حيدر المكاشفي يكتب: تسمم الأطفال وانتحار الشباب..قراءة من زاوية أخرى
تسمم لأطفال بالدواء، إضافة إلى حالات انتحار بين الشباب بإستخدام الأدوية، تحتاج الى اعادة قراءة من زاوية أخرى، غير تلك التي أوردتها مدير إدارة الخدمات الصيدلانية بالإدارة العامة للصيدلة د. عبير فاروق أبو جبل، خلال مخاطبتها الاحتفال باليوم العالمي لسلامة المرضى والذي جاء هذا العام تحت شعار (دواء بلا اضرار )، وحذرت فيها من مغبة الإصابة بالتسمم جراء الاستخدام الخاطئ للأدوية، وإبعاد الدواء عن متناول الأطفال كما ناشدت الشباب بالإبتعاد عن تناول الحبوب المخدرة لما تشكله من خطورة كبيرة على صحتهم، فباعتقادنا أن للقضية جوانب أخرى تستحق الوقوف عندها والاشارة اليها، اذ ليس كل حوادث تسمم الأطفال وموت بعضهم وقعت نتيجة لما ذكرته د.عبير ولخصته في الاستخدام الخاطئ للأدوية في حالة الأطفال، وتعاطي الأدوية بقصد الانتحار في حالة الشباب بحسب ما ذكرت.. ففي تقديرنا أن للقضية جوانب أخرى ينبغي أخذها في الحسبان، ومن أبرز ما يمكن أن يؤدي لحالات التسمم غير الاستخدام الخاطئ للأدوية والذي تتحمل مغبته الأسرة، هناك أخطاء الروشتات الطبية التي ظلت تتكرر بصورة مزعجة ولافتة للنظر، أما بإعطاء مريض دواء غير مناسب، يودي بحياته أو يفاقم علته، فيزداد مرضاً على مرضه من حيث قصد الشفاء والعلاج، وقضية الروشتات الطبية لها جانبان، جانب يختص بكتابة الطبيب السيئة للروشتة والتي تبدو أقرب للشخبطة منها للكتابة المقروءة، والجانب الآخر يختص بالصيدلي الذي يجتهد في فك طلاسم الروشتة، وقد يخطئ نظرا لاجتهاده في صرف الدواء الصحيح، والقصص المحزنة التي تسببت في وفاة البعض ومضاعفة علة البعض الآخر بفعل الخطأ المشترك ما بين الطبيب والصيدلي كثيرة جدا، وهذا ما يتطلب الحرص من جانب الأطباء على كتابة الروشتة بشكل مقرؤ وواضح أو كتابتها اليكترونيا، كما تفرض الأمانة المهنية على الصيدلي اذا اشكلت عليه، ان يمتنع عن صرفها وينصح المريض بمراجعة الطبيب لاعادة الكتابة بشكل لا يشكل أي لبس، وعليه نقول ربما تسمم الاطفال المذكورين بسبب تناول دواء خاطئ وليس بسبب خطأ التناول، أما قضية انتحار الشباب بتناول أدوية تفضي الى موتهم، فهي تفتح ملف الانتحار بكامله سواء وسط الشباب أو غيرهم، لدراسة الأسباب الدافعة للانتحار، سواء بتناول دواء أو مخدر أو بالسكاكين بالسيوف أو الفؤوس أو إلقاء النفس من الاعالي أو بتجرع السموم، أو … أو … إلى آخر أي أداة أو وسيلة يمكن أن يلجأ اليها من يحاول التخلص من مأساته ومعاناته بوضع حد لحياته التعيسة، فالمسؤولية هنا لا يجب ان تلقى على وسيلة الانتحار سواء كان دواء أو خلافه، وانما على المسبب الحقيقي، وهو في الغالب سياسات النحر الاقتصادي بوحشيتها وساديتها التي هي عليها والتي لا ترحم فقيرا ولا تراعي حالة معدم، تبقى المتهم الاول والرئيسي في كل حالات الشروع في الانتحار التي يقدم عليها البعض حين تعز عليهم لقمة العيش أو جرعة الدواء أو رسم المدرسة أو فرصة العمل، وحقيقة الامر أن أمثال هؤلاء الغلابى المغلوبين على أمرهم حين يفكرون في الانتحار أو يشرعون فيه إنما يقدمون عليه وهم أصلا منحورون سلفا بفعل سياسات النحر هذه التي للأسف يكرس وزير المالية جبريل جهوده لزيادتها وحشية وسادية..
صحيفة الجريدة