المعادن .. نحو استغلال أمثل للموارد
المعادن تعتبر ركيزة أساسية في اقتصاديات الدول ويزخر السودان بثروات معدنية هائلة ومتعددة، ففيه خامات للحديد والنحاس والفضة والمايكا والتلك والمنجنيز والكروم الذي يتواجد معه البلاتين، وبه كذلك الرمال السوداء والذهب والرخام وغيرها من المعادن،مماجعله محط أنظار الكثير من الدول الأخرى منذ القدم أولها حملة محمد علي باشا التي جاءت لغزو السودان وكان هدفها الأساسي الذهب والمال والرجال، واستمرت هذه المطامع في الثروات وخاصة المعدنية الى الآن وساعد في ذلك عدم استغلال هذه الثروات حيث ظل معظمها لم يستغل حتى الآن.
ونجد ان كثير من الدول التي تقدمت في مجال الاقتصاد والتنمية، كان للصناعة دور بارز في ذلك التقدم والنمو، ومن أكبر ركائز الصناعة وأهمها الثروات المعدنية فبها تنشأ المصانع ومنها تنتج صناعات مختلفة ومكونات متعددة ويمكن للسودان ايضا ان تتطور بنيته عن طريق هذه الثروات بعد استغلاله الأمثل . مدير الإدارة العامة للتخطيط والبحوث واقتصاديات المعادن بوزارة المعادن الدكتور معاوية مصباح يوسف اوضح (لسونا) ان اقتصاد السودان يقوم على الزراعة والثروة الحيوانية والثروة المعدنية وبذلك يعتبر قطاع التعدين من القطاعات الأساسية التي يعول عليها اقتصاد الدولة وأن السودان مشهور بالمعادن منذ التاريخ مستشهدا بالشواهد التاريخية الموجودة حتى الآن التي تتمثل في المناجم القديمة بالولاية الشمالية والبحر الأحمر موضحا ان عام 2009 يعتبر عام ثورة الذهب والرواج الحديث للتعدين واكتشافه بالوسائل الحديثة أو التقليدية مشيرا الى انه بعد انفصال جنوب السودان فقدت الحكومة 75٪ من إيرادات النقد الأجنبي الذي كان يأتي من نفط الجنوب مضيفا أنه يمكن القول إن التعدين عوض لحد ما فقدان النفط وكان اعلى إيراد من النقد الأجنبي لقطاع التعدين كما اورد تقرير بنك السودان لعام 2021 حيث بلغ ملياري دولار وفي النصف الأول من عام 2022 بلغ أكثر من مليار دولار والتي من المتوقع زيادتها بنهاية العام .
و يوجد أيضا وفقا لدكتور معاوية المعادن الصناعية التي ترفد القطاع الصناعي بنسبة كبيرة مثل الكلينكر والرخام والكاولين التي تذهب لمصانع الأسمنت والكروم الذي ينتج في النيل الأزرق و يتم تصديره للصين بالإضافة للنحاس الذي يعتبر من المعادن التي تدخل في قطاع الاستثمار ومن المتوقع أن يساهم في الميزانية القادمة بنسبة كبيرة.
وقامت وزارة المعادن بحسب د.معاوية بالاتفاق مع عدد من الشركات الصينية الوطنية في كسلا على أن يتم إنتاج الرخام تجاريا واستخدامه في مواد الزينة الأمر الذي يرفع ويضاعف من قيمته خاصة أن الرخام الموجود بالسودان عالي النقاء والجودة ومن سياسات الوزارة منع تصدير المعدن وهو خام الأمر الذي يقلل من قيمته وتشجيع توطين الصناعة وفي هذا الصدد قامت الوزارة بالتعاون مع مركز البحوث الصناعية بعمل دراسة توطين صناعة المعادن في السودان من خلال توفير البيئة الملائمة للتصنيع والتي تحتاج لتوفير الكهرباء ذات الجهد العالي التي تحتاجها المعادن الثقيلة مثل الحديد والنحاس حتى يتم صهرها وتصنيعها و الاستفادة أيضا من الرمال البيضاء التي تدخل في أكثر من تسع صناعات مثل صابون البودرة وخلايا الطاقة الشمسية وشاشات الهاتف النقال وشاشات العرض التلفزيوني.
وفي مجال الاحجار الكريمة ذكر د معاوية أن وزارة المعادن بها مركز متكامل للاحجار الكريمة و معامل حديثة للفحص ويمكن القول ان الوزارة مؤهلة لإدارة ملف الاحجار الكريمة بصورة تامة وفي هذا الصدد قامت الوزارة بتدريب عدد من الخبراء خارج السودان الأمر الذي دعا المستثمرين اللجؤ لوزارة المعادن للاستشارات الفنية وفحص العينات للقيام بتصديرها. كما ذكر د معاوية ان الوزارة دعت القطاع الخاص للدخول في مجال صناعة الاحجار الكريمة وصقلها وعلى الدولة تقديم التسهيلات لذلك الأمر عبر وزارة الاستثمار والجهات المعنية بذلك.
اما فيما يخص التعدين الأهلي ذكر د معاوية أنه رغما من آثاره الإيجابية على مستوى تحسين دخل الأفراد الا انه يساهم في هدر الموارد التي يمكن أن تستفيد منها الدولة فضلا عن انه يشكل خطرا على صحة الأهالي خاصة استخدام مادة الزئبق في التعدين والتي لها آثارها الخطرة المتمثلة في زيادة نسبة الإجهاض وتشوه الأجنة وفي هذا الصدد قامت الوزارة بحملات توعية للأهالي كما بذلت الوزارة مجهودات لتقنين التعدين الأهلي منذ عام2013 ولتحويله لتعدين منظم أيضا قامت الوزارة بتشكيل لجنة لتعديل قانون تنمية الثروات المعدنية وتفعيلها على أرض الواقع. كما ذكر المستشار الجيولوجي د رضوان أحمد محمد أن السودان غني بالموارد المعدنية مثل الذهب الذي يوجد في كل ولايات السودان مصحوبا بالفضة، النحاس، الكروم، والحديد ،الرصاص ، الزنك، والخارصين الذي يوجد في جبال النوبة والتي تعتبر من أغنى المناطق ايضا معدن المايكا بالولاية الشمالية والذي يدخل في صناعة العوازل والبوتاسيوم الذي يدخل في الأعمال الزراعية المختلفة مثل الأسمدة كذلك المعادن النادرة مثل الأراك والفسفور والصوديوم التي توجد في مناطق البطانة وجبال النوبة وحفرة النحاس بالإضافة لشمال وغرب دارفور.
وفي مجال الأحجار الكريمة أضاف د رضوان أن السودان يزخر بالعديد من الأحجار الكريمة مثل الزمرد والياقوت والزبرجد وبه أحدث المعامل في هذا المجال كما يتوقع وجود الماس في منطقة جنوب دارفور المتاخمة لأفريقيا الوسطى اما الياقوت فقد تم إنتاجه بنسبة كبيرة. أيضا ذكر الدكتور رضوان أن الدولة تعتمد بصورة كبيرة على قطاع المعادن الذي ساهم بما يقارب 34٪ من إيرادات الدولة بين عامي 2021-2022 كما يساهم القطاع بما يقارب 50٪ من اقتصاديات الولايات المنتجة للمعادن مثل نهر النيل، البحر الأحمر والقضارف بالإضافة لخدمة المسؤولية المجتمعية التي تقدمها وزارة المعادن مثل التعليم والصحة وحفظ البيئة.
وفي مجال التعدين الأهلي ذكر د رضوان انه يجري الآن تنظيمه وحصره وحصر الإيرادات وإيقاف التهريب كما أوقف السودان استخدام الزئبق في استخلاص الذهب في مجال التعدين الأهلي لخطره على البيئة من خلال نشر الوعي عبر الجمعيات والاتحادات واستبداله بالطرق الآمنة الصديقة للبيئة. مدير إدارة الإعلام والعلاقات العامة والمراسم بوزارة المعادن الدكتور علي محي الدين أشار الى أن السودان غني بالموارد المعدنية مثل الذهب، الكروم، الحديد والنحاس بالإضافة للجرانيت والسيراميك والرمال بنوعيها الأبيض والأسود.
تقرير/ رانيا بدر الدين
سونا