2023 .. “الموازنة الصفرية” .. صعوبات وعراقيل
في ظل الصورة القاتمة لمستقبل الاقتصاد الوطني وارتفاع غير مسبوق في الأسعار، وارتفاع كبير في معدلات التضخم، وانخفاض كبير لقيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية الأخرى
فضلاً عن التبعات الكارثية لرفع الدعم عن الوقود والقمح والكهرباء وغيرها من الخدمات ورفع للدولار الجمركي وزيادة الضرائب والرسوم مما ضاعف معاناة المواطنين المعيشية، وهروب رأس المال الوطني، وتوقف الاستثمارات الأجنبية، وتدني الإنتاج لأدنى مستوى، وضعف عمليات الصادر والوارد وانخفاض الحركة التجارية داخلياً تسعى وزارة المالية جادة للمضي في خيار صفري لموازنة العام الجديد 2023م، وفقاً لحديث وزير المالية أمس الأول، حول رقمنة المعاملات المالية وبناء قاعدة بيانات إلكترونية تستهدف تطوير الاقتصاد الوطني بما يعزز من قدرات الدولة في الاعتماد الكامل على الموارد الذاتية وصولاً إلى موازنة صفرية الاقتراض من العالم الخارجي في الموازنة المقبلة أسوة بموازنة العام الحالي.
وأكد الخبير الاقتصادي د. عادل عبد المنعم، أن وزارة المالية تمضي في الطريق الصحيح وفقاً للأسس العلمية وصولاً إلى خيار صفري في الموازنة القادمة، مبيِّناً أن حديث وزيرالمالية ينصب نحو الاعتماد على الموارد المحلية وعدم الاستدانة من بنك السودان المركزي وأيضاً الاعتماد على الضرائب لضمان عدم اللجوء إلى المجتمع الدولي من أجل القروض والمنح والتي يتم تحويلها إلى المكوِّن المحلي؟
وشدَّد على وجود صعوبات وعراقيل سوف تواجه المالية في توجهها ذلك ومقاومة كبيرة من التجار ورفضهم القاطع لفرض الضرائيب والرسوم المالية
وعزا السبب إلى تراجع الوعي الضريبي في السودان، ووصف الاقتصاد السوداني إنه يدار عبر اقتصاد (الهمباتة) وهم الذين يسيطرون على اقتصاد البلاد.
وأكد أن الموازنة العامة للدولة (70%) من إيراداتها من الرسوم الضريبية و (30%) من الموارد المحلية والقروض التي تُحوَّل إلى المكوِّن المحلي.
وجزم بأن وزير المالية سيواجه صعوبات كبير لأن التجار لا يفرِّقون بين الضرائب والرسوم.
ولفت إلى أن العام 2021م، تجاوزت إيرادات رسم الدمغة أرباح الأعمال وهناك (169) ألف شركة، مسجلة وفي الولايات تجاوزت رسوم الدمغة أيضاً ضريبة أرباح الأعمال، وأشار إلى وجود (250) ألف تاجر، منهم (159) ألف اسم عمل مسجل رسمياً.
ودعا إلى ضرورة فرض هيبة الدولة قانونياً فيما يتعلق بفرض الضرائب
وطرح سؤال حول إذا لم تفرض الدولة قوتها فمن أين تأتي الإيرادات ونادى بضرورة تقوية المساهمات ورفع الوعي الضريبي.
وفي ذات السياق أكد الخبير الاقتصادي د. محمد الناير، أن الموازنة الصفرية تبنى بصورة علمية دون العودة إلى الوراء أو النظر إلى الأعوام السابقة.
وشدَّد على أن الموازنة تحسب بصورة واقعية وعلى سبيل المثال موازنة العام 2023م، سيكون فيها نظر إلى الرواتب والأجور وزيادة البنود الخاصة بمرتبات العاملين وأيضاً ماجرى أثناء العام 2022م، من تعديلات في أسعار الوقود والكثير من السلع التي تعتمد عليها الحكومة سيؤدى إلى زيادة في شراء السلع والخدمات وكذلك التنمية والإيرادات لابد من تدبير موارد إيرادية جديدة لزيادة موارد الدولة دون المساس بمعاش المواطن.
ويتوقع أن تبيِّن على موارد السودان الطبيعية الضخمة وأعرب الناير عن أمله في أن تكون موازنة 2023م، هي الموازنة الصفرية بأفعل على أساس أنها تبنى على واقع التكاليف الفعلية والإيرادات المتوقعة بصورة عملية،
وأشار إلى ضرورة بذل جهد كبير في ابتكار مواعين إيرادية جديدة والعمل على تحصيل كافة الإيرادات وإدخال كافة الخارجين عن المظلة الضريبية دون اللجوء إلى الزيادة الرأسية والعمل على حساب النفقات بصورة واقعية وفعلية وبالتالي يمكن للموازنة الصفرية أن تكون الأساس، وأن لا تعتمد على الأعوام السابقة، بل على حساب النفقات الحكومية بصورة فعلية أياً كانت وضعها أقل من العام السابق أو أعلى منه وليس بضرورة.
باعتبارها موازنة تبدأ من الصفر وبتقديرات واقعية لمرحلة قادمة وتكون قابلية تحقيها بنسبة عالية وتحقيق أهدافها بصورة كبيرة وتضع الموارد اللازمة للانفاق العام للدولة في كل البنود المختلفة.
تقرير- رشا التوم
صحيفة الصيحة