الجنائية الدولية .. هل تصبح أداة من أدوات الصراع الدولي؟
عاد ملف الجنائية الدولية يطل برأسه مرة اخرى بزيارة نائب المدعي العام لاقليم دارفور ووقوفه على اوضاع النازحين بالمعسكرات ، واثار صمت الحركات الموقعة على مسألة الجنائية الكثير من علامات الاستفهام خصوصا ان هذه الورقة كانت من اهم الاوراق التي كانوا يضغطون بها على حكومة البشير كلما جلسوا الى طاولات الحوار؛ غير أنه لم يعد من أولويات هذه الحركات بعد تحقيق حلم الوصول الى السلطة ، بيد أن الزيارة في هذا التوقيت تطرح أكثر من سؤال حول ما الغرض منها بعد صمت طويل .؟، وهل تأتي لتأكيد تحقيق العدالة كما صرح المدعي العام في زيارته الى دارفور؟ أم أنها مجرد رسالة للمكون العسكري الذي يقف في الضفة الأخرى من التحالف الدولي ضد الغرب والولايات المتحدة الأمريكية ؟
مغزى الزيارة
بيد أن من يرى أن الزيارة مجرد رسالة للمكون العسكري بأن المحكمة موجودة ويمكنها أن تدينهم في الجرائم التي ارتكبت بعد إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر الموصوفة بالانقلاب وعملية فض اعتصام القيادة العامة، ويعتقد محللون سياسيون ان المحكمة الجنائية في الاصل اداة ابتزاز للحكومات الافريقية، وان الغرض من الزيارة في هذا التوقيت تلويح كرت العقوبات التي يمكن ان تفرض على المكون العسكري للضغط عليه فيما يتعلق بالتحول الديمقراطي؛ وقال المحلل السياسي د. مصعب فضل المرجي إن المحكمة لا يهمها تحقيق العدالة اكثر من كونها كرت ضغط لكل من يقف في طريق اجندة الغرب.. وتابع بقوله لـ(الحراك): “مضى أكثر من عامين من سقوط المتهم الرئيسي في جرائم دارفور وما زال الملف يراوح مكانه وهذه الزيارة والزيارات التي سبق وأن قام بها المدعي العام السابق لم يكن اكثر من تحريك الكرت ” واستبعد مصعب ان تكون الزيارة لتأكيد اهتمام المحكمة بتحقيق العدالة.
تحقيق العدالة
وأكد مدعي محكمة الجنايات الدولية كريم خان حرص المحكمة على تحقيق العدالة بكل شرف ونزاهة. وقال خلال زيارته لاقليم دارفور التي استهلها بجنوب دارفور، وقال إن هدف زيارته لمخيم كلمة هو التعاطي مع النازحين الذين ظلوا في المخيمات لـ “18” عاماً مشيرا لاهمية تحقيق العدالة لهم دون أن يسمعوها كشعار، واوضح خان في تصريحات صحفية عقب اجتماعه بحكومة ولاية جنوب دارفور بنيالا انه تم الإتفاق مع الحكومة السودانية لإرسال عضوين من المحكمة الجنائية للوقوف على حقيقة الأوضاع بالولاية.
وكان مدعي المحكمة الجنائية كريم خان وصل صباح الأحد الماضي إلى مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور في زيارة تستغرق ساعات، وفور وصوله عقد اجتماعاً مع حكومة الولاية وأعضاء اللجنة الأمنية، وقال خان إن زيارته لدارفور تأتي لأول مرة لتأكيد مسؤولياته وخدمته للعدالة بكل شرف ونزاهة لمساعدة السودان للتعامل مع الاشكالات التي يواجهها مع المحكمة الجنائية، مؤكدا أن إتفاقية جوبا أقرت تحقيق العدالة. وابان خان إن قضية كوشيب تسير بصورة جيدة، مجددا شكره لمن أثاروا نقطة حماية الشهود والضحايا والمسؤولين الحكوميين الذين تحدثوا عن ضرورة تحقيق السلام.. وأضاف:”أكدت لهم أن السلام ركيزته تحقيق العدالة”.
مزيد من الأدلة
وسلم نازحون في إقليم دارفور الاثنين الماضي ، مدعي المحكمة كريم خان ما قالوا إنها أدلة جديدة لانتهاكات ارتكبها نظام الرئيس المعزول عمر البشير، وشككوا في إمكانية مثوله وآخرين أمام المحكمة، وقال مسؤول التنسيقية العامة للنازحين واللاجئين في دارفور يعقوب فوري حسب ما اورده موقع “سودان تربيون” إن المدعي اجتمع بممثلي الضحايا في مخيم “كلمة” بولاية جنوب دارفور ثلاث ساعات وتسلم أدلة قدمها ممثلو الضحايا متعلقة بجرائم البشير وتلك التي وقعت عقب سقوط نظامه”، لكن يعقوب فوري رفض الكشف عن تفاصيلها ، وأوضح أن الزيارة المهمة لمسؤولي المحكمة لإقليم دارفور وجدت قبولاً لدى الضحايا المطالبين بتحقيق العدالة ومحاسبة المتورطين في ارتكاب الجرائم.
الصراع الدولي
واتفق المحلل السياسي سعد محمد أحمد مع د.مصعب واعتبر زيارة المدعي العام في هذا التوقيت ليست أكثر من ارسال رسالة لكل من يعرقل مخطط الغرب في السودان وفرض من تراه مناسبا في السلطة، بيد أن الزيارة ربما تلويح بكرت الجنائية لمن ارتكبوا جرائم ضد الانسانية ، ولكن لن يكون أكثر من مجرد أداة ضغط عليهم.
ويعتقد سعد أن المحكمة أيضاً تكون جزءاً من الصراع الدولي على السودان وموارده ، مستشهداً بعدم تحرك المجتمع الدولي إزاء الجرائم التي ارتكبت بعد انقلاب “25 أكتوبر” حسب قوله بغرض اتاحة الفرصة للمكون العسكري الحليف الروسي ليتراجع عن تحالفه مع الكرملين المنافس الثالث على موارد افريقيا بعد الولايات المتحدة الامريكية والصين، وقال سعد لـ(الحراك): إن المحكمة إذا كانت حريصة على تحقيق العدالة لقدمت الرئيس المخلوع فورا الى التحقيق في جرائمه، ولا تكتفي بكوشيب كديكور لاظهار جدية غير موجودة أساساً !!
ومضى سعد بقوله: إن قادة الحركات المسلحة لم يعدوا يكترثون بملف جرائم دارفور ولم يعد هذا الملف له اولوية لهم بعد أن حققوا أهدافهم في الوصول إلى السلطة .
الخوطوم ــ نبيل صالح
صحيفة الحراك السياسي