منى أبوزيد تكتب : على أساس النوع..!
“العقل العظيم لا يحمل نوعاً”.. كولريدج..!
معظم النساء الناشطات على مواقع التواصل الاجتماعي – المُهتمات بحقوق المرأة على وجه الخُصُوص – يعرفن لاعب “الكيك بوكس” الشهير السابق “أندرو تيت” الذي اشتهر بتصريحاته المُعادية للمرأة والتي قامت بعض مَنَصّات التّواصل الاجتماعي بحظر مقاطع الفيديو التي ضمنها إيّاها، ومن تلك التصريحات حديثه عن أنّ المرأة التي تضع نفسها في موضع يسمح للرجل بالتحرش بها – أو حتى اغتصابها – عليها أن تتحمّل بعض المسؤولية..!
الغريب ليس تضييق الخناق على “أندرو تيت” ومعاقبته بحظر مقاطعه والشجب والتنديد بتصريحاته، فتلك ردة فعل متوقعة في مواجهة ما يمكن اعتباره تمييزاً سالباً على أساس النوع، لكن الغريب هو أن ذات المواقع والمنصات تضج بتصريحات موازية لتصريحاته في القوة ومعاكسة لها في الاتجاه تصدر عن نساء معاديات للرجال يستمرئن إهانة الرجل ويدعون إلى تجريده من بعض حقوقه، ولكن لا أحدٌ – تقريباً – يأخذ خطورة كل تلك التصريحات على محمل الجد..!
مُعظم المُهتمين بقضايا الجندر – أيضاً – تابعوا الجدل الذي احتدم على منصّات التواصل الاجتماعي في الأيام الماضية بشأن تصريح للداعية الكويتي “عثمان الخميس” أثار حالة عامة من الاستياء – باعتباره يُقلِّل من شأن النساء – قال فيه إنّه “لا يُوجد في العالم كله امرأة طبيبة متميزة في تخصُّص الجراحة وإن وجدت فإنّها إحدى اثنتين، إما أنّها غير مُتزوِّجة أو إنّها مسترجلة”. وقد تفاعل الكثيرون مع المقطع الذي ورد فيه التّصريح ووصفه البعض بأنّه جائرٌ وبأنه تعميمٌ خاطئٌ ويحبط النساء. فما كان من الشيخ إلا أن اعتذر في تغريدة على حسابه بموقع تويتر بطريقة ربما زادت الطين بلّه – بحسب بعض الصحف – وأطلقت موجة ثانية من الاستياء والغضب..!
والحقيقة أنّ ذات التصريح لو صدر عن شخصية عامة لكنها سيدة تتحدّث بطريقة سلبية عن الرجال لما حصد ذات القدر من ردود الفعل المُستنكرة لمعناه والشاجبة والمُندِّدة بجرأة قائله. أما لماذا فلأنّ المظالم التاريخية المُفترضة التي تعرّضت لها المرأة قبل أن تتحرّر وتعبر وتنتصر تشفع لها حين أي هجوم تشنّه على الرجل، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ هيمنة واستقواء مُنظمات حُقُوق المرأة وحركات “الفيمينزم” قد تجاوزت بعض حُدودها في نصرة النساء – ورفع الظلم عنهن وتحقيق العدالة الاجتماعية – إلى مُعاداة الرجل وشيطنته والمُطالبة باضطهاده إذا لزم الأمر..!
بينما الأفضل والأمثل أن تحصل المرأة على حُقُوقها المشروعة كاملةً بلا إفراط أو تفريط دُون أن يكون ذلك على حساب علاقتها الطيبة الودودة مع الرجل، ودون أن ينتقص ذلك من تقديرها لدوره كشريك حياة ورفيق درب على هذه الأرض التي خلقها الله لكي تتّسع لكليهما معاً، والتي خلقهما الله لإحيائها وتعميرها معاً، كل بحسب دوره الذي هيّأته الفطرة للقيام به، ومقدراته التي يمتاز بها عن الآخر. وكيف أن امتياز كل منهما على الآخر ببعض الصفات هو من باب التكامل وليس من باب اقتصار التميز على أحدهما دون الآخر..!
صحيفة الصيحة