جعفر عباس

جعفر عباس يكتب: رفس النعمة فرفسته

أمامي قصاصة من صحيفة خليجية بدون تاريخ بها حكاية مواطن اسمه راشد، يملك هاتفاً جوالاً يعمل بالبطاقة مسبقة الدفع، أي ما يعرف بالشحن كما هواتف هلا في شبكة أوريدو القطرية، واستفسر عن رصيد بطاقته واكتشف أنه يبلغ 429 مليوناً وخمسمائة ألف ريال (429,500,000 ريال)، ولأنه ابن ناس (وفي رواية أخرى «مش وِش نعمة») فقد كرر الاستفسار عن الرصيد حتى زهج كمبيوتر شركة الاتصالات، وصاح: يا عمي ذبحتنا… قلنا لك رصيدك «429 مليون ونص»، ثم أضاف الكمبيوتر: علي بالطلاق تسأل تاني عن الرصيد، أقطع خط هاتفك وخدمات الماء والكهرباء عن بيتكم وبيوت جيرانكم.. مفهوم؟ يللا حِل عن سماي..

(إليكم حكاية الرجل الذي اشترى سيارة فاخرة يقوم الكمبيوتر المركب في داخلها بإصلاح كل عطل يطرأ عليها بإصدار تعليمات صوتية.. وأراد الرجل تجريب قدرات الكمبيوتر والسيارة فجاء بمطرقة وهشم زجاجها الأمامي فقال الكمبيوتر: الزجاج الأمامي مهشم.. مطلوب إصلاح سريع.. وخلال دقائق كانت السيارة قد نفثت خيوطاً دقيقة تشكلت بسرعة إلى زجاج سد واجهة السيارة، وانبسط صاحبنا وخلع المرآة الجانبية للسيارة فما كان من الكمبيوتر إلا أن قال: المرآة الاحتياطية تحركي لتأخذي مكان المرآة المخلوعة.. ومن فرط سعادة الرجل بسيارته الذكية، قرر إخضاعها لاختبار كبير، فسار بها بسرعة جنونية فوق جسر واصطدم عامداً بحاجز الجسر فطارت السيارة والكمبيوتر يقول: «يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية…» إلى آخر الآية الكريمة).

المهم أن صاحبنا استفسر عشرات المرات عن رصيده وجاءه التأكيد بأنه مليونير، وبدلاً من الاتصال بالخبير المالي المشهور أبو الجعافر (يقال إنه أصلاً من جمهورية «مالي»، في غرب إفريقيا)، ليعرف كيف يستثمر ثروته تلك، قام بالاتصال برقم الاستعلام عن الرصيد في شبكة الهاتف الجوال فجاءه الرد: رصيدك 429 مليوناً ونصف المليون، وكان الرد بصوت نسائي يقطر عذوبة ورقة، ولكنه لم يرد عليها بكلام من شاكلة: تسلمي يا بعد كبدي.. يا عسل أنت.. تعالي خذي بقشيش ثلاثة ملايين! بل قال: زين يصير خير (وانت وجه خير؟)..

أتعرفون ماذا حدث بعد ذلك؟ حاول راشد إجراء مكالمة دولية، فإذا بهاتفه قليل الذوق يرفض تمرير المكالمة! ليش؟ قال: ما عندك رصيد!! والذي قال ذلك الكلام السخيف كان نفس الصوت النسائي الرقيق الذي أكد له أنه مليونير!.. طيب يا بنت الناس.. إنتي من شوي قلتي لي رصيدي 429 مليون وما يصير… ! ولكن صاحبة الصوت الرقيق «سكَّرت» الخط في وجهه!! وهكذا، ومن صاحب ملايين تحول صاحبنا إلى حامل بطاقة هاتفية عديمة القيمة! وهذا ما جناه على نفسه وما جناه عليه أحد!
يقال إن امرأة تطلقت من زوجها العجوز ذات صيف، وتزوجت بشاب حليوة، ولكنه مبهدل مادياً، وذات مرة أرسلت إلى طليقها (العجوز) تطلب منه بعض اللبن، فقال لها ما صار مثلاً: الصيف ضيعت اللبن! ولو استشارني راشد لاشتريت له ولنفسي تذاكر طائرة بالدرجة الأولى… لا… كنت سأستأجر طائرة إيرباص خاصة، ونسافر بها سوياً إلى لاهاي في هولندا، حيث محكمة العدل الدولية، ونقف أمام تسعة قضاة ليسمعوا شركة الاتصالات تلك وهي تعترف بأن لديها أمانة ووديعة من طرف «موكلي» بقيمة كذا وكذا مليون، ثم نسافر إلى سويسرا لنضع هاتفه الجوال في بنك… ثم نصل إلى اتفاق مع شركة الاتصالات بأن تعطينا أنا وشريكي/ موكلي أسهماً بثلاثمائة مليون ريال.. طيب والباقي؟ بعد إذن شريكي،.. نقيم حفلاً ضخماً وندعو إليه أشهر المطربات ومذيعات القنوات الفضائية العربية التجارية من الصنف الذي يبطل الوضوء ويوجب الغسل.. وندعوهن للجلوس في صفوف على المسرح ثم نأتي بمجموعة من المارينز الأمريكان، ونقول لهم إن الفتيات الجالسات في المسرح من داعش. فينقلوهن إلى سجن غوانتنامو، ونكون بذلك قد أسهمنا في الحفاظ على البيئة بمنع التلوث.

صحيفة الشرق