الطاهر ساتي يكتب: الانفتاح .!!
:: يوم الأحد، فيما كان رئيس مجلس السيادي يشارك في تشييع مراسم الملكة أليزابيث الثانية ببريطانيا، كان البعض بالخرطوم يلطم الخدود ويشق الجيوب ويتكلم عن (البدلة الزرقاء)، ليس مصدوماً على رحيل الملكة، ولكن جنوناً على تلك المشاركة.. ويوم السبت، فيما كان البرهان يخاطب العالم من قاعة الأمم المتحدة بأمريكا، كان البعض يكلم نفسه بالخرطوم عن فراغ القاعة وعدد الكراسي.. ومطلع أكتوبر، حين يكون البرهان بأمريكا أيضاً، فربما يتابع البعض الحدث من عيادة (علي بلدو)..!! :: نعم، فالمؤسف أن انفتاح السودان نحو العالم لم يعد يعجب الذين لا يميّزون بين السودان والبرهان.. وهؤلاء ليس في أمرهم عجب، إذ فيهم من تباهى بدوره في فرض الحصار على السودان عندما كان يُناضل ضد البشير، وأنه يفتخر بذلك، ولن يعتذر عنه.. فالمتباهي يعلم أن من دفع ثمن الحصار هم الأطفال والنساء والشيوخ، وليس البشير.. ومن المحن، تم تحفيزه، بحيث توجوه مستشاراً، ثم وزيراً في حكومة النشطاء.. وإن لم يكن لتصحيح مسار الانتقال إنجازاً غير إعادة من يفتخرون بحصار بلادهم إلى مقاهي العطالة، فإن هذا يكفي..!! :: خطاب البرهان.. فاللغة رغم دبلوماسيتها خاطبت قضايا المرحلة بوضوح وواقعية.. ومع ذلك، في هذا الحدث الأمم، فالأهم من خطاب البرهان هو الصخب الإعلامي المصاحب لمشاركته، فالكثير من التقارير الإعلامية كانت تلمح بعدم المشاركة، وأن البعثة الدبلوماسية المقيمة هناك ستمثل السودان، ولذلك أصبح وجود البرهان في قاعة للأمم المتحدة في حد ذاته رسالة.. فالرسائل ليست بالضرورة أن تكون مقروءة ومشاهدة ومسموعة، إذ هناك رسائل أقوى، ومنها اعتماد البرهان ممثلاً للسودان..!! :: فالشاهد هناك لجنة بالأمم المتحدة، اسمها لجنة التفويض، وتتشكل عضويتها من أمريكا وروسيا والصين وآخريات، وهي اللجنة التي تعتمد ممثلي الدول المشاركة في الجمعية العمومية وفق معايير الشرعية التي تتبعها الأمم المتحدة.. وهذه اللجنة هي التي تقبل أو ترفض ممثل الدولة المشاركة، حسب معايير الشرعية، وهي التي رفضت اعتماد ممثل حكومة ميانمار لأنه (انقلابي)، وكذلك ممثلي حكومة طالبان بأفغانستان، و..و..و.. لماذا لم ترفض أن يكون البرهان ممثلاً للسودان؟.. في الإجابة تكمن الرسالة التي لن يستوعبها نشطاء المرحلة..!! :: وأهم ما في خطاب البرهان، تأكيده على خروج الجيش من الحوار السياسي، وعدم المشاركة في حكومة كفاءات تشارك في تشكيلها كل القوى السياسية ما عدا المؤتمر الوطني، ومهمتها الانتخابات، ليختار الشعب حكومته المدنية.. وهذا ما كان يجب أن يحدث، لو لا انتظاره لحلول فولكر.. ويبدو أن صبره قد (نفد)، بدليل نقده للآلية الثلاثية التي (أضاعت الوقت).. وصدقاً، لقد نفد الصبر، ليس صبر البرهان، بل صبر الشعب.. مع التأكيد بأن الشعب لم يفوضني بالحديث باسمه، ولكن ليس هناك ما يمنع طالما يتحدث باسمه حتى من ساهموا في فرض الحصار عليه..!!
صحيفة اليوم التالي