منى ابوزيد

عبد الله مسار يكتب : المبادرة المصرية إلى أين؟


في مقالاتنا القاهرة في الخرطوم، ذكرنا أهمية السودان بالنسبة لمصر، وقلنا إنّ العلاقة المصرية السودانية، علاقة متينة وقوية، وقلنا ليس علاقة رسمية فحسب، ولكنها علاقة شعبية ومتوفرة على كل الصعد، وهي تجارية واجتماعية وأهلية وأمنية وتاريخية، وقلنا إنّ مصر هي توأم السودان، وقلنا هي مفتاح العالم العربي والإسلامي والأفريقي، وقلنا إنّ مصر هي مدخل هذه العوالم الثلاثة إلى أوروبا وأمريكا.

وأهمية مصر تنبع من موقعها الجُغرافي بمحاددتها أوروبا، وموقعها المطل على البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر.

حُذفت مصر من الدور المطلوب لها بالسودان، وحلّت محلها دول ليس في عمق العلاقة بين السودان ومصر، أبعدت أفريقيا كلها عن لعب دور في السودان، وكذلك أبعدت آسيا، بل أبعدت بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا وتركيا، ودخلت الإمارات والسعودية ، وتم تبني رؤية بعض القوى السياسية وقسم شعب السودان على أساس معنا وضدنا، وصار السودان مقسوماً وفق ذلك، بل حتى أمريكا وإنجلترا تدخلا ليس لصالح السودان، بل لمصالحهما، وهذا التدخل السالب مكّن لفولكر وجعله حتى يطرد القنوات الفضائية وكل وسائل الإعلام السودانية، وظن أنه حاكم عام السودان على شاكله بريمر في العراق في مشروع فاشل، وقوض العملية السياسية في السودان، وامات مشروع الفترة الانتقالية المستقرة، وحمل ملامح الوجه الاستعماري الذي يسعى لتغيير المشروع الوطني السوداني، وألبسه جلباب الخارج وجعله يتعارض ويتقاطع مع دين وأخلاق وقيم أهل قدم المشروع النيوليبرالي، الذي جعل الأمر خليطاً بين قيم المجتمع الغربي وبعض من اشتراكية، بل جزء من تعصب يقود إلى المشروع الإبراهيمي، وجعل أغلب القائمين على أمره يتبعون إلى الاستعمار الجديد عبر بعض السفارات الغربية وبعض دول عربية، بل قام مشروع السودان الجديد على عزل الأكثرية السودانية بحجج مختلفة، منها تفكيك نظام الإنقاذ، ومنها إبعاد الإسلاميين، ومنها محاربة الفلول، وكلها حجج واهية معنيٌّ منها إبعاد الدين، وكذلك تمكين العلمانيين وتغيير شكل السودان، وتمكين العلمانيين من رقبة السودان الدولة والمجتمع،

ولكي ينفذوا ذلك لا بد من إبعاد الدول التي لها علاقة بالسودان وسيطرة دول ذات مصالح غير واضحة، بل مصالح تضيع مصالح السودان.

إذن، المبادرة المصرية تقوم على حوار سوداني – سوداني يجمع أهل السودان على المشروع الوطني، الذي يؤسس للدولة السودانية الوطنية، التي تملك قرارها وتتعامل مع الآخرين بندية دون أن يكون السودان تحت إبط الآخرين.

ثانياً، أن يكون القرار سودانياً دون تبعية مخلة.

ثالثاً، أن يسيطر على موارده وآليات حكمه.

رابعاً، استقرار الفترة الانتقالية وفق تراضٍ من أهل السودان.

خامساً، علاقة السودان بالآخرين وفق مصالحه وسيادته على قراره.

ومبادرة مصر هي مبادرة جامعة للصف السوداني للبقاء على السودان دولة واحدة، وتوقف مشروع تفكيك وتفتيت السودان، بل مشروع علمنة السودان، وكذا تقوية الأمن السوداني والمحافظة على القوات المسلحة والدعم السريع وباقي الأجهزة الهامة.

إذن، المبادرة المصرية تعمل لجمع أهل السودان في مشروع وطني يؤدي إلى نجاح واستقرار الفترة الانتقالية، لأنه واضح فشل الاتفاق الإطاري، وأعتقد أن بعض القوى الخارجية الداعمة للإطاري قد تعيد النظر فيه، لأنه اتّضح لها عدم نجاحه، لأنه مات سريرياً، وهو الآن في غرفة الإنعاش. وقطعاً، إننا قادمون إلى مرحلة جديدة سيكون لمصر دور هام ومحوري فيها.

وأعتقد أن نجاحها مضمون، وكل الشواهد والدلائل لنجاحها تُرى بالعين المجردة، دون تلك القوى المجهرية التي تقف على الإطاري.

تحياتي،،،

صحيفة الصيحة