حيدر المكاشفي

حيدر المكاشفي يكتب: مقتل محمد مجدي.. جريمة يستحيل تبريرها


بادئ ذي بدء لا بد لنا أن نترحم على روح الشاب الطالب محمد مجدي، الذي ارتقت روحه برصاصات أحد أفراد جهاز المخابرات العامة (جهاز الأمن والمخابرات)، في عملية غادرة وبشعة وتعد جريمة نكراء بكل المقاييس، كما نسأل الله الشفاء والمعافاة لزميليه المصابين في نفس الحادث، ومن بشاعة هذا الحادث ان مرتكبه تلبسته روح التشفي وتعمد القتل العمد فعمد الى ملاحقتهم بسلاحه القاتل رغم محاولتهم النجاة، فلاحقهم واطلق عليهم زخات من الرصاص داخل العربة سقط على اثرها محمد مجدي، وللأسف لم تكن هذه الحادثة المؤلمة التي تقع بواسطة عسكري نظامي هي الأولى، فقد سبق لأحد ضباط الشرطة ان أخرج مسدسه وأفرغ ما فيه من رصاصات على جسد شاب يدعى عزمي فأرداه قتيلا، لا لأي جريمة ارتكبها وانما فقط بسبب مشادة كلامية، كما لا ننسى حادثة قتل بعض منسوبي شرطة النظام العام سيئ الذكر والسيرة للشاب سامر عبدالرحمن نجل القيادية البارزة في حزب الأمة الإصلاح والتجديد نهى النقر شقيقة كل من الفاتح ومصطفى النقر نجمي الكرة السودانية المعروفين، وأيضاً تمت تصفية سامر مع سبق الاصرار والترصد لا لشئ فقط لمجرد شكوك واهية أوهى من خيط العنكبوت، كما لا ننسى كذلك مقتل المواطنة عوضية عجبنا، التي راحت مبكياً عليها في الاحداث المؤسفة التي شهدها حي الديم قبل عدة أعوام، في أعقاب الاحتكاك الذي وقع بين جمهرة من سكان الحي ودورية من شرطة أمن المجتمع، وغير من ذكرنا فقد سقط المئات من المواطنين الشهداء العزل والأبرياء بسلاح الحكومة، ليس لأنهم نهبوا مال الدولة أو حملوا السلاح ضدها وقاتلوها أو أنهم احتلوا حلايب أو الفشقة وانما فقط لأنهم خرجوا في تظاهرات واحتجاجات مشروعة ضد الظلم والفساد في عهد الانقاذ الكالح أو في عهد الانقلاب الحالي.. من المؤسف ان يحاول جهاز المخابرات العامة التغطية على منسوبه مرتكب الجريمة وتحصينه من العقاب، بما يفهم منه من خلال بيانه الذي أصدره، ان الجاني كان يدافع عن نفسه وعن المؤسسة التي يحرسها، علماً بأن المجني عليهم كانوا عزلاً ولا يحملون سلاح، فكيف يكون الدفاع عن النفس في هذه الحالة بزخات من الرصاص القاتل مهما كان السبب، والقاعدة العدلية تقول (لأن يفلت الف مجرم من العقاب خير من ان يدان برئ واحد).. والشاهد هنا أن عمليات استسهال قتل العزل الأبرياء بواسطة نظاميين وبسلاح الحكومة تكاثرت بصورة لافتة ومقلقة، أحياناً لأتفه الأسباب وأحياناً أخرى لمجرد مواجد شخصية، الأمر الذي يتطلب وقفة جادة ازاءها لكبحها واستئصالها، والمعلوم أن لكل القوات النظامية في كل دول العالم بروتوكولات لاستخدام القوة، ومنها الأسلحة النارية، تحدد بدقة شديدة حالات استخدام القوة والمدى المسموح به في كل حالة، وفي حالة استخدام سلاح من قبل نظامي أدى لقتل أو إصابة متهم أو مطارد، يتم مراجعة الحالة، ومعرفة مقدار القوة المناسبة، وما إذا تم الالتزام بها أو تجاوزها ومن ثم تتم المحاسبة، والسبب الرئيسي الذي يخول للنظامي حمل السلاح واستخدامه هو أن يكون الشخص المتهم أو المشتبه به مسلح، ويهدد حياة النظامي بشكل مباشر، وعندها لن يكون أمام النظامي غير استخدام السلاح الناري، فأيما نظامي مناط به تطبيق القانون لا تجاوزه وأخذ حقه بيده، وعليه فإن هذه القضايا تتطلب فتح كامل هذا الملف الدموي وتكوين لجنة تحقيق قضائية مستقلة تراجع الأحداث التي استخدمت فيها القوات النظامية السلاح في مواجهة مدنيين عزل من السلاح، ومراجعة بروتوكولات استخدام السلاح لدى القوات الأمنية كافة، وقبل ذلك ضوابط صرف السلاح من المخازن.

صحيفة الجريدة