حال الاقتصاد الوطني .. قراءة فاحصة بـ(عيون) الخبراء الاقتصاديين!!
* خبيرة اقتصادية: الفترة القادمة ستظهر أزمات في الدواء، والوقود، وفشل الموسم الزراعي !!
* اللجنة الاقتصادية: الوضع الاقتصادي الحالي بسبب الاعتماد على الخارج!!
* كرار: الاقتصاد السوداني يتدحرج بسرعة كبيرة نحو الهاوية، ونتوقع الأسوأ!!
في وقت تجتر فيه الخرطوم العاصمة ذكريات سابقة حول أيام كان الجنيه السوداني قوياً ويساوي أكثر من دولار، لكن الواقع الحالي جعل من الذكريات كصدى السنين الحاكي والخيال بعيد المنال ، حيث يفيق السودانيون كل يوم على صدمات متكررة تشير الى تدهور قيمة العملة الوطنية أمام الدولار الذي لا توجد قوى تمنعه وحتى وعود (حميدتي) بصرعه باتت هباء منثورا (لجريدة) استطلعت عدداً من الخبراء الاقتصاديين، في محاولة لفهم أين تسير بوصلة الاقتصاد السوداني ، وماذا خسر بعد انقلاب 25 أكتوبر، وكيف يمكن أن يخرج الاقتصاد ا من أزمته؟ وخرجت بالحصيلة التالية:
للنظر في الاتجاه الذي سيؤول إليه الاقتصاد السوداني يجب أن نتوقف عند معدلات النمو الاقتصادي للناتج المحلي، ومستوى تفشي البطالة والفقر، وذلك من خلال محركات الاسعار اليومية ، والتي تشهد ارتفاعاً مستمراً، في بلاد تذخر بالموارد الطبيعية الكامنة والممكنة بيد أنها ما زالت تُصدر مواردها خاماً يعود بقيمة أقل بكثير من عائد هذه المواد الخام حال تصنيعها . هكذا ابتدر عضو اللجنة الاقتصادية بالحرية والتغيير د. وائل فهمي حديثه لـ(الجريدة) ، ورأى أن الواقع الاقتصادي السوداني الحالي متخلف بسبب امراض الفقر والبطالة والاعتماد على الخارج، فضلاً عن عدم وجود سياسات توظيف راشدة للموارد الانتاجية ، فنتائج السياسات النيوليبرالية التضخمية والانكماشية التي تم تبنيها منذ النظام البائد حتى تاريخه، رغم انفصال الجنوب، يعكسها تدهور مؤشر متوسط دخل الفرد الحقيقي وفق بيانات البنك الدولي من ٢٠٣٤ دولار للفرد في ٢٠١١ الى ٧٩٨،٥ دولار للفرد في ٢٠٢١.
وتابع حديثه بأن الاستمرار في تبني تلك السياسات النيوليبرالية التضخمية والانكماشية لنصيب الفرد من الدخل القومي ستؤدي الى استدامة تفاقم أمراض الفقر والبطالة والديون الخارجية بالجسم الاقتصادي السوداني ، وظهر ذلك في مؤشرات الواقع الاقتصادي السوداني منذ عام ١٩٧٨.ويرى فهمي أن اخطاء سياسات حكومات حمدوك النيوليبرالية التي اعترف بها مؤخراً كانت محل تحفظ من لجنة (قحت) الاقتصادية منذ البداية.
* لا يوجد أمل
الاقتصاد السوداني إلى أين؟ تساؤل اجاب عليه الخبير الاقتصادي كمال كرار بقوله الاقتصاد السوداني يتدحرج بسرعة كبيرة نحو الهاوية، فأصلاً كانت هناك أزمة خانقة قبل الثورة واتفقت القوى السياسية قبل خلع البشير على سياسات محددة للنهوض بالاقتصاد، ولكن الأمور سارت نحو الأسوأ لأن الملف الاقتصادي اتبع نفس السياسات الانقاذية والارتهان لصندوق النقد الدولي وإهمال القطاعات الانتاجية فحدثت الكارثة التي نراها اليوم.
وحول إمكانية خروج الاقتصاد السوداني من أزمته، يرى كرار أن في ظل الانقلاب الحالي ليس هناك أمل، بل علينا توقع الاسوأ، في حالة اللا دولة منذ ٢٥ أكتوبر قاطعا بالطبع سيتوقف انهيار الاقتصاد بعد ان تنتصر الثورة، وأضاف النهوض الاقتصادي يتطلب سياسة جديدة ترتكز على تنفيذ برنامج اقتصادي وطني نابع من تطلعات وآمال الشعب ومؤمن بقدرات الاقتصاد والمنتجين. ”.
واسترسل في حديثه قائلاً ان سياسات الانقلاب الاقتصادية نفس سياسات حكومة حمدوك والمفارقة وزير المالية في حكومة حمدوك الاخيرة هو نفس الوزير الانقلابي الآن، “يعني احمد وحاج احمد كما يقولون، لافتاً، البعض يقول ان الاقتصاد بعد الانقلاب خسر الانفتاح الدولي والعلاقات مع المؤسسات الدولية، ولكن تلك عبارات تزييف الواقع، فلا الانفتاح الدولي ولا الارتباط والتبعية للبنك والصندوق احرازا اي تقدم على صعيد الإصلاح والنمو الاقتصادي، بشهادة أسيادهم في الصندوق الذين اكدوا ان سنة ٢٠٢٠ شهدت نموا سالباً يعني تراجع بنسبة ٤٪.وأردف، يمكن ان نقول ان الانقلاب الآن ينفق موارد الوطن لتثبيت حكمه على القطاعات العسكرية، ويضغط على المواطن بالضرائب وزيادات الأسعار بمعدل أسرع مما كان عليه الحال قبل الانقلاب.
* تخبط المالية الانقلابية
وفي ذات الاطار، وضعت الخبيرة الاقتصادية دلال عبد العال مقارنة للوضع الاقتصادي الذي شهدته البلاد في فترة رئيس الوزراء السابق د. عبدالله حمدوك المستقيل، وفترة قائد الانقلاب الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ووصفتها في حديثها لـ(الجريدة) شكل المقارنة بينهم كما الاختلاف ما بين الموت والحياة، وتابعت قائلة: حاول الدكتور عبدالله حمدوك أن يجد ترياقا للحياة الاقتصادية رغم اختلافي معه في كثير من السياسات، أما قائد الانقلاب برهان كأنه يعيد الاقتصاد السوداني إلى القبر مرة ثانية، واضافت “اختلافي مع د. حمدوك في شكل السياسات المتبعة حيث أنه بدأ من حيث يجب أن ننتهي”، وتابعت ركز على الدعم الخارجي أكثر من تركيزه على وضع خطة سياسية تستنفر كل فئات الشعب السوداني، للنهوض بالاقتصاد السوداني بالاعتماد على حشد موارده الداخلية وتوظيفها بشكل أمثل، حمدوك فضل اتباع المدارس النقدية الكلاسيكية، والتي تم تجاوزها في كل دول العالم. أما البرهان لا سياسة اقتصادية صالحة ولا رؤى واضحة لإدارة هذه الفترة الحالية.
مؤكدة دلال أن انقلاب 25 أكتوبر أعادنا للعزلة الدولية و عدم ثقة المؤسسات الدولية والإقليمية ، حيث نعاني اليوم من عدم الاستقرار الاقتصادي، وتزايد معدلات التضخم وتدني مستويات المعيشة، وتدهور صرف العملة المحلية، وعجز الميزان التجاري، وتوقعت انجراف الاقتصاد السوداني في الفترة القادمة وأن تظهر أزمة دواء والوقود وفشل في الموسم الزراعي بأكمله، مشددة رغم هذا لا زالت وزارة المالية الانقلابية تتخبط في وضع ميزانية بشفافية.
* سياسات ذات مخاطر عالية
ملامح الانهيار الاقتصادي في السودان التي تعيشها اليوم، بدأ بالفعل منذ عشية انفصال جنوب السودان وفقدان مواردها النفطية التي تمثل 75% من صادرات البلاد مما تسبب في صدمة اقتصادية كبرى، هكذا بدأ الخبير الاقتصادي نجم الدين داؤود حديثه، مضيفاً: حاولت حكومة الانتقالية إيقاف الإنهيار الاقتصادي الناتج من صدمة العام 2011 عبر سياسات ذات مخاطر عالية، واعتمدت بشكل أساسي على التمويل الخارجي، وبرغم ذلك أصبحت تظهر علامات التعافي وتحسن في عدد من المؤشرات الاقتصادية، لكن أثناء عملية التعافي تعرض الاقتصاد إلى صدمات إضافية جديدة مثل صدمة كوفيد 19 التي أدت إلى انكماش في الناتج المحلي المحلي الإجمالي وانقلاب 25 أكتوبر الذي قطع الطريق أمام الإصلاحات الاقتصادية للحكومة الانتقالية وافشل فرص حصول البلاد على التمويل الخارجي لا تقل 6,5 مليار دولار باعتبارها المصدر الرئيسي للانعاش الاقتصادي، واعتبر أن الاقتصاد اليوم يعيش ركود كلي يتمثل في ترجع الإنتاج والاستهلاك وتوقف الاستهلاك.
ويرى أن الخروج من هذا المأزق يحتاج إلى استقطاب رؤوس أموال توظيفها في تحريك الإنتاج الزراعي والصناعي وتطوير البنية التحتية بغرض استعادة مسار النمو وهذا ما لا تستطيع كارتيلات المؤسسة العسكرية القيام به ، لذلك يجب استعادة مسار الانتقال الديمقراطي وتحقيق الاستقرار أولا التي تفتح الطريق لاستعادة الثقة الداخلية والخارجية اللازمة كشرط أساسي لجلب التمويل.
وقطع داؤود أن الانقلاب تسبب في تدهور اقتصادي إضافي وافشل معظم النجاحات التي حققتها الحكومة الانتقالية مثل استقرار سعر الصرف والتحسن في الميزان التجاري، تسبب الانقلاب في تحريك سعر الصرف، وتعطيل الإنتاج والتجارة الخارجية وفشل الموسم الزراعي مما أدى إلى عجز في الميزان التجاري ب 1,2مليار دولار خلال الربع الأول من العام 2022، وتراجع حركة التجارة الخارجية بأكثر من 40%..
استطلاع: مآب الميرغني
صحيفة الجريدة