم ينهي هذه الحالة التي توشك ان تردي البلاد في هوة سحيقة، وهي في تقديري رسالة لكل قوى الثورة ان دعوا المماحكات والاختلافات الثانوية وقوما الى ثورتكم موحدين وكونوا مؤسساتكم الثورية لادارة الفترة الانتقالية..واللهم قد بلغت فأشهد..
صحيفة الجريدة