الطاهر ساتي يكتب: تمت الناقصة
:: توصية بتحرير أسعار أدوية الإمدادات الطبية، ولو نفذتها الحكومة تكون قد (تمت الناقصة).. ومن المحن أن الورشة التي أوصت بتحرير أسعار أدوية الإمدادات الطبية مسماة بورشة إصلاح نظام التمويل الصحي، ونظمتها ثلاث وزارات، وهي المالية والصحة والتنمية الاجتماعية.. فالإصلاح – عند الوزارات الثلاث – هو حرمان غير المقتدرين من حق العلاج، هذا باعتبار أنهم فقط المستهدفين بأدوية الإمدادات الطبية المدعومة، وليس المقتدرين أو من نلقبهم بالمسؤولين، وما هم كذلك..!! :: أدوية الإمدادات الطبية – المراد تحريرها – هي أدوية أقسام الحوادث والطوارئ بالمشافي العامة، وكذلك أدوية الأطفال دون سن الخامسة، ثم أدوية أمراض السرطان والقلب والكبد وغسيل الكلى والسكري وكل الأمراض المزمنة وغيرها.. أدوية الإمدادات الطبية المدعومة، رغم ندرتها، هي آخر من تبقت للفقراء والمساكين من (آثار يونيو)، وقد شرع وزير المالية جبريل إبراهيم في (كنسها)، كما كنس وزير المالية السابق إبراهيم البدوي آثار أخرى، منها إضعاف التأمين الصحي برفع معدل التضخم..!! :: على كل، مجانية الحوادث والطوارئ (مُهمٌ للغاية)، ليس في المشافي العامة فقط، بل في الخاصة أيضاً.. وكما ذكرت، ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺍﻟﻤﺼﺮية، ﻧﻘﺘﺒﺲ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ: (ﺗﻠﺘﺰﻡ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺑﺘﻮﻓﻴﺮ ﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻮﺍﻃﻦ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻤﺠﺎﻥ ﻟﻐﻴﺮ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻳﻦ، ﻭﻳﺤﻈﺮ ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻉ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﻌﻼﺝ ﺑﺄﺷﻜﺎﻟﻪ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻜﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺣﺎﻻﺕ ﺍﻟﻄﻮﺍﺭﺉ، ﻭﺗﺨﻀﻊ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻨﺸﺂﺕ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﻹﺷﺮﺍﻑ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺭﻗﺎﺑﺘﻬﺎ ﻭﻓﻘﺎً ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ)، ﻫﻜﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ.. ﺃﻣﺎ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ، ﻓﺎﻟﻤﺸﺎﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣُﻠﺰﻣﺔ ﺑﻌﻼﺝ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ، المقتدرين وغيرهم..!! :: ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺸﺎﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ، حسب دستور مصر، ﻓﻬﻲ ﻣﻠﺰﻣﺔ ﺑﺎﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﻄﺎﺭﺋﺔ – ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﺍﻟﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺮﻳﺾ – ﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻭﻣﻮﺍﻧﻊ ﺍلاﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻄﺎﺭﺋﺔ.. ﻫﻜﺬﺍ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﻣﺼﺮ، ودول كثيرة، ﻳُﻠﺰﻡ ﺍﻟﻤﺸﺎﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ باﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﻄﺎﺭﺋﺔ – إصابات الحوادث وغيرها – مجاناً.. وهذا ما كان يجب أن يكون في بلادنا بالدستور والقانون، هذا إن كان السادة بالحكومة حريصين على أرواح أفراد شعبها، وليس الكراسي فقط..!! :: أما أدوية الإمدادات الطبية المراد تحرير أسعارها، فهذا ما يجب أن يكون (خطاً أحمر).. فالأدوية ليست من الكماليات، وكذلك أهميتها تختلف عن أهمية السلع والوقود وغيرها، ولذلك يجب التأني والدراسة قبل اتخاذ أي قرار حول أسعارها.. وإن كان هناك أي دعم حكومي يجب أن يكون (للأدوية)، وليس لأي سلعة أخرى.. للرغيف بدائل، وكذلك للمركبات، ولكن لا بديل للأدوية غير الموت.. ولذلك، فإن تحرير أسعار أدوية الإمدادات االطبية يعني موت العاجزين عن شرائها، وما أكثرهم..!! :: وأغرب ما في أزمة أسعار الأدوية، هو تجاهُل الحكومة لأهم الحلول.. فالتأمين الصحي هو الحل الأمثل لهذه الأزمة، بحيث يدفع المريض فقط ربع تكاليف العلاج.. وكان على الحكومة إصلاح قوانين ومؤسسات التأمين الصحي، قبل التفكير في تحرير أسعار الأدوية.. والشاهد حالياً رغم ارتفاع تكاليف العلاج، لا يزال التأمين الصحي (متخلفاً).. مظلة التأمين – مقارنة بحجم السكان ونسبة الفقر – دون الطموح.. وهناك عجز عن توسيع المظلة بحيث تشمل كل الناس وكل الأمراض وكل الأدوية..!! :: وعليه، قبل تحرير أسعار الأدوية، فإن إلزامية التأمين الصحي كان يجب أن يكون من الأولويات.. وإن كان تأمين السيارة (إلزامياً)، فلماذا لا يكون تأمين علاج المريض إلزامياً أيضاً عبر آلية رقابية؟.. فالتأمين الصحي فكرة تتكئ على روح التكافل، بحيث يتكفل المجتمع علاج الفرد.. باللا مبالاة، يهدر المواطن الكثير من الحقوق، ومنها حق العلاج بواسطة بطاقة التأمين الصحي.. وكذلكسياسة التأمين الصحي من أسباب فقدان ثقة الناس.. ولإعادة ثقة الناس إلى التأمين الصحي، يجب مراجعة وتطوير سياساته وتشريعاته (المتخلفة).. وهذه قضية أخرى.. يتبع..!!
صحيفة اليوم التالي