حيدر المكاشفي يكتب: ضاقت خلاص..كيف الخلاص!!
دعت تنسيقيات لجان المقاومة في ولاية الخرطوم، إلى الخروج في موكب باسم (ضاقت خلاص) لإسقاط الانقلاب العسكري في 17 يناير الجاري،
ويأتي الموكب في هذا التاريخ تخليدا لذكرى مجزرة 17 يناير التي راح ضحيتها سبعة شهداء العام الماضي، وأشارت اللجان بحسب موقع (الترا سودان) إلى معاناة الشعب السوداني من فرض الجبايات غير المبررة والزيادات المهولة في اسعار الاحتياجات الأساسية لمعاش الشعب السوداني، وأهابت تنسيقيات المقاومة بجميع النقابات والاتحادات العمالية والطلابية وجميع مكونات الشعب السوداني إلى التعاضد والوقوف معا جنبا إلى جنب وكتفا بكتف لتحقيق مطالب الشعب السوداني، ويشار الى ان الاحتجاجات الشعبية المناهضة للانقلاب العسكري، لم تتوقف منذ استيلاء الجيش على السلطة في 25 أكتوبر 2021، بينما تحاول قوى سياسية مدنية على رأسها قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) إنهاء الانقلاب عبر العملية السياسية المؤسسة على الاتفاق الإطاري المبرم مع الانقلاب العسكري..
انها والله مصيبة وكارثة ان يجد الناس أنفسهم يدورون في دوامة، بل ودائرة مغلقة، ولا تلوح في الافق بوادر تقدم او خلاص من شيمة الدوامة القاتلة هذه، ومصيبة الانسان السوداني التي يكابدها اليوم، هي باختصار نتاج طبيعي للانقلاب الذي قلب حياة الناس رأسا على عقب، ولكن رغم المسغبة وضيق الحال، إلا ان الناس يحدوهم الأمل في غد أفضل، كما قال الشاعر الطغرائي (ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل)، فلا مناص في كل الأحوال من التمسك بأهداب الأمل بل والعمل لبلوغه، وايقاد شمعة بدلا من الاكتفاء بلعن الظلام وبالضرورة الانقلاب، ولعل هذا ما يستوجب على الناس التحول من خانة السلب والسب والزهج والغضب والحيرة، الى خانة الفعل من أجل التغيير، تغيير الحياة الى الافضل والخروج من هذه الدائرة اللعينة..
بعد ملاحم نضالية وتضحيات كبيرة انجح السودانيون وعلى رأسهم الشباب والشابات ثورتهم المجيدة، وقد مر على هذا الحدث الوطني الكبير اربعة سنوات، ولكن للأسف لم يتحقق ولو اليسير من اماني الناس واحلامهم بعد مرور هذه السنين، وانما حدث العكس، فقد كانت مشاوير الاماني والاحلام متقطعة، والطريق امتلأت بالمطبات والعثرات والمنعطفات والمكائد والدسائس.. ومع الانقلاب بلغت ازمات الحياة في السودان أقصى مداها على جميع الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وازدادت الحاجة للتمسك بحبال الاماني في فسحة منقوصة ومهددة من السلام والاستقرار، وظل المواطن السوداني يلهث خلف لقمة العيش المرة وخلف مشاكسات الانقلابيين ومؤامرات النظام البائد وفلوله، وما زال ضمير الانسان السوداني النبيل يتعلق ببصيص الضوء وسط العتمة، وكلما لاح ضوء من بعيد صاح وجدتها.. وجدتها. فقد صارت متابعة الاخبار عبر الصحف والفضائيات كلها تصيبه بالألم والحسرة وتضعنه امام حقيقة بشاعة ما يدور، بشاعة تزييف الحقائق ولي يد وكسر رقبة الحقيقة من أجل تحقيق المطامع والواقع يقول ان الأزمة السودانية صارت بحجم لا يحتمل التجاهل أو التساهل او التمادي في الاستسلام، ذلك لأن الازمة تهدد الكيان الجغرافي والسيادي وما يقوله الآخرون عنا خير شاهد.
وباختصار شديد مطلوب الان من الكل استشعار هذا الخطر بلا تفاصيل حتى يبقى السودان، وبعدها نعيد النظر في التفاصيل.. فالحل الامثل لأزمات البلاد المستفحلة لا يتأتى لأحد أو جهة واحدة.. الحل يكمن في حركة الجماهير الفاعلة وفي القراءة المتجردة للواقع ولتاريخ حركة الشعب السوداني.. فيا ترى عطفا على موكب (ضاقت خلاص)،هل لنا ان نردد مع الشاعر:ضاقت ولما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت اظنها لا تفرج..
صحيفة الجريدة