صلاح الدين عووضة يكتب : ابتسم!
ولا تبتئس..
نصيحة ربما سمعتموها كثيراً..
ومنها حكمة اضحك تضحك لك الدنيا..
ومنها طرفة (اضحك عشان الصورة تطلع حلوة)..
وقد يظن بعضكم أن مثل هذا محض كلامٍ رومانسي غير ذي صلةٍ بالواقع..
سيما إن كان الواقع نفسه مبتئساً..
كحال واقعنا الآن في السودان؛ رغم أن غالب السودانيين بطبعهم لا يضحكون..
أو لا يبدون فرحين.. مبتسمين… مبتهجين..
وذلك على عكس جيرانهم في شمال الوادي الذي يضربون الهم بالضحك..
بينما نسعى نحن لضربه بالجزمة..
فيرتد الضرب علينا بعد أن تدور الجزمة في الهواء وتخبط وجوهنا..
وذلك لأنه ما من عدوٍّ متجسد اسمه الهم..
فالتبسم مفيدٌ لصحة الإنسان؛ وهذه حقيقة تكاد تكون مثبتة طبياً..
هذا فضلاً عن فوائد أخرى..
فهو يجعلك شخصاً محبوباً؛ ينجذب إليك الناس..
وينجذب إليك حتى الأطفال – بغريزة الفطرة – بينما ينفرون من المكتئب..
بل وحتى الحيوان ينجذب إليك؛ ويحبك..
ولتأكيد ذلك أجرى بعض العلماء تجربة بهذا الشأن تم توثيقها صوتاً وصورة..
وكانت بإحدى مزارع الحيوان..
فقد تم وضع صورتين لفتاة واحدة عند حافة سياج المزرعة..
في إحداها تبدو مبتسمة؛ وفي الأخرى مبتئسة..
ثم أطلقوا عنزة تجاه الصورتين؛ فحادت عن ذات التجهم نحو ذات التبسم..
وأعادوا التجربة كثيراً..
وفي كل مرة تتجنب العنزة الصورة المكتئبة؛ وتذهب نحو المبتهجة..
ثم أبدلوا العنزة بأخرى؛ فكانت النتيجة واحدة..
وفي تجربة أخرى ثبَّتوا صورتين لرجل بجوار مسبحٍ به عجل بحر..
صورة له وهو يضحك..
والثانية يبدو فيها مهموماً… مغموماً… كئيباً..
ثم وضعوا طعاماً على حافة المسبح؛ ومن خلفه الصورة الأولى..
فخرج العجل… والتهم طعامه… ورجع..
وبعد فترة وضعوا طعاماً آخر… ومن ورائه الصورة الثانية للرجل..
فخرج عجل البحر من الماء..
وما أن أبصر وجه الرجل المكتئب حتى صرخ بفزع؛ وزحف عائداً للحوض..
فحتى الحيوانات لا تحب الوجه التعيس..
بينما ترتاح للوجه الذي يتجلى ما بدواخل صاحبه تبسما..
فالابتسامة هي عنوان الدواخل الجميلة..
أما الدواخل القبيحة فلا تنعكس على الوجه إلا تجهما..
وقد يقول لي قائلٌ منكم: كيف أضحك وأنا مهمومٌ… ومغمومٌ؟..
فأقول له حسناً؛ لا تبتسم..
ولا تضرب الهم بالفرح… والمرح؛ وإنما أضربه بالجزمة..
فهل أصابته الجزمة في مقتل يا ترى؟..
بالطبع لا؛ فما من عدوٍّ ماثلٍ أمامك اسمه الغم… والهم… والحزن..
وإنما ستجد نفسك ضربت وهماً… وفراغاً..
وستدور الجزمة في الفراغ هذا ثم ترتد لوجهك فتزيده تجهماً على تجهم..
وإن رأتك عنزة – في الشارع – نفرت منك..
وإن وقعت عينا عجل بحرٍ عليك – وأنت بجوار ساحلٍ – فسيصرخ رعباً..
وإن صادفك طفلٌ – أو صادفته – تجنبك..
وبالمناسبة؛ أحد أسباب كرهي لجماعة قحت أنهم جميعهم متجهمون..
وتجهمهم هذا يعني أن دواخلهم ليست نظيفة..
بمعنى أنهم يُضمرون غير الذي يُظهرونه في أحاديثهم..
وأجزم أنْ لو مرت عنزة أمام منصات خطبهم لولّت هاربة..
أو رآهم عجل بحر لصرخ فزِعاً..
أو أبصر وجوههم رضيعٌ – وهم يتكلمون – لانكفأ على كتف أمه..
فلا تبتئس – إذن – في هذه الحياة..
واضرب الهم بالذي يفيدك أنت… ويغيظه هو..
ابتسم!.
صحيفة الصيحة