رغم استمرار الحراك الطلابي ضدها .. وتمسك الإدارات بها .. (زيادة الرسوم الجامعية) .. هل تعني خصخصة التعليم الحكومي؟
* جامعة السودان: إما أن تلتزم الدولة بتمويل كافة متطلبات العملية التعليمية، أو فرض رسوم دراسية، أو تتوقف الدراسة
* طلاب : يجب على الوزارة أن تقوم بدورها تجاه دعم الجامعات الحكومية و تقييد قيم الرسوم الدراسية للطلاب عبر لوائحها
* يجب على الوزارة أن لا تترك لكل صاحب هوىً، أن يصبح التعليم في السودان لفئة محددة دون الأخرى
* طلاب كلية طب بجامعة دنقلا: نطالب جميع الجهات والمؤسسات بالتدخل الفوري لضمان الاستقرار الأكاديمي بالكلية
* ممثل طلاب جامعة الخرطوم: ذلك القرار يزيد من نسب الشباب خارج نطاق مؤسسات التعليم .
لسنوات خلت ظلَّت الجامعات الحكومية في السودان قِبلة لكل الطلاب من مختلف ربوع البلاد، شرقها، غربها، شمالها، جنوبها ووسطها، وكان معيار التفاضل الذي تقرّه سياسات التعليم العالي وتنتهجه بناء على ذلك الجامعات للممايزة بين كل طالب وآخر من بين جموع الآلاف الذين جلسوا لإمتحانات الشهادة السودانية، هو معيار التميّز والتفوّق الأكاديمي، ولكن ظلّ الثابت الأوحد هو أن لكل هذه الجامعات سِمتها وخصوصيتها التي إكتسبتها من الوصف الذي جاء مرادفاً لإسمها وهو أنها (حكومية) تتبع للدولة وتقدّم لها الدولة عبر وزارة المالية ومروراً بالتعليم العالي ما يكفي لخلق بيئة مهيئة للدراسة بها، من حيث المرافق الدراسية (القاعات، المعامل، الورش، وغيره) والمرافق العامة والصحية بها كذلك، وأيضاً تقديم كادر متميز من الأساتذة على أعلى درجات التأهيل العلمي ليساعد الطلاب على التحصيل المميز والتواصل الخلاق الذي ينعكس على أدائهم وعلى مخرجات التعليم العالي ككل التي وبلا شك لها الدور في نهضة البلاد و قيادة المجتمع.
زيادة الرسوم الدراسية
حيث تصاعدت أزمة الرسوم الدراسية في عدة جامعات، من ضمنها جامعة، السودان للعلوم والتكنولوجيا، الخرطوم التي تضامن أولياء الأمور فيها مع الطلاب في رفضهم للرسوم الدراسية المقررة للطلاب الجدد، والزيادات على رسوم الطلاب القدامى، التي أعلنتها معظم الجامعات الحكومية للعام ٢٠٢٢-٢٠٢٣م للطلاب الجدد والتي كانت صادمة للطلاب وفاجعة لأولياء أمور الطلاب الجدد في ظلّ الظروف الإقتصادية التي تمر بها البلاد، حيث بلغت رسوم القبول للكليات التطبيقية ٥٥٠ ألف جنيه وتراوحت رسوم الكليات النظرية بين ٢٥٠-٣٠٠ ألف جنيه.
في الأثناء تصاعدت حدة التصعيد لطلاب الجامعات تنديدا للقرار حيث أعلنت جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، في 27 ديسمبر 2022، تعليق الدراسة بالمجمع الجنوبي (يحتضن كليات الهندسة والكليات التكنولوجية) إلى أجل غير مسمى، بعد احتجاجات طلابية منددة بالرسوم الدراسية، وقالت جامعة السودان في بيان، إنها قررت تعليق الدراسة ابتداء من، الثلاثاء 27 ديسمبر 2022 إلى أجل غير مسمى. وكان الطلاب قد سيروا مظاهرات للتعبير عن رفضهم للرسوم (غير المنطقية)، حد وصفهم، ضمن حملة لمقاطعة التسجيل، انتهت بتسليم مذكرة لعميد كلية الهندسة تحثه على مراجعة الزيادات والرد على مطالبهم في غضون 48 ساعة، وفقاً لما تناقلته منصات طلابية.
دفوعات ورفع دعوى قانونية:
وفي المقابل، دافعت إدارة الجامعة، عن قراراتها الخاصة بالرسوم، خاصة إذا قورنت بنظيراتها، وأوضحت أنها أمام حالة “خيارات صفرية”، وقالت في بيان “إما أن تلتزم الدولة بتمويل كافة متطلبات العملية التعليمية وتطبيق شعار مجانية التعليم كاملة، أو فرض رسوم دراسية تدعم بصورة جزئية متطلبات التعليم العالي، إلا ستتوقف الدراسة اضطراراً”.
وفي السياق ذاته قالت اللجنة التنسيقية لطلاب الهندسة بجامعة السودان، إنها بعد إستشارة كبار المستشارين القانونيين والمحامين، بصدد رفع دعوى “تظلُّم” قانونيّة تحت بند “إساءة إستخدام السلطة” للطعن في قرار إدارة الجامعة الأخير بتعليق الدراسة بالمجمع الجنوبي، وذلك تحت بنود قانونيّة ثابتة، مشددة على أنهم سيعيدون فتح أبواب المجمع بقوّة وسلطة القانون، ومن ثَم سوف يردعون الادارة “بالمدد الطلابي الهادِر حتى تُجاب المطالب”.
وأوضحت اللجنة في بيان امس أن ذلك لتعلم الإدارة أنهم لن يتوقفوا أبدًا عن سلوك أي مسلك قانوني يضمن للطلاب حقوقهم ضد أي قرار تعسُّفي. وأضافت (سيتم ذلك بالتوازي مع تصعيد إعلامي جبّار، على جميع الأصعدة والمستويات، وقد تواصلنا سلفًا مع مجموعة من القنوات الفضائية وبعض المؤثرين في وسائل التواصل لتعرية تلك الإدارة على جميع المستويات والأصعِدة، ولن يهنأ لنا بال قبل تحقيق حقوقنا من تِلك الطغمة).
مما دفع الطلاب للتساؤل عبر الأجسام الطلابية بالجامعات الحكومية المختلفة، عن هل تلك المنهجية إتجاه يرمي إلى خصخصة مؤسسات التعليم العالي الحكومية وجعلها على قدم المساواة مع الجامعات الخاصة؟ وان يتحمل الطالب تكلفة تسيير الجامعة لشؤونها؟ ، وللرد على تلك الأسئلة سير الطلاب موكباً لوزارة التعليم العالي ومساءلته عن دورها تجاه دعم الجامعات الحكومية وتقييد قيم الرسوم الدراسية للطلاب عبر لوائحها، سير المئات من طلاب جامعتي الخرطوم والسودان، في 29 ديسمبر من العام الماضي، موكبًا من مباني جامعة الخرطوم إلى وزارة التعليم العالي احتجاجًا على زيادة الرسوم الدراسية التي تتراوح بين 200 ألف إلى 550 ألف، وهتافات منددة حيث ورددوا ” التعليم ما للأرباح والتعليم لكل متاح” وسلموا مذكرة مطلبية إلى مدير المكتب التنفيذي بالوزارة، وحسب المذكرة التي تحصلت عليها “الجريدة” طالبت بضرورة عقد اجتماع مشترك بين الوزارة وإدارات الجامعات والطلاب لمناقشة ميزانية الوزارة المقدمة للجامعات، وشددت على ضرورة أن تقوم وزارة التعليم العالي بدورها تجاه دعم الجامعات الحكومية وتقييد قيمة الرسوم الدراسية للطلاب عبر لوائحها، حتى لا تترك لكل صاحب هوىً تسول له نفسه أن يصبح التعليم في السودان لفئة محددة دون الأخرى، وحذرت المذكرة بأن بذلك القرار سيزيد من نسب الشباب خارج نطاق مؤسسات التعليم واستشراء البطالة في صفوفهم ويكون الضرر على الأمّة والمجتمع ككل، وأمهل الطلاب وزارة التعليم العالي 73 ساعة للرد، وعقب تسليم المذكرة تحرك الموكب صوب الجامعة مجددا بهتاف “وحدة قوية طلابية” .
رأى ممثل المجلس الطلابي بجامعة الخرطوم محمد عادل في تصريح لـ”الجريدة” بأن تلك المنهجية تؤكد بوضوح إتجاه يرمي إلى خصخصة مؤسسات التعليم العالي الحكومية و جعلها على قدم المساواة مع الجامعات الخاصة حيثُ يتحمل الطالب تكلفة تسيير الجامعة لشؤونها، وقال هذا مدفعنا أيضاً لمساءلة وزارة التعليم العالي عن دورها تجاه دعم الجامعات الحكومية و تقييد قيم الرسوم الدراسية للطلاب عبر لوائحها حتى لا تترك لكل صاحب هوىً تسول له نفسه أن يصبح التعليم في السودان لفئة محددة دون الأخرى و يزيد بذلك من نسب الشباب خارج نطاق مؤسسات التعليم استشراء البطالة في صفوفهم ويكون الضرر على الأمّة والمجتمع ككل.
إغلاق شارع الجامعة
وعقب انتهاء المهلة المحددة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي وعدم تنفيذ مطالب الطلاب، استمر الطلاب بالتصعيد ضد قرار زيادة الرسوم الدراسية للقبول العام وتم إغلاق شارع الجامعة من قبل الأجسام الطلابية بجامعة الخرطوم أمس.
مواصلة الحراك الرافض لزيادة الرسوم الجامعية ومقاطعة التسجيل للعام الجديد، نفذت اللجنة التنسيقية لطلاب الهندسة بجامعة السودان وقفة احتجاجية امس بالمجمع الغربي، وأكدت التنسيقية في بيان لها أمس استمرار تردي الأوضاع البيئية بالجامعة بالمجمع الجنوبي، وقالت ادارة الجامعة تطالب الطلاب بدفع مبالغ خرافيّة في ظل بيئة تفتقر للحد الأدنى من متطلبات الصحة العامة، ناهيك عن الهندسة والعمارة، بجانب عدم وجود أدوات للمعامل والمراسم، ولا تهوية للقاعات، ولا حتى أبسط مقوّمات العملية الدراسيّة ، وأردفت رغم ذلك، تريد الإدارة من الطلاب وضع أيديهم على أفواههم ودفع الأموال دون أي رد فعل من جانبهم )
إغلاق الكلية
تواصلت الاحتجاجات على زيادة الرسوم في الولايات حيث نفذ طلاب كلية طب جامعة دنقلا بالولاية الشمالية في اعتصام مفتوح أمام مباني الكلية اليوم يومه الثامن، احتجاجا على اغلاق الكلية وعلى زيادة الرسوم الدراسية الاخيرة، والمطالبة بضرورة استئناف الدراسة وتحديد موعد الإمتحانات، وإلزامية قرار المحكمة بوقف تنفيذ القرار لحين الفصل فيه في حال عدم إستئنافهم، حتى يباشر الطلاب التسجيل بالرسوم المقررة لجهة أن الزيادة مجمدة قضائياً، وطالبت اللجنة الممثلة لطلاب كلية طب جميع الجهات والمؤسسات ذات الصلة التدخل الفوري لضمان الإستقرار الأكاديمي بالكلية، واستئناف الدراسة فيها على نحو لا يتعارض مع إنفاذ القرارات القضائية، وقال عضو اللجنة الممثلة لطلاب كلية طب محمد وضاح في تصريح لـ”الجريدة” ترجع التفاصيل الى أنه انعقد اجتماعاً الاثنين الماضي من الاسبوع الجاري ضم كلاً من ( لجنة أمن الولاية برئاسة الوالي، اللجنة الممثلة للطلاب، مدير جامعة دنقلا ) لمناقشة إغلاق الكلية، وذكر بأن اللجنة طالبت اثناء الاجتماع باسئناف العام الدراسي وبررت ذلك لجهة ان القضية مازالت على طوالة المحكمة الإدارية لتفصل فيها، وتمسكت على أن تتحمل إدارة الجامعة لزيادة الرسوم الحالية واضاف : الا ان ادارة الجامعة اتخذت قرار قضى إلى قبول الطلاب بالزيادة الحالية، مع إمكانية تقسيط المبلغ لعدة مراحل، ومن ثم شطب الطعن الإداري المقدم من طرف الطلاب إلى المحكمة، و طلبت أن يُبلَّغ الطلاب بالمقترح المقدم أو انتظار الفصل النهائي من المحكمة وتظل الدراسة معلقة، واعتبر الطلاب بأن زيادة الرسوم في الوقت الحالي بيد السلطة القضائية، وتمسكوا بأن تمثل ادارة الجامعة للعدالة، وتابع : وبالمقابل رفض الطلاب المقترح المقدم باعتبار أنه ليس حلاً بل إعادة للمعوق وتكريراً لمكان الأشكال ذاته، وبرروا ذلك لجهة أن التقسط يعتبر حقاً معمولاً به في الرسوم منذ أمد بعيد وليس منةً يعاد تقديمها في صورة تنازل، وقرروا الدخول في اعتصام مفتوح لحين تنفيذ مطالبهم .
فدوى خزرجي
صحيفة الجريدة