الطاهر ساتي

الطاهر ساتي يكتب: لن يحصدوها..!!


:: المجلس القومي للدفاع المدني يؤكد أن الأوضاع تحت السيطرة.. وليس في التباهي بالسيطرة على الأوضاع – بعد موت الأنفس وخراب الديار – ما يُدهش.. ومحامٍ في قديم الزمان تباهى بمرافعته حين حكمت المحكمة على موكله بالإعدام، وعندما غضب المدان وسأله عن سبب التباهي، رد عليه: (يا زول أسكت، والله لو ما أنا القاضي دا كان قطعك حتة حتة).. والله أعلم ما كان سيحدث في المناقل لو لم تكن الأوضاع تحت سيطرة مجلس الدفاع المدني..!! :: وكالعهد بنا دائماً عند كل خريف، يستقبل مطار الخرطوم طائرات الجسر الجوي القطري، وهي مواد إغاثة لدعم المتأثرين بالسيول والأمطار والفيضان، وكذلك الإمارات، سارعت هي أيضاً إلى نجدة المنكوبين في بلادنا، وتعدنا بالمزيد من الإغاثة.. والسعودية أيضاً، تتأهب لدعم المتضررين.. ومصر أيضاً ..و..و..و.. (لا جديد).. في كل الحقب والأنظمة، عسكرية كانت أو مدنية، فإن الجسور الجوية – المُحمّلة بالإغاثة – جُزء من تاريخنا الإنساني والسياسي..!! :: مياه الخريف من الخيرات التي يحولها سوء الإدارة إلى كوارث جالبة للإغاثة.. ومُحزن أن تستقبل بلادنا أمطار الخير والبركة بالتزامن مع استقبال المسؤولين لإغاثات العرب والعجم .. و(لا فرق)، كما كان السابقون يشكِّلون لجان الإغاثة قبل الثورة، فإن اللاحقين أيضاً يفعلون ذلك بعد الثورة.. ولا فرق بين عهد البشير وحقبة حمدوك ونظام البرهان، من حيث مستوى الاستجداء – في كل المواسم – رغم ضخامة خيرات البلد غير المستغلة لصالح أهلها..!! :: ومن المحزن أن يكون هذا حال بلاد يشقها النيل من أقصاها إلى أقصاها، وتغرقها الأمطار والسيول، وأرضها على مد البصر، ومعادنها إما محشوة في جوف جبالها وباطن أرضها أو ينهبها اللصوص، وثروتها الحيوانية تُعد بالملايين، وإنسانها القادر على العطاء إما مغترب بالخارج أم متغرِّب بالداخل، وسلاطينها ينتظرون – ويستنجدون – الإغاثة.. ليبقى السؤال المُر: ما الذي ينقص بلادنا بحيث لا تكون يدها السُّفلى في كل المواسم؟.. لا شيء ينقصها غير قيادة ملهمة..!! :: على كل، كما قالت هيئة الأرصاد، فالخريف قد يمتد إلى شهرين آخرين.. فالهيئة تُحسن عملها برصد الطقس وتحذير المواطنين ومن يهمهم الأمر (إن وُجدوا).. ولكن ماذا عن مؤسسات الدولة الأخرى؟.. ماذا عن المؤسسات الاقتصادية المنوط بها مهام استغلال هذه الأمطار في زرع ينفع الناس والبلد، ويقيهما ذل القروض و(الشحدة)..؟.. كما يتم تشكيل لجان للإغاثة، هل تم تشكيل لجان متخصصة تستغل كل هذه المياه في زيادة الرقعة الزراعية بكل أقاليم السودان..؟؟ :: وكما يتم تشكيل لجان للإغاثة، هل فكروا في تشكيل لجان لحصاد المياه بكل أقاليم السودان، بحيث تضع الخطط والدراسات لتشييد متاريس لتخزين المياه في السهول والوديان بغرض الزراعة ثم زيادة مساحات الغابات والمراعي؟.. للأسف (لا)، لم يخططوا لمثل هذه المنافع، فالسادة يشغلهم التخطيط للحُكم وليس لخدمة الناس والبلد.. وعليه، لن نحصد مقدار برميل من كل هذه المياه، وقدرنا أن (تحصدنا المياه).. ولن نزرع بهذه المياه رُقعة جديدة، وقدرنا أن نغرق بها فقط..!!

صحيفة اليوم التالي