الطاهر ساتي

الطاهر ساتي يكتب: التسول بالشيوخ..!!


:: بالسنغال، عندما عجزت السلطات عن مكافحة التسول، وضعت قانوناً بغرض التنظيم..نعم، قانون لتنظيم التسول.. ومن نصوصه، منع التسول بالأطفال مع العقاب بالسجن لمن يخالف.. هكذا تم القضاء على جريمة استغلال الأطفال في التسول، ونالت السنغال إشادة منظمات دولية و إقليمية.. فالتسول بالأطفال (جريمة مزدوجة)، بحيث أن التسول في حد ذاته جريمة، ثم استغلال الطفل في التسول جريمة أخرى..!! :: ونحن في السودان بحاجة إلى قانون يمنع التسول بالشيوخ، وهذا ما يحدث – في الشارع السياسي – منذ الاستقلال وحتى يوم الحدث السياسي المسمى حالياً بنداء أهل السودان للوفاق الوطني، والذي يرأسه الخليفة الطيب الشيخ الجد ود بدر.. فالمؤكد أن هناك جهة ما تتسول بالخليفة ود بدر لمكاسب سلطوية.. و المؤكد ليس للخليفة في هذه المكاسب ناقة ولا جمل.. فالخليفة مجرد أداة لاستدرار العواطف و المشاعر، أي كالأطفال المحمولين على أكتاف المتسولين في الشوارع..!! :: ولا نلوم الخليفة على قبوله بأن يكون (أداة تسول)؛ فالرجل من ذوي النوايا الطيبة، ولا يرفض دعوة داعٍ ولا نداء منادٍ، وهكذا شيوخ وأهل التصوف، فهو غير ملام على ما يفعل.. ولكن نلوم الجهة التي تستغل الخليفة استغلالاً سياسياً، وكذلك الذين حول الخليفة، أي الأبناء والأهل والمريدين.. فالسياسة (بحر من النجاسة)، كما يصفها مصطفى محمود، و(لعبة قذرة)، كما يصفها السواد الأعظم من الناس، وما كان على أبناء الخليفة الموافقة على إلقاء أبيهم في هذا البحر و ذاك الملعب..!! :: ثم إن البلاد ليست خالية من رموز سياسية و أكاديمية (غير متحزبة)، و هم الأصلح والأفضل للمشاريع السياسية، وكان يمكن اللجوء إلى أحدهم أو بعضهم لإعداد – أو تبني – هذه المبادرة.. ثم هناك جامعة الخرطوم وغيرها من الجامعات التي تضج بالخبراء والعلماء، وكذلك مراكز الدراسات، و كلها مؤسسات تصلح بأن تكون مسرحاً للمبادرات السياسية.. فالمسجد والمسيد دورهما تربية الفرد، و من الخطأ تحويلهما لأداة نصب ينصب بهما السياسي على الناس ويخدع..!! :: ثم أن الارتباك الراهن يكشف بأن المكون العسكري لم يكن لديه خطة عمل لما بعد (25 أكتوبر)، و أن تصحيح المسار أمل بدون برنامج عمل.. كان المتوقع – بعد 25 أكتوبر – تشكيل حكومة كفاءات، لفترة محددة، و مهام محددة، منها إصلاح أجهزة الدولة و قوانينها، ثم المضي نحو الانتخابات والحكومة المدنية.. و لكن المؤسف لم تكن هناك خطة لإنجاز هذا المشروع الوطني، بدليل انتظارهم مبادرة فولكر لنصف عام و أكثر، ثم الخليفة ود بدر.. ربما لنصف عام آخر أو أكثر..!! :: و بالمناسبة، ليس العسكر وحدهم، فمن نلقبهم بالمدنيين أيضاً جاءوا (بلا خطة).. (جئنا بشعار تسقط بس، وبعد السقوط لم يكن لنا تصور للحكم)، قالها هكذا جعفر حسن عثمان، الناطق الرسمي باسم قوى الحُرية، بمنتدى التيار (7 أكتوبر 2021)..فالعباقرة كانوا يُعارضون فقط، ولم تحدثهم أنفسهم – طوال الثلاثة عقود – بوضع تصور لإدارة شؤون الناس والبلد في حال وصولهم إلى السُلطة.. أو ربما كانوا يظنون بأن هتافات (دسيس مان) قد تكفي بحيث تكون برنامج عمل..!! :: على كل، لو رفض نشطاء قوى الحرية مبادرة الشيخ ود بدر، اقترح أن يطرح الشيخ الريح أزرق طيبة مبادرة ترضيهم، ثم يجمع الشيخ الياقوت المبادرتين في اتفاقية تكون (دستور الدولة)، و بهذا حين يسالوا أحفاد أحفادنا – في امتحان التاريخ – عمن أخرج السودان من أزمته السياسية في العام ٢٠٢٢؛ فتكون الإجابة النموذجية ( أخرجه الشيخان )..ثم عسى و لعل تكون نصوص دستور الياقوت أفضل من نصوص (جُبة الدرويش ) المسماة مجازاً بالوثيقة الدستورية..!!

صحيفة اليوم التالي