حيدر المكاشفي

حيدر المكاشفي يكتب: مقتل غرانفيل..أصل الحكاية!!


بعد إطلاق سراح عبد الرؤوف أبو زيد، أحد المحكومين بالاعدام في قضية مقتل الأمريكي جون غرانفيل وسائقه السوداني عبد الرحمن عباس، عادت هذه القضية للمشهد مجددا بعد مرور 15 عاما عليها، حيث رفضت الادارة الأمريكية القرار القضائي السوداني الذي قضى باطلاق سراح عبد الرؤوف، نافية حيثية أن أسرة جون غرانفيل تلقت تعويضاً مالياً قدمته الحكومة من أجل تسوية القضية التي تأسس عليها قرار إطلاق سراحه، وتلاحق امريكا سلطات حكومة الأمر الواقع لإلغاء القرار واعادة عبد الرؤوف الذي ما زالت تعده إرهابياً خطراً الى السجن، بينما أعلن عبد الرؤوف اعتذاره عن فعلته للشعب الامريكي عن قناعة راسخة، مؤكداً إن أفكاره للحياة والدين قد تغيرت مشيراً إلى انفصاله عن زوجته بسبب ذلك.. فما هو أصل هذه القضية التي فجرت الجدل المثار حولها حالياً..

كان أول خبر (عجيب وغريب) سرى عن مقتل الموظف الأمريكي وسائقه السوداني في اللحظات الأولى لميلاد العام 2008م، عندما كانا في طريقهما إلى المنزل بعد انتهاء حفلة لليلة رأس السنة في الخرطوم، فتم إطلاق النار عليهما وقتلهما في الحال، كان هو ما صدر عن وزارة الخارجية، وفحواه أن حادث القتل وقع بسبب (شكلة خواجات على نسوان)، وحينها تساءل الناس متعجبين (وهل يتشاكل الخواجات على النسوان)..لتضح حقيقة أن وراء الجريمة (لا نسوان ولا بطيخ) وانما جماعتان ارهابيتان هما تنظيم القاعدة في بلاد النيلين وأنصار التوحيد، ويتم القبض على الخلية الارهابية والمؤلفة من كل من عبد الرؤوف أبو زيد محمد حمزة، ومحمد مكاوي إبراهيم محمد، وعبد الباسط الحاج الحسن حاج حمد، ومهند عثمان يوسف محمد (لقي حتفه لاحقا في الصومال)، ويحكم عليهم بالاعدام ويودعوا سجن كوبر، ولم يمر العام على سجنهم حتى تمكنوا من الهرب جميعهم فيما عدا عبد الرؤوف الذي قبض وأعيد الى السجن، وقيل وقتها أن الهاربين استطاعوا الحصول على المخططات الهندسية والمعمارية للسجن (لا يعرف كيف حصلوا على الخريطة)، الأمر الذي مكنهم من تحديد كيفية الهروب، وتحديداً مواقع قنوات الصرف الصحي التي قيل إنهم هربوا عن طريق إحداها، بعد أن حفروا خندقاً أو ممراً من محبسهم أوصلهم بالمصرف الذي اسلمهم للفضاء العريض، ومرة أخرى استغرب الناس إذ كيف لا يشعر كل من بالسجن بعمليات الحفر الدؤوبة ونقل المخلفات ، ثم كيف لـ (ماسورة) يبلغ قطرها أربعة وعشرين بوصة في أحسن اتساع أن تسع شخصاً بالغاً ويستطيع أن يمر عبرها زحفا لمسافة ليست قصيرة، وحتى لو افترضنا أنها وسعته ومررته فهل يمكن أن يخرج منها سليما معافى رغم ما تحويه من قاذورات وملوثات وغازات خانقة، وعلى إثر حادثة الهروب تم تشكيل لجنة تحقيق قضت بفصل وسجن مدير السجن مع سبعة آخرين من الضباط وضباط الصف،

وتجدر الاشارة الى ان محاولة وساطة كانت قد جرت مع والدة غرانفيل التي وضح انها لا تحب ولا تحبذ احكام الإعدام شأنها شأن سائر الامريكيين، وقيل أن المبادرة نجحت في الحصول على موافقة بالعفو من والدة غرانفيل مقابل تنفيذ الجناة لبعض الشروط من أهمها الاعتراف علناً بارتكابهم الجريمة والاعتذار عنها على رؤوس الاشهاد..واشهد أنني لست ممن يتمنون اعدام عبد الرؤوف رغم الجرم الشنيع والأفكار الهدامة المهلكة له قبل غيره، وهذا ما يجعلني أتساءل هل مازال في الامكان السير بهذه المبادرة الى نهايتها..

صحيفة الجريدة