وسّع دائرة الاحتجاجات .. معاش الناس .. إمتلاء دفاتر (الجرورة) وزيادة أحكام يبقى لحين السداد
* غرفة الصناعات التحويلية تكشف عن إغلاق مصانع واعلان إفلاسها
* شيخ السوق: مديونيات منقولة من العام الماضي اثقلت كاهل التجار
* د.الناير: علاج الأزمة الاقتصادية مرهون بتعيين حكومة كفاءت وطنية
أثارت الرسوم التي ظلت تفرضها وزارة المالية احتقان كبير بالشارع واصبحت حديثاً للمجالس، حيث يرى مراقبون أن سياسة وزارة المالية من شأنها أن تزيد من حجم الكتلة الحرجة ودللوا على ذلك باتساع دائرة الاحتجاجات والاضرابات ولم تستبعد المصادر أن تشهد الايام القادمة مزيدا من الإحتجاجات خاصة أن عدد من الوزارات والدواوين الحكومية ما تزال تنتظر صرف المرتبات.
(1) دفاتر الجرورة
كشفت جولة استطلاعية واسعة قامت بها (الجريدة) عن زيادة ارتفاع معدلات الركود بالأسواق وكافة القطاعات التجارية، ووفقا لإفادات كثير من التجار أن القوة الشرائية تراجعت بشكل كبير منذ مطلع يناير الماضي، وقال سراج عبدالفتاح أن كثير من أصحاب رؤوس الاموال احجموا عن التداول وأن عدد كبير ايضا من الشركات المنتجة توقفت عن الأنتاج، وارجع سراج الحالة الاقتصادية الراهنة الى السياسات التي أعلن عنها وزير المالية دكتور جبريل إبراهيم في الميزانية الجديدة، وقال أن الزيادات على كثير من التعاملات الخاصة بالخدمة المدنية ارتفعت رسومها بشكل تصاعدي، ما قلل من التعاملات التجارية بالاسواق، واردف المئات من التجار الذين لديهم معنا تعاملات تجارية أصبحوا خارج السوق، وأن بعضهم تم الزج به في السجون بسبب تراكم المديونيات عليه، ومضى أنا كتاجر إجمالي أضطررت الى تدوين بلاغات في عدد من تجار التجزئة الذين إختفوا في ظروف غامضة، أكثر من عشرة دفاتر (جرورة) طالت المئات من المتعاملين ظللت احتفظ بها بينما كل الأسماء أو الاكثرية منها ظلت غائبة مما وضعني في موقف محرج أمام شركات المنتجات الغذائية.
(2) شيخ السوق
كشف حاج النور التاجر بالسوق المحلي والملقب بـ(شيخ السوق)، عن ارتفاع قائمة أسماء التجار المعسرين الذين قال تم حبسهم الى حين السداد، وأوضح نحن منذ فترة نعاني من المديونيات جراء تمدد حالة الركود التي استمرت لفترة طويلة، وأردف: هنالك ديون محولة منذ العام الماضي نسعى الى سدادها ولكن دون جدوى، ومضى، تفاقم الاوضاع الاقتصادية يظل المسؤول الاول والأخير هو وزير المالية جبريل إبراهيم الذي فشل في جلب وتحصيل الإيرادات وزيادة الرسوم دون مراعاة للجوانب والآثار التي يمكن أن تنجم عن تلك الخطوة التي أشبه بالقفز في الظلام.
(3) نقابة المواصلات
نقابة المواصلات التي أعلنت الإضراب أمس رفعت من درجة إهتزاز الثقة بين المواطن والحكومة الإنقلابيبة، ويرى مراقبون أن دخول شريحة نقابة المواصلات في سلسلة الإضرابات بجداولها المعلنة مسبقا أمر سيزيد من وتيرة التصعيد في المطالب المشروعة، ولعل اضراب نقابة المواصلات تكمن خطورته في كون أن الدولة نفضت يدها من القطاع تاركة المجال للقطاع الخاص الذي احكم قبضته عليه ووفقا لتقديرات جهات مختصة أن 98 % من حركة النقل العاملة في خطوط المواصلات قطاع خاص، تحت قبضة شركات وأفراد لذلك تصعب السيطرة على قطاع المواصلات من قبل الدولة، لذلك تظل القضية جوهرية، حيث سبق وأن جلست الجهات ذات الصلة مع النقابة قبل عدة أسابيع مضت دون التوصل الى حلول، ما دفع النقابة الى معاودة الكرة مجددا، يحدث ذلك في ظل اتساع ظاهرة إضراب العمال والموظفين الحكوميين عن العمل، في عديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية للمطالبة بزيادة الأجور وصرف المرتبات، فالضرائب التي ظلت تفرضها وزارة المالية وضعت المواطن في مواجهة مباشرة مع ارتفاع كلفة المعيشة التي تفاقمت بشكل يصعب احتماله مع اشتداد الازمة المالية الخانقة وتأتي هذه الإضرابات في ظل غياب النقابات والاتحاد المهنية المنوط بها حماية حقوق العمال التي قام البرهان بحلها بعد سيطرته على السلطة في البلاد.
(4) معاش الناس
الدكتور محمد الناير المحلل الاقتصادي رأى ضرروة أن تسارع القوى السياسية على إحداث توافق ينقل البلاد من مرحلة اللا دولة الى تشكيل حكومة كفاءات مستقلة ذات مهام واضحة ومحدد من أجل معالجة الازمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد، وقال في تصريح لـ(الجريدة) أن السبيل الوحيد للخروج بالبلاد من الراهن الاقتصادي هو تشكيل حكومة كفاءات وطنية من أجل معالجة معاش الناس، وأردف الوضع الاقتصادي تفاقم أكثر من ذي قبل مقارنة بالعام الماضي، وانتقد الناير السياسة الاقتصادية التي إنتهجها وزير المالية جبريل إبراهيم خاصة زيادة الرسوم والضرائب التي جنح إليها منذ العام الماضي لسد النقص، وتابع، زيادة الرسوم الجمركية بجانب زيادة رسوم التراخيص والمخالفات المرورية قرار لم يكن صائبا لجهة أن الرسوم الضريبية الباهظة من أمر من شأنه أن يرفع من معدلات التهرب الضريبي، ومضى كلما انخفضت الرسوم كلما ارتفعت ايرادات التحصيل وهذه مسألة لا تحتاج الى كثير تفكير أو عناء، الوضع مزري ونحتاج جميعا الى الحكمة ورفع الهمة الوطنية من أجل التوافق على حكومة كفاءات تعالج قضية معاش الناس خلال الفترة الإنتقالية.
(5) أكذوبة الدعم الخارجي
قلل د. الناير من الوعود التي وصفها ب البراقة من قبل المجتمع الدولي، وقال أن على الدولة أن تسارع في استخراج ما بداخل باطن أرض السودان من موارد معدنية وأن تشرع في الإستفادة من الموارد المتعددة للبلاد وتوظيف عائدات الصادرات في النهضة الزراعية بجانب الإهتمام بالصناعات التحويلية، وأردف كل الوعود التي ألتزمت بها الدول الداعمة كانت وعود لم تتسلم منها حكومة حمدوك فلسا، بل بالعكس أن حكومة حمدوك دفعت ملايين الدولارات في قضايا وإتهامات معلومة للكافة، وتابع لذلك يجب أن لا يعول الشعب أو الحكومة القادمة على المجتمع الدولي كثيرا لفك الضائقة الاقتصادية، على الدولة أن تستفيد من موارد البلاد المتعددة وتوظيف الإيرادات بالشكل الأمثل.
عضو غرفة الصناعات مهدي محمود أوضح أن الرسوم والجمارك الباهظة التي ظلت تفرضها وزارة المالية على المصانع ساهمت في إغلاق عدد من المصانع التي أصبحت خارج الخدمة، وتابع، يعاني القطاع الصناعي كغيره من القطاعات الانتاجية من مشاكل عديدة أدت الى اغلاق العديد منها وشرّدت آلاف العاملين، ، وبالمقابل رأى مراقبون ومحللون اقتصاديون تراجع القطاع الى السياسات الحكومية والتي تأتي في مقدمتها زيادة الرسوم الجمركية.
(6) الازدواج الضريبي
أكد الباحث الاكاديمي كمال ابراهيم على ضرورة أن تسارع الحكومة في زيادة الانتاج والانتاجية واستغلال الموارد وتوظيف العائدات في دعم المشروعات الانتاجية وتوسيع المشاريع الانتاجية ودعمها، بدلاً من الاعتماد على فرض جبايات ورسوم جديدة وتضيق الخناق على الشركات الاستثمارية بزيادة الرسوم الجمركية وفرض ضرائب على كل مدخلات الانتاج، واوضح أن فرض رسوم اضافية على الشركات الصناعية المنتجة قرارا غير موفقا، وأن انعكاسات القرار ستأثر سلباً على كافة السلع الإستهلاكية الغذائية وأردف، وزارة المالية لم تراع الأثار السالبة للازدواج الضريبي من خلال تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وأن فرض رسوم اضافية في هذا التوقيت الذي تعاني فيه البلاد من اختلال كبير في الميزان التجاري بجانب عجزها في ميزان المدفوعات، ومضى مثل هذه القضايا تحتاج الى معالجات طويلة وقصيرة الامد ولكن أن تلجأ الدولة على سد العجز بزيادة الرسوم فهذا قرار معيب سيدفع اصحاب رؤوس الاموال والشركات للهجرة وقد يرفع من معدلات التهرب الضريبي.
(7) موجة إضرابات
تشهد البلاد هذه الفترة اتساع ظاهرة إضراب العمال والموظفين الحكوميين عن العمل في عديد من القطاعات الإنتاجية والخدماتية للمطالبة بزيادة الأجور في مواجهة ارتفاع كلفة المعيشة التي تفاقمت بشكل يصعب احتماله مع اشتداد الأزمة المالية الخانقة وتأتي هذه الإضرابات في ظل اضطرابات سياسية وحراك ثوري واسع ظلت تشهده العاصمة الخرطوم وعدد من الولايات احتجاجا على السياسات التي ظلت تنتهجها الحكومة الانقلابية خاصة وزير المالية دكتور جبريل ابراهيم الذي فشل في إدارة موارد البلاد وإكتفى برفع الضرائب والرسوم من جيب المواطن مما فاقم من تردي الاوضاع الحياتية للمواطنين.
عبدالرحمن حنين
صحيفة الجريدة