صلاح الدين عووضة يكتب : حبابك 3 !!
تذكير.. فهذا هو الجزء الثالث – والأخير – من سلسلة كلماتٍ لنا باسم حبابك.. ومضى زمنٌ طويل على الجزئين السابقين.. ولولا إلحاحٌ من تلقاء زميلنا هيثم – سكرتير التحرير – لاكتفيت بهما.. وبطلتهما تلك التي تقول لنا : حبابك.. وهي تطل بوجهٍ – يشبه وجه ملكة الدار – من جانب سور مهدم لدارٍ عتيقة.. ونلبي دعوتها من باب فضولٍ فلسفي.. وفلسفتنا في هذا الجانب تتماهى مع فلسفة المعتزلة ذات التفكير العقلاني.. فكل ما لا يخضع للمنطق فهو غير منطقي.. وما حدث لنا خلال ممارستنا رياضة المشي تلك يبدو ضد منطق الأشياء.. وأصل الحكاية أننا سهونا – مشياً – أصيل ذلكم اليوم.. فولجنا صُقعاً غريباً…وحياً غريباً….ومسالك غريبة….وداراً غريبة.. وهنالك كانت امرأة هي الغرابة ذاتها.. ومن بين ثنايا ثوبها – فجسدها – يفوح عطرٌ هو مزيج مما تغنى به وردي: انتِ ريحتك دمور فرير؟…وللا بنت السودان أصيل؟.. بمعنى أنه عطر انسرب لأنفي من ماضي الذكريات…كموضة ثوبها نفسه.. فكل شيء بدا لي قديماً…وعتيقاً.. ووجهها ذاته – بوشومه – شابه لي وجه روائية قديمة هي ملكة الدار.. ونكف هنا عن التذكير…والاجترار.. فلا معنى لأن نسرد تفاصيل أحداثٍ سبق لنا سردها في الجزئين الماضيين.. بمثلما لا معنى لأن نهرب إلى الغيبيات تفسيراً.. أي أن نفسر كلما تعجز عقولنا عن فهمه بما ورائياتٍ لنواميس الكون.. أو نواميس عالمنا المعيش هذا.. نفسره بأنه عمل…أوعين…أو كتابة…أو كجور…أو كادوك…أو جن.. وأضرب مثلاً – شخصياً – قريبا.. فذات ليلة صحوت على جذبٍ لقدمي اليمنى من قِبل جاذبٍ غير مرئي.. وظللت صاحياً أبحث عن تفسيرٍ منطقي.. فلما أعياني البحث – وعز التفسير – غلبني النوم ؛ بعد أن غُلبت على أمري.. وبعد عدة ليالٍ تكرر الجذب نفسه.. ولكني عثرت على التفسير المنطقي هذه المرة ؛ وما كان ذا صلةٍ بالغيبيات.. عثرت عليه بعد أن تكرر الجذب…ولم أكن قد نمت بعد.. فإذا هو ارتجاف عنيف – لثوانٍ معدودة – في عضلة باطن قدمي اليمنى.. وإعمال العقل يُغني عما هو ضد المنطق.. وإن أردت معرفة مدى تقدم شعبٍ ما – أو تخلفه – فانظر إلى عقله الجمعي.. هل هو عقلٌ يميل إلى التفاسير العلمية؟…أم الغيبية؟.. فإن كان علمياً – ومنطقياً – فلا مكان فيه لتفاسير تجنح نحو غياهب الجهل.. ومن ثم فلا مكان لما يُسمون الشيوخ.. وهم الذين يستغلون إيمان الناس بتأثير قوى غيبية عليهم أبشع استغلال.. قوى العمل…والسحر…والعين…والكتابة.. فتجد كثيراً من حملة الشهادات العليا – دعك من البسطاء – يطرقون أبوابهم.. فيأتيهم الرد من ذي جهالة بالداخل: حبــابـــك !!.
صحيفة الصيحة