الطاهر ساتي يكتب: هذه من تلك
:: نفت وزارة التعليم العالي صلتها بأكاديمية السودان للعلوم الطبية والتكنولوجية، وأكدت أنها ليست مدرجة في سجلاتها، ثم لوحت باتخاذ إجراءات قانونية تحفظ سمعتها.. وكانت الزميلة (الانتباهة) كشفت هذه الأكاديمية وتغافل السلطات عنها منذ العام 2012.. فالتهديد بالقانون – الوارد في بيان الوزارة – ليس لأصحاب الأكاديمية، بل للصحيفة، وهكذا حال السلطات المسماة بالمسؤولة، بحيث تنطبق عليها المثل الشعبي: (الغلبتو مرتو يسدها في حماتو)..!! :: على كل حال، نفهم أن يأتي النازح من الريف هارباً من ويلات الحرب أو بعد جفاف الزرع، باحثاً عن أبسط وسائل الحياة التي تجنبه الفناء بالرصاص أو بالجوع، ويبني لنفسه وأسرته ظلاً من الطين والزبالة والكرتون بأطراف المدينة، ثم تسمي السلطات الحكومية مباني الظل بالعشوائية، وتعمل على إزالتها بالبلدوزر، أو توفيق وضعها بالتخطيط والتوزيع الرسمي، فهذا (شيء طبيعي)، ويحدث بكل دول العالم الثالث و.. (الأخير طبعاً)..!! :: ولكن، أن يقصد أحدهم سلطة حكومية، حاملاً طلب التصديق بمرفق تعليمي (عام أو عالي)، وتصدق له السلطات بالمدرسة أو بالمعهد أو بالكلية مقابل رسوم يدفعها صاحب الطلب، ويذهب ويبني مرفقه التعليمي، ويعلن شروط القبول، ثم يقبل الطلاب عبر استمارة حكومية، ثم تسمي ذات الحكومة هذا المرفق التعليمي بالعشوائي غير المعترف به، فهذا (غير طبيعي)، ولا يحدث حتى في دول العالم (الثالث والأخير)، ولكن يحدث في.. (بلادنا)..!! :: فالكليات والمدارس العشوائية في بلادنا كثيرة، والسلطات تعرف ذلك، و(تتغابى العرفة).. وقبل ثلاث سنوات تقريباً، أعلنت وزارة التربية بالخرطوم عن حصر (مائة مدرسة عشوائية)، ثم وعدت بحصر البقية و(إغلاقها).. ولكن إلى يومنا هذا، لم توضح نتائج الحصر، وإن كان عدد العشوائيات فقط تلك المائة أم نقصت أم زادت؟.. والمؤسف أن المدارس العشوائية ملتزمة بسداد رسوم التأسيس وغيرها لخزائن السلطات..!! :: أما العشوائيات بالتعليم العالي، فلعلكم تذكرون ما يلي: (نحذر الطلاب الذين لم يتم قبولهم في الجامعات من اللجوء للمؤسسات التعليمية التي لم يرد اسمها في دليل القبول، ونوضح أن التسجيل بهذه المؤسسات يعد ضياعاً للزمن وهدراً للمال، وأن الوزارة لم تعترف بشهاداتها، ونفيد بأن عدد هذه المؤسسات غير المعترف بها 14 مؤسسة، وكلها مخالفة لشروط وإجراءات الوزارة).. هكذا كان تحذير التعليم العالي قبل ثلاث سنوات، ولا يزال الوضع كما هو عليه..!! :: توفيق أوضاع المدارس والكليات العشوائية، أو إغلاقها ومحاسبة أصحابها، ليس صعباً في حال توفر الإرادة والرغبة في الإصلاح، ثم دولة المؤسسات.. ولكن عندما تكون كل الدولة – مثل هذه المدارس والمعاهد – عشوائية أيضاً، فلا يرجى منها إصلاحاً، لأن فاقد الشيء لا يعطيه..!!
صحيفة اليوم التالي