صلاح الدين عووضة

صلاح الدين عووضة يكتب : باسم… وقاتم!!

وكان باسماً..
هو أحد الباسمين – أبداً – في حياتي..
والذين تمنيت أن أكون مثلهم؛ باسماً… ضاحكاً… متصالحاً..
وعوض كان متصالحاً مع كل حالة..
حالات نفسه… وأهله… ورفاقه… ولاعبيه بفريقه البرنس..
فهو كان مدرباً للفريق هذا..
ولقبه (يانكو)؛ تيمناً بمدرب منتخبنا الوطني الأجنبي في زمنٍ مضى..
واسمه عوض محي الدين..
لم أره يوماً – بالغلط – في غير حالة كونه باسماً هذه..
وكذلك لم أره يوماً في حالة كونه غير متصالح مع حالاتٍ من حوله..
حالات بشرية… أو سياسية… أو اقتصادية..
بل حتى الكروية هو متصالح معها في حالات الهزيمة..
ما كان يغضب… أو يحزن… أو يخاصم..
أو ربما كان يفعل في صمتٍ داخلي نبيل… فلا تظهر انفعالاته على وجهه..
ويبقى الوجه هذا محتفظاً بابتسامةٍ دائمة..
ومن الباسمين – في حياتي – الذين أذكرهم عبد الله (حلاتهُ)..
ومفردة (حلاتهُ) هذه لقب أيضاً..
وأُطلق عليه لأنه كان يطلق كلمة (حلاتهُ) هذه في وجه من تعجبه..
حتى وإن كانت لا تعجب الكثيرين..
حتى وإن كان وجهها قاتماً..
وكل فتاة أصابها سهم حلاتهُ هذا أصابها حلو السعد… وحلاوة الخبر السعيد..
فيصيبه منها هدية (الحلاوة)..
تماماً كما الزين… في رواية (عرس الزين)… وكان تطابقاً غريباً..
بخلاف التطابق في (العقل)..
ثم هنالك عبودي الباسم؛ وحكيت قصتي معه… ومع ظرفه… ومع كرمه..
فهو باسمٌ حتى في أحلك المواقف..
وقبل أعوام صادفته – وقد كان في إجازة من اغترابه – في موقف مشترك..
فأثار غضبي – الموقف هذا – بينما كان هو باسماً..
ومن واقع تجاربي الشخصية هذه مع الباسمين أحببت الابتسامة..
وأحببت الباسمين..
رغم عجزي عن تقمص حالة كوني باسما..
وعجزت – كذلك – عن حب (الباسم)… أو رأس (النيفة) كما يُطلق عليه..
فالوجه الباسم يُشعرك بالرضا..
يُشعرك بأن الدنيا بخير؛ حتى وإن لم تقدر على مشاطرة الباسمين تبسمهم..
سيما في أيامنا هذه..
أيامنا التي يرجع سبب تعاسة الناس فيها إلى رجل باسم؛ تولى أمر اقتصادهم..
فسوَّد عليهم معيشتهم… وسوَّد وجوههم..
فباتت حياتهم قاتمة… ووجوههم البائسة أشد قتامةً..
ولا أدري كيف يستطيع حتى عوض أن يكون باسماً في مثل أيامنا هذي..
وأعني عوض محي الدين الباسم..
ولا عبودي… ولا عبد الله (حلاتهُ)… ولا أي باسمٍ آخر في حياتي..
فقط من يبتسم الآن هو هذا الرجل؛ الباسم..
وأخشى أن يكون سبباً في دمار فترتنا الانتقالية هذه من بعد دمار اقتصادنا..
فهو لا يُجيد شيئاً سوى (القلع) من جيوب الناس..
ولا يفكر في شيء بعيداً عن جيوب الناس هذه… فيما يلي شؤون وزارته..
رغم أن الجيوب هذه لم يبق فيها شَيءٌ..
ولكنه لا يحس… ولا يشعر… ولا يَخْجَل… ولا يَتَألّم؛ فقط يبتسم..
يبتسم حتى وهو يقول إن الحل في جيوب الناس..
سواء حل مشاكل وزارته؛ أو مشاكل آله… وعشيرته… وأفراد حركته..
فكل معضلة مالية حلها في جيوب الناس..
حتى وإن كانت تتعلّق بإعفاءات جمركية لابن أخيه كما حدث قبل أيام..
وحسناً فعل ابن شقيقه هذا وهو يرفض الإعفاء..
فما بداخله من حياء – إزاء المال العام – لا يعرف طريقه إلى قلب الباسم..
ولكن كره اتفاق سلام جوبا عرف طريقه إلى قلوب الناس..
فكرهوا سلاماً تكلفته أعلى من تكلفة الحرب..
سيما إن كانت تكلفة ذات انتقامٍ (باسم)..
يا أيها الناس: سوف يكون التبسُّم ذكرى ماضوية جميلة بحياتكم عما قريب..
سوف تقولون: أتذكرون حين كنا نبتسم؟..
وذلك إن بقي الباسم هذا… في منصبه هذا… أكثر من هذا..
ويا أيها الذين في القصر:
سوف (تُحمِّدكم) – بأعجل مما تتوقّعون – ألقابٌ تباعد بينكم وبين التبسُّم..
ألقاب سبقكم عليها أهل الإنقاذ..
إن أبقيتم على الرجل هذا… في منصبه هذا… أكثر من هذا… بعد يومنا هذا..
ولا تلومن – وقتذاك – إلا أنفسكم..
حين يبرز من فوق كتفي كلٍّ منكم وجهٌ يماثل وجوهاً للناس هذه الأيام..
وجهٌ قاتم..
بسبب الباسم!!.

صحيفة الصيحة