الطاهر ساتي

الطاهر ساتي يكتب: ويُحكى أنّ..!!


كل الأحزاب – بما فيها الفرحانة بالاتفاق الإطاري – تبحث عن حل للأزمة السياسية، ولكنها دائماً ما تبحث في (المكان الخطأ)، كما فعلت أم الحسن في زمان غابر.. يُحكى أن أم الحسن كانت ولودة، وضاقت بها – وبأطفالها – غرفتها الوحيدة، فذهبت للفكي شاكية: (يا شيخنا، الغرفة اتملت شفع، وضاقت بينا، شوف لي حل)، فسألها الفكي: (عندك غنم؟)، فأجابت بنعم، فأمرها: (دخلي في الغرفة معاكم بالليل، وتعالي بكرة).. :: ورجعت أم الحسن إلى غرفتها وملأتها بغنمها، وساهرت حتى الصباح بصراخ الأطفال والغنم.. وعادت إلى الفكي وهي تبكي: (الغرفة ضاقت أكتر، ومع كوراك الشفع بقن عليّ كوراك الغنم)، فأمرها الفكي: (الليلة طلعي الغنم، وتعالي بكرة).. رجعت أم الحسن، وأخرجت الغنم من الغرفة، ثم عادت للفكي، فسألها: (أها، الوضع كيف؟)، فأجابت بفرح: (الحمد لله ارتحنا)، فخاطبها قائلاً: (يلا قرطي على كده).. :: وعليه، فالحل للأزمة السياسية في اتفاق شامل يقود إلى صناديق الانتخابات، أما العساكر فلن تجدوا عندهم غير (دخلّوا الغنم وطلّعوا الغنم)..!! (2) :: بالأمس أطاح رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان بأربعة أحزاب من السلطة، لتوسيع قاعدة المشاركة.. واليوم يوقّع البرهان ذاته اتفاقاً يُعيد السلطة لثلاثة أحزاب – من تلك الأربعة – وياسر عرمان.. :: وهذا ليس بجديد، فقديماً كان لجحا شريك في داره، ففكر في بيع نصفه الذي يملكه، ليشترب بثمنه النصف الآخر من الشريك، وذلك بمظان امتلاك الدار بدون شريك..!! (3) :: ومن الغرائب أن الاتفاق الذي يدافع عنه ياسر عرمان بتطرف تجاوز رفقاء الفكر بتحالف التغيير الجذري بما فيه الحزب الشيوعي، وكذلك رفقاء السلاح بتحالف الكتلة الديمقراطية بما فيها قوى الكفاح المسلح.. باع عرمان رفقاء الفكر والسلاح، وتبريره هو أن الاتفاق الإطاري يقطع الطريق أمام قوى الإسلام السياسي، وكأن المؤتمر الشعبي وأنصار السنة من (قوى الإسلام السياحي).. :: ولكن ليس في الإقصاء وازدواج المعايير عجباً، لقد كشفت مصادر – للسوداني – عن بروز اسم ياسر عرمان مرشحاً لرئاسة الوزراء.. وبالأمس ذاته وجه المرشح لرئاسة الوزراء عرمان الدعوة لأسر الشهداء لحضور التوقيع على الاتفاق الإطاري، علماً لقد تم تأجيل الحديث عن قضايا العدالة والعدالة الانتقالية للمرحلة المسماة بالاتفاق النهائي.. :: وعليه، فالمناصب (عاجلاً)، والعدالة (آجلاً)، هكذا ينص الاتفاق الإطاري.. وهنا يبدو عرمان ورفاقه كالمحامي الذي أوكلوه لاسترداد مبلغ من بخيل مقابل أن يأخذ نصف المبلغ نظير أتعابه، قذهب إلى البخيل، ثم عاد إلى صاحب المبلغ قائلاً: (بعد تعب قدرت أقلع النص حقي، وأنت اتصرف أقلع النص حقك)..!!

صحيفة اليوم التالي