زاهر بخيت الفكي

زاهر بخيت الفكي يكتب: عُذراً أيّها الضيف..!!


وثّق أحدهم بالفيديو، لحظات الهجوم على أجنبي، الذي احتوشَتهُ عصابات 9 طويلة، لنهب ما عنده بالقوة، فلم يجد أمامه سوى الهروب،وإن لم يهرُب لتمكنوا من نهبِهِ وضربه ضرباً مُبرحاً في حال أبدى شيء من المُقاومة، ولن يتوانوا كذلك من قتله، وقد فعلوها من قبل مراتٍ ومرات، وقد جئتكم بهذه القصة، لا لأنّها لا تحدُث إلّا نادرا، وما منّا من أحدٍ إلّا ولديه قريب أو صديق له قصة مع هذه العصابات، إن لم يكُن هو بنفسه قد شاهد، أو تعرّض لنفسِ الموقِف، والفيلم الدموي عزيزي القارئ، لم يعُد مُخيفا، وقد دخلتموه مئات المرات، ولكن لأنّ الحادثة موثقة، والضحية فيها شخص غريب التجأ إلينا بحثاً عن أمانٍ من خوف، يُفترض أن نحميه لا أن نُضاعِف خوفِه.
نقول بأنّ الواقعة لم تحدُث في ليلةٍ من ليالي الخُرطوم المُظلمة، ولم تحدُث في منطقة من المناطِق الطرفيةالتي تخلو من المارة، ومن عيونِ الأجهزة الأمنية،فالواقعة للأسف حدثت في وضحِ النهار، وفي منطقة السوق المركزي الخُرطوم، وما أدراك ما السوق المركزي المزحوم، وقد دلتنا الكاميرا بوضوح، علىمسرحِ الجريمة المُزدحِم بالباعة والزبائن، وأصحاب المركبات والركشات، وهم يتفرجون على مشهد الرجل وهو يُهاجم، في مكانٍ قطع شك لا يخلو من وجودٍ أمني، ولكِن من يحمي من، فالخوف ملك الألباب، وما عُدنا نهتم.
قالوا من أمِن العقوبة أساء الأدب، فهؤلاء لم يجدوا قانوناً يردعهم حتى يتوقفوا عن أفعالهم الخطيرة، التي أرعبوا بها الناس، وأقلقوا بها منامِهِم، فهذه العصابات وجدت المناخ المُناسب للاستقواء والتناسُل، فتزايدت اعدادها، واستقوى الضعيف منها بالقوي، في ظل غياب القانون، وغياب من يُنفِذ القانون، وما حدث للغريب يتعرّض له المواطِن رُبما في رأس كُل ساعة أمام منزله، ومكاتب الشُرطة على بُعدِ خطوات، وسياراتها تجوب الطُرقات.
نقول للضيف أياً كانت جنسيته، حمداً لله على سلامتك، وقد جئتنا يا عزيزي في الزمانِ الخطأ، ونقول لقوات الشُرطة، يجب عليكم أن تتحملوا المسؤولية كاملة فيماتنشره هذه العصابات، في طُرقاتنا من فوضى تدُل على أنكُم قد رفعتُم أيديكم عن القيام بدوركم، وفي مقدوركم هزيمتها إن استخدمتم القانون وأدواته، التي وفرها لكُم الشعب المُثقل بأعباء الصرف عليكم، وقد رفعتُم من قبل شعاراً نبيلاً وضعتموه في أعلى جُدران مكاتبكم، الشُرطة في خدمة الشعب، وما يحدُث يدُل على غيابكم، وعلى بُعدكم عن الشعب الذي عاهدتُم الله، وأقسمتُم على كتابه بحمايته وحفظ أمنه.
ما دفعني للكتابة عن هذه الواقعة غير التعاطُف مع الغريب، هو تلك المُناشدة التي أطلقتها قوات الشرطة للضيف المُعتدى عليه للحضور لمكاتبها، لا أدري لماذا، ولكن يقيني بأنّ الرجُل يحزم في أمتعته للعودة إلى بلاده ليستجير بنارها من رمضاء بلادنا، إن لم يكُن قد فعلها أصلا.

صحيفة الجريدة