حيدر المكاشفي

حيدر المكاشفي يكتب: هل بالفعل اقترب الحل


تصريح متفائل ادلى به رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة القومي محمد المهدي، ذلك حين قال ان هناك خطوات متسارعة للحل وان نضجا قد حدث في المواقف بين كل الأطراف، منوها إلى إدراك الجميع مدنيين وعسكريين لضرورة تقديم التنازلات المطلوبة حتى لا تدخل البلد في متاهة يتضرر منها الكل، مضيفا انه لهذه الأسباب نحن الآن نقترب من حل ينهي الانقلاب ويرتب لوضعٍ انتقالي وبعد ذلك هناك تفاصيل كثيرة محلها طاولة الحوار..هذا التصريح المتفائل للقيادي بحزب الأمة يثير من الاسئلة اكثر من انه يقدم تطمينات، فهو لم يوضح ماهية هذه الخطوات المتسارعة للحل، ولم يكشف عن النضج الذي قال انه حدث في المواقف بين كل الاطراف، كما لم يحدد طبيعة التنازلات المطلوبة التي قال ان الجميع مدنيين وعسكريين ادركوا ضرورة تقديمها..هذا تصريح كان يفترض ان يرفقه صاحبه ب(توضيحاته) على رأي الامام الصادق المهدي رحمه الله، فكل ما قاله صاحبه عن اقتراب الحل لا يعدو كونه مجرد عموميات يحتاج الرأي العام لمذكرة تفسيرية حولها حتى يحكم وفقا للحيثيات والبراهين ما اذا كان هناك فعلا حلا يقترب، أم ان الحل مازال بعيدا وعصيا، كما رائعة الرائع الشاعر الغنائي حسن الزبير (ما بنختلف)، التي أداها بإحساس عال المبدع خوجلي عثمان الذي مات مغدورا بطعنة سكين من أحد المهاويس، رحمهما الله الاثنين، ففي خاتمة هذه الأغنية يقول الشاعر (أنا عندي ليك سر من زمان.. داير أقولو ومنكسف.. كل ما أقول قربت ليك.. تلقاني بادي من الألف).. على أية حال دعونا نشارك هذا القيادي السياسي تفاؤله باقتراب حل هذه الأزمة المستفحلة التي صنعها انقلاب 25 اكتوبر واورثت البلاد الخراب والعباد الشقاء والعناء، باعتراف قادة الانقلاب انفسهم بدءا بالبرهان ثم حميدتي الذي اعلن مؤخرا على رؤوس الاشهاد من خلال المقابلة التي اجراها معه الصحافي محمد محمد عثمان لصالح قناة البي بي سي، إن الانقلاب العسكري الذي نفذوه قد فشل، وإن الأوضاع الاقتصادية والأمنية في السودان باتت أسوأ مما كانت عليه قبل الانقلاب، مشددا على أن الانقلاب لم يحقق أهدافه، وما قاله حميدتي عن فشل الانقلاب وما جره على البلاد من متاعب ومصاعب لا يستطيع انكارها حتى من تنطع وحاول الانكار، فهي أوضح من أن تنكر، ولهذا تبقى عملية انهاء الانقلاب وكل ما ترتب عليه وتسبب في هذه الاضرار البالغة هي أهم مطلوبات الحل، ثم يصار من بعد ذلك الى التوافق على وثيقة دستورية تحكم ما تبقى من الفترة الانتقالية، وتحديد مدتها، على ان يتم التأكيد في الوثيقة على تصفية دولة الحزب الواحد الشمولية (الانقاذ) وإزالة تمكينها، والمحاسبة القضائية لكل من ارتكب جرما ضد الوطن والمواطنين، بما في ذلك جرائم قتل المتظاهرين السلميين وقضايا الفساد، وتحقيق التحول الديمقراطي والإلتزام بحقوق الإنسان، ومحاربة العنصرية، وإستكمال السلام وإنهاء الحرب والنزاعات، تنفيذ برنامج اقتصادي اسعافي جوهره فك الضائقة المعيشية في البلاد، وفتح الطريق لإعادة بناء الدولة السودانية على أساس قومي لا مركزي يراعي التعدد الإثني والديني والثقافي والنوعي، ويلتزم العدل في اقتسام السلطة والثروة بين كل مكونات البلاد الإثنية والجهوية، مما يحقق إقامة سودان ديمقراطي موحد بإرادة شعبه الطوعية..فهل يا ترى تم التوافق على كل هذه القيم والمعاني حتى يبشرنا رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة القومي باقتراب الحل..

صحيفة الجريدة