مكي المغربي يكتب: حديث مع خبيرين حول (أدارا) أكبر نظام بايومتريك في العالم
قد يقال كيف ندخل في انتخابات قومية في السودان ونحن لم نقم بالخطوة الأهم وهي التعداد السكاني، وليس لدينا نظام بايومتريك متكامل.
هذه العبارة يرددها كثير من الناس لفترة قاربت أربع سنوات بينما استطاعت الهند تنفيذ رقمنة كاملة للهوية الوطنية ومعلوماتها (أدار) وليس تعداد سكانيا لمواطنيها وحسب وهم أكثر من مليار مواطن وتم هذا الانجاز خلال أربع سنوات.
الرقمنة تشمل بصمة اليد وبصمة العين وكل معلومات السجل المدني المهمة ويصبح التحديث بعد هذه الخطوة الجبارة عبر المؤسسات، بل تحدث تلقائيا في أي إصدار جديد لشهادة ميلاد أو وفاة أو غيره.
تعداد الهند أكبر من مليار ونحن مجرد 40 مليون (مدينة مومباي وحدها 24 مليون)، يعني الهند تفوقنا 25 مرة، وقد كلفها هذا الأمر 500 مليون دولار وليس أكثر، وذلك لأن الأمر تم وفق طريقة منسقة للغاية بين الجهود الحكومية والطوعية والأهلية.
الأخ العزيز الدكتور هيثم صديق من اتحاد أصحاب العمل السوداني – أحد السودانيين القلائل المطلعين على تفاصيل هذا المشروع الجبار – قال لي ليس المهم تنفيذ هذه الرقمنة إنما الآثار التي ترتبت عليها، ومنها مثلا أن إحصائية التعامل بالبنوك أو “الشمول المالي” قفز من 250 مليون متعامل إلى قرابة 800 مليون، يعني أكثر من ثلاثة أضعاف وهذا في المرحلة الأولى فقط.
من أول يوم في التنفيذ كسبت الهند 50 مليون دولار من الهدر السنوي في الفساد والمرتبات المجهولة والمتوفين.
السيرفرات وأجهزة التصوير والرقمنة هندية، والأعظم من ذلك نظام البرمجيات هندي مئة بالمئة بل وقامت الهند بتحويله إلى مصدر مفتوح وصار هدية للإنسانية، وما على السودان إلا أن يحجز نسخته عبر البنك الدولي ومعها تمويل التعداد.
وحتى نجرجر أصدقائنا من خبراء التكاليف في هذا النقاش دعونا – ندخل في تخصصهم – ونبدأ بالتقديرات الأولية.
إذا كانت تكلفة تأسيس هذا السيستم لمليار مواطن هي 500 مليون دولار فإن تكلفتها لأربعين مليون مواطن سوداني هي فقط 20 مليون دولار.
كل مواطن نصف دولار لو تعلمون.
انا شخصيا مجهز مبلغ “إثنين دولار ونص” لحكومة السودان تكلفة تعداد اسرتي الصغيرة وما عافي ليهم تعطيل استحقاقي الدستوري الانتخابي بحجة التعداد الاسطوري الذي تتحدث عنه الأحزاب وكأننا طلبنا منهم حساب النجوم في المجرات.
هذا المبلغ – 20 مليون دولار – كسر بسيط مما تبرعت به الإمارات والسعودية في بداية الفترة الإنتقالية.
هذا المبلغ عشر ما وعدت به فرنسا دعما للإنتقال.
هذا المبلغ مجرد “ساندويتش” مما أطعمتنا لجنة التمكين من صواني المندي بالرز وأفخاذ الضأن اسبوعيا من الأرقام ضخمة التي تملأ الفم وتدعي أنها سلمتها لوزارة المالية.
التعداد الرقمي ليس فقط لتسهيل الإنتخابات بل يمكن إنشاء نظام إئتمان مالي لمعرفة سجل التحسن والتدهور للأفراد والمؤسسات.
الرقمنة لم تكن في التعداد فقط بل في المناهج التعليمية لذلك عبرت الهند فترة الكرونا ولم يتأثر العام الدراسي إلا قليلا، أما الجامعات فالذي تخرج من الهند حاليا دفعته يادوب عبروا أولى في جامعة الخرطوم.
وبعد النقاش الممتع مع الخبير هيثم ننقل الى خبير آخر هو اكاديمي وشرطي وصحفي في آن واحد.
السودان ليس في وضع سيء مقارنة بغيره، إذ تتجاوز نسبة التغطية بالرقم الوطني في السودان قرابة 80 بالمئة.
الحديث المتميز مع الخبير الدكتور لواء حسن التيجاني وضح لي فائدة السجل الموجود في تسهيل التعداد السكاني.
وزميلنا الكاتب الصحفي والدكتور حسن التيجاني كنز فرطت فيه الشرطة السودانية، مع أنه يحمل بدلا من الدكتوراة إثنين احدهما في مجال Public Administration
دكتوراة حسن التيجاني باللغة الإنجليزية و هو خبير حقا وليس قحتا!
سأواصل معه في موضع آخر لاهمية الموضوع.
عودة للمقارنة الهندية السودانية، من أراد أن يشكك في تقديري أن الميزانية السودانية للمشروع لن تتجاوز 20 مليون دولار مقارنة بالهند أقول له ربما أقل، لأن السودان لا يبدأ من الصفر، يوجد سجل رقمي أفضل من عدد من الدول الافريقية التي تقيم انتخابتها بانتظام.
لا بد أن نقول أولا سبحان الخالق، أكثر من مليار مواطن هندي تم تسجيل بصمة العين لهم ولم تتشابه أو تتطابق أي عيون.
ولم تتطابق بصمات ولا أي شيء.
لقد يسر الله للبشر أن يتعلموا “الحساب” كما جاء في القرآن الكريم، وسهل لهم التمييز بين توأم وتوأم بالبصمات، وكل شيء ميسر ومسهل، لكن هنالك من يعقدون هذه المطلوبات.
لقد اختصرت الهند تمويل (أدار) بالتعاون مع لجان الأحياء وأسست لهم مقار وأكشاك ونقاط تجميع بيانات.
في السودان، أحزابنا بدلا من قيادة لجان المقاومة والاحياء بسلاسة لهذا التغيير واستيعاب طاقاتهم، قالوا لهم .. (المجد للساتك ولمن أحرق اللساتك نارا واشتعل)
لذلك الهند أنجزت التعداد والسودان أنجز إتفاقيات ووثائق دستورية وبنسخ متعددة كمان، وحسب الطلب.
داير نسخة الإتحاد الأفريقي موجودة، داير نسخة كمال الجزولي موجودة، داير نسخة صلاح قوش أصبر علينا شوية عندنا جرد ملفات استخبارية بعد الخريف واللواري تقيف.
صحيفة الانتباهة