حيدر المكاشفي يكتب: جبريل والتكهن على طريقة بلة الغايب
كان جبريل ابراهيم وزير المالية قد استحق من قبل لقب (فكي جبرين)، وكان هذا اللقب أطلق عليه بعد المقابلة التي أجرتها معه فضائية الجزيرة في الأيام الأولى للانقلاب الذي أبقاه في منصبه ومجموعة وزراء اتفاقية جوبا، رغم حل الانقلاب لمجلس الوزراء بمن فيه حمدوك نفسه، فعند سؤال محاوره له عن ماهي تدابيره بوصفه وزيرا للمالية لتعويض الفقد الكبير في المنح المالية التي تم تجميدها بسبب الانقلاب، قال جبريل (أبواب السماء مفتوحة)، وهذا قول يمكن قبوله من الفقهاء والمشايخ، ولا يمكن قبوله اطلاقا من وزير المالية، ويبدو أن جبريل حار جوابا علميا منطقيا فلبس لبوس الفكي فقال ما قال، وتشاء حكمة الله ان يرتد كلامه عليه، فبعد مرور قرابة العام على قوله ذاك لم تنفتح له أبواب السماء بل ولا كوة صغيرة، وانما حدث العكس بأن تضاعفت الأزمة أكثر وازداد ضيق الناس..واليوم يضيف جبريل لألقابه بسبب أقواله ايضا لقبا جديدا هو (الكاهن جبريل)، اذ قال جبريل على طريقة الكهنة والعرافين (الظروف الاقتصادية سوف تتحسن بعد تسعة شهور من الآن)،قالها هكذا بلا حيثيات ولا هدى ولا كتاب منير.. الشاهد ان جبريل يعيد ما سبقه عليه بعض كبار المسؤولين الشليقين، الذين سبقوه فى اطلاق وعود وتعهدات بانجاز شيء معين في مدة محددة أطلقوها هكذا خبط عشواء أو بناء على تقديرات مضروبة وغير صحيحة، وكانت مثل هذه الشلاقة فاشية خلال العهد البائد، ومن اشهر تلك التصريحات المجانية اذكر اعلان مولانا الصغير محمد الحسن الميرغني عن قدرته على حل كل ما تنوء به البلاد من مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية مزمنة في ظرف (180) يوما فقط لا غير، ولكن تشاء ارادة الله ان يغادر مولانا الصغير منصب مساعد أول الرئيس الذي كان يشغله وقتها قبل انقضاء ربع المدة التي حددها، وبالطبع لم تحل اية مشكلة بل تفاقمت المشاكل وازدادت سوء وتدهورا حتى هبت ثورة ديسمبر وأطاحت كامل النظام، كما لا ننسى النبؤة المضروبة للكاهن المعروف بلة الغايب التي حدد فيها مدة بقاء الرئيس المخلوع في السلطة، حيث قال الغايب إن المخلوع البشير سيظل في الحكم لثماني سنوات وخمسة وعشرين يوما قادمة على الأقل، مؤكدا بقسم مغلظ أن فترة بقاء البشير على سدة الرئاسة منذ لحظة توليه السلطة عبر الانقلاب وإلى لحظة تنحيه لن تقل في مجملها بأية حال عن واحد وثلاثين عاما وخمسة وعشرين يوما بالتمام والكمال عاما ينطح عام، وكان هذا يعني أن المخلوع سيبقى بلا منازع حتى عام 2020م وبعدها ينظر ويفاد، إذ ربما يواصل مسيرة الحكم وربما يترجل ويغادر ولكن قبل ذلك (لا يستطيع أحد أن يشيلو) لا من داخل صفوف المؤتمر الوطني ولا من خارجه في المعارضة التي نصحها بأن (تقنع وما تتعب ساكت) طوال هذه المدة. وبالطبع لم ينس بلة الغائب أن يدعم نبوءته هذه ببعض الآيات الكريمة التي لوى عنقها لتعزز مقولته التي هي في علم الغيب عند علام الغيوب.. وعلى طريقة بله الغايب يمضي جبريل بتحديد زمان انجلاء الأزمات، هكذا قطع أخضرلا يستند على حيثيات ومعطيات وإمكانات وعلاقات وقدرات بين يديه وعلم يمتلكه ومعلومات وخطط وإستراتيجيات يحوزها، وليست غيبيات مشتملة على علم المنايا والبلايا والرزايا وعلم ما كان وما سيكون، ثم من قال لجبريل انه باق في منصبه حتى ذاك الموعد، أم تراها رسالة مبطنة يعلن فيها تشبثه بوزارة المالية..
صحيفة الجريدة