جعفر عباس

جعفر عباس يكتب.. التأثير على العيال مدّاً وجزرا


البصمة التي تركتها في محيط عائلتنا، هي حب اللغة الإنجليزية، فشقيقي محجوب تخصص في الأدب الإنجليزي ونال فيه الماجستير، وابن اختي عبد المنعم همت درس على الاجتماع في جامعة القاهرة فرع الخرطوم ثم التحق بالجامعة الاهلية وتخصص في الإنجليزية ثم عمل مدرسا للإنجليزية، وأخوه عبد الوهاب صار بريطانيا ويعيش حاليا في ويلز، وسارة بنت اختي تحمل بكالريوس في الترجمة وبنتي عبير محاضرة لغة انجليزية في جامعة قطر، وعيالي الثلاثة الآخرون درسوا جميع المراحل بالإنجليزية ودخلوا الحياة العملية مسلحين بتلك اللغة الى جانب مؤهلاتهم الأخرى، وغسان وعبير أفضل عيالي إلماما باللغة العربية، أما مروة فقد صارت تهتم بتجويد العربية فقط بعد دخول الحياة العملية، في حين أن لؤي ضعيف في الكتابة بالعربية، ووسط أو فوق الوسط في القراءة بها، وجيد جدا في المخاطبة بالعامية
وبداهة فإن ضعف إلمامي بالرياضيات انتقل بالعدوى الى ثلاثة من عيالي، ونجا من العدوى غسان الذي تفوق أيضا في العلوم الطبيعية، ولا ذنب لي في نفور عيالي من الرياضيات سوى أنني كنت غير قادر على مساعدتهم في الرياضيات ولكن لم يحدث ان حدثتهم عن نفوري منها لأنني كنت ادرك ان ذلك سيجعلهم ينفرون منها: مادة بهدلت أبونا بلاش منها
وسعيد لأنني نجحت في غرس حب القراءة العامة في عيالي، فغسان مثلا يعرف الكثير جدا عن تاريخ العالم والأحداث التي غيرت مجرى التاريخ مثل الحربين العالميتين والثورة الروسية، وقبل أعوام كنا في المتحف الحربي في لندن وكان غسان يكلم إخوته بالإنجليزية عن الأسلحة المعروضة وخصائصها وأين استخدمت إلخ، فحسبه بعض الزوار دليلا في المتحف ووقفوا يستمعون له بشغف، ولؤي أيضا يقرأ كثيرا في التاريخ والانثروبولوجي وعلم النفس والاجتماع، بينما البنتان تقرآن مواد منوعة، والغريب في الأمر أنهم جميعا غير ميالين لقراءة الروايات والقصص، وما هو أهم من كل ذلك أن صلة عيالي بالتلفزيون ضعيفة جدا ولا يوجد بيننا من يتابع أي مسلسل تلفزيوني، ومن يريد منهم متابعة أمر مهم متلفز يلجأ الى القناة المعنية او يوتيوب لفترة قصيرة، وربما انا وأم الجعافر أكثر شخصين لديهما درجة من الاهتمام بالغناء والموسيقى (السودانية طبعا، كما انني أعشق الموسيقى الإثيوبية والموريتانية)، أما عيالي فلا أحسب انهم يستمعون للغناء والموسيقى إلا داخل سيارة (غسان معجب بالنور الجيلاني وعبير بوردي وعثمان مصطفى ومروة من كل نبع قطرة أما لؤي فلا يعرف من الغناء السوداني سوى “شقي ومجنون”)
وبما انني كنت رياضيا بتقدير “ضعيف جدا” ولم أمارس أي رياضة سوى حراسة المرمى في مباريات الدافوري، عندما يستعين بي فريق ك”تمامة عدد” فإن أكبر أولادي غسان لم يمارس أي رياضة إلا بعد التخرج في الجامعة، حيث صار يذهب الى الجيم بانتظام، أما لؤي فقد كسر يده مرتين في المدرسة وهو يلعب كرة القدم فأصدرت قرارا ديمقراطيا باعتزاله اللعب، وذات يوم عاد الى البيت منتشيا فسألته عن الحاصل فقال: معليش يا أبوي لعبنا مباراة اليوم، وانا فرحان لأننا فزنا وأنا سجلت أربعة أهداف، فقلت له وكم كانت النتيجة النهائية يا رونالدينو عباس، فقال: فزنا 16-14 (ولم اسمع بمثل هذه النتيجة الا عند فريق الكرة النسائي السوداني)، والمهم ان لؤي ما زال يلعب كرة القدم مرة كل أسبوع، ولأنه متابع جيد لدوريات الكرة في العالم فإنه يشارك حاليا في التعليق الرياضي بقناة الكاس القطرية بالإنجليزية