تحقيقات وتقارير

مطار الخرطوم.. دراسة تحسم الجدل وتكشف تفاصيل تطوير القديم ومصير الجديد

مطار الخرطوم.. دراسة تحسم الجدل وتكشف تفاصيل تطوير القديم ومصير الجديد

مدخل:

تهتمّ العديد من الدّول ببناء المطارات، فالمطارات واجهة البلد، وهي التي تُعطِي الانطباع الأول عند الزّائر، فهي تُعتبَر مركزاً اقتصاديّاً مهمّاً يشبه في مكوناته المدن وبالإضافة إلى أنها وسيلة مكان لنقل المسافرين والبضائع، فهي تُقدِّم خدمات للزّوار من صيدليّات ومقاهي ومطاعم وأسواق وغيرها ومعروف ان مرافق المطار من مدرجات وصالات وخدمات من شأنها أن تجعل المطارات في أعلى الترتيب العالمي.

ومع الارتفاع المتواصل في عدد المسافرين في منطقة الشرق الأوسط، تتسابق العديد من الدول إلى تصميم مطارات تستوعب الأعداد المتزايدة من المسافرين، تلبية لمتطلبات الشركات المشغلة، وتقليص الازدحام الذي تعاني منه، وتسهيل حركة المسافرين ويوجد 152 مشروعاً نشطاً في مجال الطيران في الشرق الأوسط تبلغ 57.7 مليار دولار، بحيث استحوذت السعودية على الحصة الأكبر، تليها الإمارات والكويت. ويتم إنفاق ما يصل إلى 1.1 تريليون دولار على تشييد المطارات في انحاء العالم، منها 255 مليار دولار لتشييد مطارات جديدة، و845 مليار تستثمر في مشاريع تحديث مطارات قائمة، وتشمل تشييد مدارج ومباني مسافرين جديدة، وتوسعة المدارج ومباني المسافرين القائمة.

ووضعت العديد من الدول العربية رؤية لتطوير قطاع النقل الجوي أبرزها رؤية الكويت 2035، ورؤية السعودية 2030، ورؤية قطر وغيرها، والتي تحتوي على العديد من الاستثمارات في القطاع.

ومع الطلب المتزايد على الرحلات في المنطقة ووجود العديد من المطارات الدولية التي تعتمد على ركاب الترانزيت من الرحلات طويلة المدى، يأتي اهتمام دول المنطقة بضخ استثمارات إضافية في هذا القطاع الحيوي.

مطار الخرطوم الدولي “الحالي”:

هل تعلم عزيزي القارئ ان مطار الخرطوم الدولي تم إنشاءه في العام 1947 أي بعد 5 أعوام من إنشاء مطار القاهرة الدولي، وقبل مطار أديس ابابا بـ 13 عام، إلا أن مطار الخرطوم الدولي لايزال يعاني من العديد من التحديات الفنية والادارية واللوجستية في مناطق الحركة الجوية وفي الصالات والساحات الخارجية لكي يقوم بدوره في الحفاظ على معايير التشغيل الامن الذي يلتزم بمطلوبات الجهات الرقابية في الامن والسلامة ويفي بتطلعات الشركاء واصحاب المصلحة وتتمثل هذه التحديات في الازدحام بالصالات في اوقات الذروة لضيق المساحات ، بطء الاجراءات الخاصة بالمسافرين لقلة المنافذ ،
تأخير اجراءات استلام امتعة المسافرين عدم وجود صالة خاصة بالترانزيت، زيادة مدة البقاء الارضي للطائرات مما يشكل خسائر كبيرة للشركات والمطار.

مطار الخرطوم الدولي “الجديد”:

يواجه مطار الخرطوم الدولي الجديد إشكالية توفير التمويل اللازم، والذي يتأثر بحجم المسافرين و انتعاش الاستثمار في مجال الطيران، ودخول شركات جديدة، وكذلك المدة الزمنية التي تصل الى 5 سنوات، علماً بان توسعة مطار الخرطوم الحالي وتطويره تعد مفتاحاً حقيقاً لنهضة وقيام المطار الجديد لما ستوفره من استثمارات جديدة في مجال النقل الجوي، ليسهل بذلك عملية انشاء المطار الجديد.

دواعي تأهيل المطار الحالي قبل إنشاء المطار الجديد:

برزت الحاجة الى تأهيل وتطوير المطار الحالي كمرحلة اولي ومن ثم إنشاء مطار جديد خلال المرحلة الثانية نسبة للأسباب التالية:
مطار الخرطوم بوضعه الحالي لايفي بمتطلبات السلامة الجوية ولا رضاء العملاء وذلك لحوجته لبنيات تحتية .

تكلفة تأهيل المطار الحالي مقارنة بإنشاء المطار الجديد:
تكلفة تأهيل مطار الخرطوم الحالي تبلغ 200 مليون دولار، بينما يحتاج إنشاء المطار الجديد الى مبالغ ضخمة تبلغ حوالي 2 مليار دولار لتمويل المشروع ، وتتمثل المرحلة الأولي فى تأهيل المطار الحالي بغرض استقطاب مسافرين جديد وإعادة الترانزيت كذلك تأهيل خدمات المناولة وخدمة الكاترينغ وبالتالي زيادة نشاط المطار من حيث عدد الطائرات والتي بدورها تعظيم الإيرادات ليتم إستغلالها فى إنشاء المطار الجديد. حيث يبلغ العائد السنوي من المطار الحالي حوالي 170 مليون دولار وعند تأهيله يتوقع ان تصل الإيرادات الى 500 مليون دولار. علما بأن المدة الزمنية لتأهيل المطار الحالي عامين فقط، بينما يحتاج إنشاء مطار جديد الى 5 سنوات على الأقل.

البنى التحتية للمطار الحالي:

وضعت العديد من الدراسات والخطط في السابق لتطوير المطار، وجاءت شركة هايبر ديل المالية المحدودة وهي شركة رائدة في مجال الاستثمار المالي والصناديق الإنتاجية، بشراكة مع شركة مطارات السودان بخطة حديثة تجعل من المطار واجهة مشرفة للسودان تستهدف تطوير البنى التحتية للمطار حيث يستوعب المطار حاليا حوالي 3 مليون مسافر وبعد التأهيل يمكن ان يستوعب المطار حوالي 10 مليون مسافر. وبالنسبة للمدرج فهو بطول 3000 متر وبعرض 45 متر و لا يسمح باستخدام الطائرات ذات الوزن الكبير مثلا A340 –B747 –B777 بالوزن الكامل لذلك دعت الحاجة الى تأهيل المدرج ليسمح بهبوط الطائرات ذات الوزن الكبير .
ايضاً نجد عدم وجود ممر موازي يشكل ازدحام للطائرات في اوقات الذروة لذلك سيتم تطوير وتأهيل مناطق الحركة الجوية (انشاء ممر موازي للطائرات + مواقف الطائرات + امتداد المدرج). فيما تسبب تباعد الصالات الي زيادة التكلفة التشغيلية والادارية لذلك سيتم العمل على تطوير وتأهيل الصالات -أنشاء صالة مجمعه (مغادرة + وصول + ترانزيت + خدمات) للعمل على تقليل تكاليف التشغيل.

وبحسب الدراسة فان عملية تطوير مطار الخرطوم الدولي “الحالي” عبر تمويل سوداني كامل، سوف تكون عبر صندوق استثماري من شركة هايبر ديل المالية المحدودة رائدة الصناديق الإنتاجية في السودان، ستفتح الباب واسعاً امام تطوير عمليات النقل الجوي ومطارات السودان المختلفة ، وتسهل عملية انشاء مطار الخرطوم الدولي الجديد والذي بدأت الحياة تدب في المناطق المجاورة له بمخططات سكنية واراضي تم بيعها على مر السنوات السابقة والتي ستشهد بدورها تطور عمراني ، و استثماري لا مثيل له ، نسبة لتوفر مساحات كبيرة مخططة والتي استثمر فيها مغتربي السودان بدول المهجر فالمنطقة موعودة بازدهار كبير ولا يأتي ذلك الا بزيادة عدد المسافرين والترانزيت عبر المطار الحالي و زيادة الاستثمارات المختلفة بالمطار ، مما يوفر منافذ ومنصة مستقرة تبدأ منها عملية تمويل إنشاء مطار الخرطوم الدولي الجديد.

مهندس / قاسم عمر
يوليو 2022