مالك محمد طه: الديكتاتور الصغير
قحت المركزي ديكتاتور صغير، هي حاملة للجينات الديكتاتورية ومتخلقة بها، الشيء الوحيد الذي ينقصها للانتقال من هذا الطور، هو الادوات التي تجعل منها (ديكتاتور) قد بلغ سن البطش، ونجم قرنه للتنكيل.
تؤمن قحت المركزي بالديمقراطية اول النهار، اما آخره فتحيله الى سواد تتحرك فيه خفية لنسج تحالف مغلق مع قادة الانقلاب(والوصف من عندهم), او تسعى خلال البعثات الدبلوماسية ووسط الحقوقيين لصياغة دستور مستبد ظالم.
عبر هذين المنفذين (التحالف مع الجيش، وصياغة القوانين الاستبدادية) تخطط قحت المركزي لتجاوز الطور المائي، وصولا الى الديكتاتورية الاقصائية التي تحتكر كل شيء، الحكومة والمعارضة معا.
وفي سبيل امتلاك هذه الادوات فان قحت المركزي لا تأنف من الاكل في اناء بصقت فيه وسلحت عليه، لقد فعلوا هذا بالضبط مع الجيش، فأوسعوه شتما، ولعنوا قادته، وازروا بقوميته ومهنيته، وطعنوا في عقيدته القتالية، وذمته المالية، وخونوا قيادته، واستهانوا بقدرته، ثم لم يجدوا بعد كل هذا حرجا من التناجي مع قادته والسعي للتحالف معهم من جديد.
هذا ماكان من أمرهم مع الجيش، اما في سعيهم لامتلاك أداة القانون المتعسف، فقد التمسوا دستورا مجهول الحال، وما هكذا تكتب الدساتير، فالاصل في التشريع الوضوح في كل شيء، في مصدره، ونصه، وغايته، والخاضعين لاحكامه.
الجدير بالذكر ان دستور المحامين الذي اتفقت عليه قحت، بايعاز من فولكر، دستور مستورد، ودور فولكر هنا اشبه بدور بريمر الحاكم الامريكي على العراق.
هل اتاكم حديث مسودة الدستور العراقي بعد سقوط صدام؟. لقد كتبها قانوني إسرائيلي/امريكي(مزدوج الجنسية) بتكليف من الادارة الامريكية، ثم تم الدفع بمسودة الدستور (العراقي في ظاهره الاسرائيلي في باطنه)، الى النخب السياسية العراقية ليكون أساس الدولة العراقية؟. فما اشبه ليلة السودان ببارحة العراق.
انجب دستور قحت المجهول، اتفاقا اطاريا وقع عليه الطرف الآخر(كراعو فوق رقبتو)، ولكن انظروا كيف ترى قحت المركزي بقية القوى السياسية التي تريد الالتحاق باتفاقها الاطاري؟ لاحظوا انني قلت التي تريد الالتحاق، لا التي ترفضه.
من المفترض ان تحشد قحت المركزي اكبر قاعدة اسناد لاتفاقها الاطاري مع الجيش، أولا: لتعزيز الوجود المدني، وثانيا :لتحقيق مبدأ الشمول والقومية لهذا الامر الخطير.
ولكن قحت المركزي ترى ان الالتحاق بالاتفاق يعني(إغراق العملية السياسية), وهي عبارة موغلة في التعالي وازدراء الاخرين، الذين هم -من وجهة نظر قحت- مجرد أحجار من شأنها ان تغرق المركب التي تستعد للابحار وعلى متنها الجيش وقحت المركزي (بتحسيناتها).
مساكين اولئك الذين ارادوا الالتحاق بالاتفاق الاطاري، ظنا منهم انه سفينة نوح تحمل كل بذور وجينات الحياة القادمة.
لقد فاقت قحت بهذا التصرف الديكتاتوريين الكبار، فمن شيمة الديكتاتوريين انهم لا يمانعون في إلحاق من يريد الالتحاق بهم. بل انهم يدعون الى الحوار ويتوسلون إليه.
إذا كانت هذه وجهة نظر قحت المركزي لمن وافق على الاتفاق واراد ان يكون جزءا منه، فكيف يا ترى تنظر لمن خالفه ورأى انه خطأ يجب تصحيحه؟!.
مالك محمد طه