جعفر عباس

جعفر عباس يكتب: هل الرجولة في خطر؟


الخواجات، أي الأجناس ذوات البشرة التي توصف بالبياض، سيقودوننا إلى التهلكة على أكثر من صعيد، ولا أتحدث عن الحروب، فهذا مجال لا فجل لنا فيه ولا بصل ولا عنزة لنا فيه ولا عجل، بل مكتوب علينا السمع والطاعة، وقبول ما يعرضه علينا “العراب” من بضاعة، بل أتكلم عن سيدة أمريكية تريد أن تمسح بنا الأرض وتمرمط كرامتنا، بعد أن أضربت عن أعمال البيت بموجب مذكرة كتبتها إلى زوجها ونقلتها وكالة أسوشيتد برس، قالت فيها إنها سئمت الطبخ والكنس وكي الملابس وأن عليه أن يقوم بتلك المهام بالكامل من “طقطق لسلامو عليكم”، ولن أذكر اسم السيدة هذه لأن قراء هذه الزاوية كلهم- في شرع الخواجات من الإرهابيين بالميلاد والوراثة، وأخشى أن يقوموا باستهدافها، خاصة وأن الرجل العربي قد يقبل الإهانة من شرطي، وقد يتمسح في جوخ الشخص الإفرنجي ويلعقه، ولكنه لا يقبل الذل المتمثل في الطبخ وغسل الحمامات وكنس الغرف، فهذه أشياء تمس الشرف، وتنقض الرجولة، وليس من المستبعد لو دخلنا نحن الرجال المطابخ، وتعاملنا مع المكانس، أن يأتي اليوم الذي تطلب فيه زوجاتنا منا أن- يا للهول- نبدل حفاظات أو بامبرز عيالنا الرُّضع! لقد حذرت من قبل وعبر أكثر من صحيفة ومجلة من دلالات الجرم الذي اقترفته بحقنا تشيري بلير، حرم رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، عندما أرغمته على أخذ “إجازة وضع” عندما “وضعت” هي وليدها المسمى ليو! وقد تفرغ بلير فعلاً لرعاية الوليد أسبوعين متتالين فـ “فشلنا” نحن معشر الرياييل والأزوال والأزلام، ثم وليثبت أنه رجل من ظهر رجل، تعنتر علينا، وشارك جورج بوش أبو طربوش في غزو العراق، وهي الغزوة التي ما زالت دول الشرق الأوسط تدفع ثمنها دعدشة وفركشة.. طيب يا فالح: أسد على صدام وعلى تشيري نعامة؟ وكانت تشيري “تبعي” أم الجعافر، قد حسبت أنني صرت متحضرا لأنني وخلال إقامة العائلة في لندن كنت أقوم بين الحين والآخر بكنس الأرضيات والحمامات وغسل أواني الطعام، وكي الملابس، ثم غادرنا لندن غير آسفين، فعُدْتُ إلى “أصلي”: أبو الجعافر سليل العناتر؛ ففي اليوم التالي لعودتنا الى قواعدنا صاحت: جعفر دخل الهدوم (الملابس) في الغسالة، فنشطت جيناتي العنترية وقلت لها: يكون في معلومك أنني رجل من ظهر رجل، ويا ويلك وظلام نهارك وليلك لو طلبت مني القيام بأي عمل ستاتي في البيت (بصراحة لم أقلها بتلك العبارات بل بدبلوماسية: يا بنت الناس… الناس تقول شنو عني لو عرفت إني بغسل أواني المطبخ والهدوم؟ هل يرضيكِ ان أتعرض لإشانة السمعة اذا سمع بقية الرجاجيل أنني قمت بتشغيل الغسالة؟ وما يعتبر عند الخواجات مستحبا، قد يصبح عندنا فرض عين، ليس بالضرورة لأنهم يأمروننا بذلك، ولكن لأننا نتهافت على استرضائهم، وعلى إثبات أننا قادرون على مجاراتهم، لحد الشطط، وأنظر على عجل – ولا تكرر النظر – إلى قنواتنا الفضائية لترى كيف أن المسلك الذي يراه الخواجات عادياً أمام الكاميرا، صار عند بعض مذيعاتنا فوق العادة، وفوق الركبة، وتحت الكتف، حتى صارت ملامسة جهاز التلفزيون تبطل الوضوء، ومتابعة برنامج لأكثر من ثلاث دقائق توجب الغسل، بما في ذلك غسل الجهاز نفسه سبع مرات إحداهن بالديتول، وليس من المستبعد أن يصدر قرار عن مجلس الأمن الدولي على غرار النفط مقابل الشفط (في عراق صدام حسين)، والسلام مقابل عدم الكلام، يلزمنا نحن الرجال العرب النشامى البواسل الكواسر بغسل الحمامات، بل ومن الوارد أن ينتجوا حبوب منع حمل رجالية تحقيقاً للمساواة مع المرأة! وتخيل شخصا مثلي جده عنترة بن شداد أبو الفوارس، واسم أبيه عباس أي ذو التكشيرة والعبوس، وعباس أيضاً من أسماء الأسد، وجدي اسمه “السيد”، ثم تصيح بي أم الجعافر: أخدت الحبة؟ الشكوى لغير الله مذلة فاتركوا مجلس الأمن، وحاولوا استرضاء النساء فهن بالتأكيد أكثر “حنيّة” علينا لأنهن من أهل الفيمتو، ولسن من جماعة الفيتو!.

صحيفة الشرق