رأي ومقالات

مُهندس “محمد إبراهيم النمسي” يكتب عن العربية السودان


حاولت جاهداً أن أتجنب الحديث عن موضوع شراكة مجموعه دال مع العربيه للطيران لكي أتفادى اللغط الدائر وحتى لا أدخل في مغالطات وتكهنات وتنظيرات فارغة …

أحب ان اوضح انو انني اكتب هنا بصفتي الشخصية (ليس لدي أي صفة رسمية أو علاقة بموضوع الشراكة بين دال و العربية للطيران) فقط أحاول أن أوضح وجهة نظري الشخصية من ناحية مهنية بحتة في نقاط :

1- مبدأ وفكرة إستمرار وتوسع دال في الإستثمار داخل السودان يجب أن النظر اليها بنظرة إيجابية خصوصا في ظل الأوضاع التي لا تخفي على أحد والتي تسببت في إغلاق المصانع والمتاجر من قبل السودانيين ناهيك عن الإستثمار الأجنبي الذي لن يجازف بضخ أموال في أوضاع كهذه.

2- صناعة الطيران من الصناعات الضخمة التي تحتاج الى تمويل ضخم وتحتاج الى شراكات بين قوى اقتصادية ضخمة قادرة على التمويل ولا أعتقد أن في السودان من يمتلك القدرة على تمويل مشروع ضخم كهذا وإلا لآثرت دال أن تحتفظ بالمشروع لنفسها بدلا عن مشاركة اي جهة..

3-سوق الطيران في السودان كبير جدا وواعد وحسب التقديرات غير رسمية فأن نصيب الشركات السودانية في السوق لايتجاوز 25% والمتبقي كله يذهب الى الشركات الأجنبية ولا يعود بمنافع اقتصادية كبيرة على السودان وكمثال فقط الخطوط المتجهه مباشرة الى المملكة العربية السعودية تعمل فيها ٣ شركات سعودية مقابل شركتين سودانيات مع معدل رحلات أقل من نظيراتها السعودية وكذلك الحال في خط القاهرة.. إذن فمن باب الأولى أن تدخل شركة سودانية وتأخذ نصيبا من السوق ..

4- سوق الشحن الجوي في السودان ضخم جدا وتسيطر عليه بالكامل الشركات الأجنبية اذ لاتوجد طائرة شحن جاهزه في السودان سوى طائرة شركة الرايه الخضراء والتي بالطبع لا تشغل حتى 1% من السوق أيضاً من باب أولى أن تقوم شركة سودانية بالاستفادة من هذا الفراغ الكبير.

5- اختيار شركة العربية للطيران للشراكة إختيار موفق ولا أعتقد انه كان من باب الصدفة وذلك للخبرة الكبيرة للشركة في قطاع السفر منخفض التكلفه وهو السوق المناسب للسودان وأيضاً لخبرتها في إدارة شركات مماثله في دول أخرى (العربية مصر) على سبيل المثال.
6- حسب مافهمت من التصريح المعلن أن العمل سيكون بإنشاء شركة طيران تحمل AOC سوداني باسم العربية للطيران السودان مما سيجعل الشركة سودانية مقرها مطار الخرطوم الدولي وهذا بدون أدنى شك نفع اقتصادي كبير للبلاد وإضافة لصناعة الطيران ولقطاع التوظيف والتدريب في السودان.

7- تحدث المتحدثون عن سودانير واحقية سودانير بالشراكة وانا لا أود أن أخوض في هذا الجانب من الحديث لاتجنب المهاترات وضياع الوقت فيها وكلنا يعلم وضع سودانير واستحالة تفكير مستثمر في الدخول في سودانير أو شراكة مع القطاع الحكومي وما “عارف” عننا ببعيد..

8- ايضاً تحدث المتحدثون عن عدم وجود مساحات لايقاف الطائرات في مطار الخرطوم وهذا للأسف عذر أقبح من الذنب ويمكن للناظر في ساحات المطار بنظرة بسيطه أن يتبين أنه هناك ما لايقل عن 10 طائرات في المطار تشغل حيزاً في الساحات الداخليه وهي غير صالحة للطيران وقد تجاوزت فترة توقفها أشهر بل أعوام وهذا الأمر تحت مسؤولية سلطة الطيران المدني وسلطات المطار بتوجيه الملاك بتحويل الطائرات للجهة الغير نشطه من المطار الى حين تشغيلها . إضافة الى إمكانية توسيع مهابط ومواقف الطائرات حسب مشروع تطوير مطار الخرطوم الذي تم الإعلان عنه مؤخراً.

أعتقد أنه من باب أولى بدلا عن التشكيك وتوزيع الاتهامات جزافا أن نسعد بسماع خبر شراكة كهذه ونستبشر خيراً باستثمار لم يحدث في التاريخ القريب في مجال الطيران في السودان. ونتمنى أن تكتمل هذه الشراكة وترى النور حتى يتمكن جيل الشباب في مجال الطيران في السودان من رؤية جزء بسيط من انتعاش الطيران في السودان كما حكى لنا الاباء والأجداد…

مُهندس “محمد إبراهيم النمسي”