أدوية غير مسجلة ومرضى يلجأون للبدائل .. رصد أزمة ارتفاع الأسعار
جرعة دواء لنقص المناعة تباع بـ(150) ألف جنيه
أدوية غير مسجلة ومرضى يلجأون للبدائل.. (الصيحة) ترصد أزمة ارتفاع الأسعار
جرعة دواء لنقص المناعة تباع بـ(150) ألف جنيه
صيدلي: أصحاب العلاج الدائم يشترون العلاج بالجرعة ولا يكملون العلاج لارتفاع ثمنه
طبيبة صيدلية: حالات الملاريا كثيرة والعلاج غالي جداً على المواطن
مواطنة: أصبح العلاج إنفاق آخر غير إنفاق المعيشة والأولاد
صيدلية: انقطاع الأنسولين كارثة لمريض السكري
يعد ارتفاع أسعار الأدوية من أكبر المشاكل التي يعاني منها أغلب السودانيين الذين لا تسعفهم إمكاناتهم المادية لتوفير الدواء والمستلزمات الطبية الأخرى، فقد شهدت الأدوية في الصيدليات السودانية حالة ارتفاع في أسعارها والتي طالت الأصناف الحيوية التي لا غنى للمرضى عنها.
وفي جولة أجرتها (الصيحة) على بعض الصيدليات المرتكزة في المناطق الطرفية لمدينة أم درمان وجدت أنها تعاني نقصاً كبيراً لبعض الأصناف وغلاءً شديداً في أسعار بعض الأدوية .
كما كشفت الجولة أن المرضى في أغلب الأحيان بسبب فقرهم يلجأون إلى الأدوية البديلة مثلما يلجأون إلى الصديليات مباشرة دون أن يعرضوا أنفسهم للأطباء تقليلاً للكلفة الباهظة بسبب ارتفاع قيمة الأطباء. كما كشف الاستطلاع وجود عدد مقدَّر من الأدوية غير المسجلة لدى السلطات السودانية المختصة، وهذا الأمر وفق مارصدت (الصيحة) تسبب في مخاطر عديدة لهم.
الاستطلاع التالي يناقش هذه القضية:
الدواء المحلي
قالت الصيدلية صفاء صديق لـ (الصيحة): جزء كبير من المواطنين السودانيين غير قادرين على الذهاب إلى المشفى للفحص لذلك يضطر الكثير إلى القدوم إلى الصيدلية مباشرة لتقليل الكلفة والبعض الآخر الذي لا يملك كلفة العلاج المتناسب مع حالته فيتنازل عن بعض الأدوية مقابل أخرى أو يقوم بشراء منتج آخر أرخص قد لا يؤدي نفس الغرض ولكن يساعده في تسكين المرض .
تحدثت -أيضاً- الصيدلية صفاء عن الدواء المحلي مقابل المستورد قائلة: في الفترة الأخيرة أصبح إقبال الصيدليات على شراء الأدوية المحلية كبير جداً، وذلك لأن أسعارها أصبحت متقاربة جداً .
أدوية غير مسجلة
أمنية أبو القاسم، صيدلية مجتمعية في إحدى الصيدليات الطرفية بمدينة أُم درمان تحدثت لـ (الصيحة) قائلة: أسعار الأدوية في الأغلب موحَّدة تأتي بفاتورة من الشركة الموردة وحتى أن كان هناك فارق فهو قليل جداً حسب الشركة المورِّدة. وأضافت قائلة: إن هناك زيادة كبيرة في سعر الدواء وهناك بعض الأدوية المنعدمة تماماً والتي تعالج بعض الأمراض المزمنة والخطرة أغلبها غير مسجل في اللوائح الحكومية للشركات، لذلك لا تستطيع الشركات استيرادها . مثل: أدوية السرطان وبعض أدوية علاج ضغط الدم والمضادات الحيوية التي تأتي في شكل حقن .
أمراض متفشية
من المعلوم لدينا أن السودان في هذه الفترة يعاني من بعض الأمراض المتفشية بصورة كبيرة مثل الالتهابات الصدرية والنزلات والكحة وتأثير تغيُّرات الطقس على بعض أمراض الجهاز التنفسي المزمنة مثل الربو والحساسيات وضيق الشعب الهوائية والجيوب الأنفية والأزمة، كما هنالك تفشياً كبيراً لمرض الملاريا والذي لا يخلو أي منزل سوداني من مريض أو مريضين مصابون بالملاريا وتجد البقية يعانون من أمراض الالتهابات الصدرية، أكد معظم الأطباء الصيدليين أن معظم الأدوية التي يتم شراؤها بصورة كبيرة هذه الفترة هي أدوية الأمراض المذكورة، ولكن للأسف أكدوا -أيضاً- أن أسعار هذه الأدوية غالية على المواطنين وأغلب المشترين يشترون جزءاً ومنها ولا يواصلون العلاج.
وفي هذا السياق تحدثت الصيدلية المجتمعية سمية حسن، إلينا قائلة: هذه الأيام لدينا مشكلة كبيرة مع مرض الملاريا فالحالات كثيرة والعلاج غالي جداً لعدد الجرعات، كذلك هناك ارتفاع في علاج بعض الأمراض المزمنة كعلاج الضغط والسكري، خاصة البنسلين – علاج مرض السكري – أصبح سعره عالي جداً على المواطن .
أزمة أنسولين
تحدثت -أيضاً- لـ (الصيحة) إحدى الطبيبات الصيدليات عن أزمة علاج مرض السكر قائلة: شهد علاج مرض السكر (الأنسولين) فترة من الانقطاع عن الصيدليات ويعتبر ذلك كارثة لمريض السكر، حيث أن الجرعة اليومية هي بمثابة الحياة بالنسبة للمريض، الإمدادات الطبية كانت تمد الصيدليات، ولكن بكميات غير كافية لذلك تضطر الصيدليات لشراء الدواء عن طريق – السوق الأسود – وبالتالي تضطر لزيادة السعر وهنا المواطن يضطر لشرائه بسعر غالي، وأغلب من يعانون من ذلك بصورة كبيرة هم الموظفين ومواطني الدخل المحدود.
سوق أسود
أيمن عبد الرحيم، صيدلي اجتماعي بأحد المناطق الطرفية بمدينة أم درمان تحدث إلى الـ (الصيحة) قائلاً: أكثر الأدوية غلاءً هذه الأيام دواء الالتهابات الصدرية (أموكلان) ومن المعلوم لدينا أن دواء (أموكلان) من أكثر الأدوية شيوعاً عند السودانيين لعلاج الالتهاب عند الأطفال حيث تثق به الأمهات كثيراً في علاج أبنائهم .
اختتم الصيدلي أيمن حديثه قائلاً: هناك بعض الأدوية التي لا توفرها الدولة بصورة كافية تدخل البلاد عن طريق التهريب – سوق أسود – لا تخضع للرقابة في السعر لذلك تباع بأسعار غالية ومتفاوتة بين الصيدليات .
أزمة سيور
الصيدلي الاجتماعي نزار آدم، قال لـ (الصيحة): كل الأدوية أصبحت غالية لدرجة أن أصحاب العلاج الدائم الذين كانوا يشترون العلاج شهرياً أصبحوا -الآن- يشترون العلاج بالجرعة – شريط فقط، وهناك بعض الأدوية غير المتوفرة بصورة كبيرة وغالية جداً على المواطن مثل: أدوية السيولة التي تدخل في علاج الجلطات ويحتاج إليها في العمليات، هناك -أيضاً- أزمة في سيور (الدربات) التي كانت تأتي كاملة في البداية، ولكن -الآن- يأتي (الدرب) منفصل عن السير .
وفي ظل أزمة عدم توفر سيور الدربات قال المواطن محمد: اضطررت مرة لإجبار أختي الصغيرة على شرب محلول الدرب، لأننا بحثنا كثيراً ولم نجد – سير واحد – لحقن أختي بالمحلول .
من المعلوم لدينا أن التأمين الصحي يغطي (75%) من سعر الدواء و(25%) تدفع من قبل المواطن، ولكن للمواطنين رأي آخر فقد أبدى الكثير استياءهم من خدمة التأمين الصحي والذي يعتمدون عليه في تقليل كلفة العلاج، وذلك لأن الأدوية داخل إطار التأمين محدودة جداً ومحلية الصناعة، وأشاروا -أيضاً- إلى أن هناك أنواع من الأدوية المباعة خارج إطار التأمين الصحي أسعارها عالية جداً عليهم ولا يستطيعون الحصول عليها. قالت المواطنة فاطمة: ابني يعاني من مرض مزمن ويحتاج إلى علاج دائم، حاولت الحصول على العلاج من خلال التأمين ولكن العلاج خارج إطار التأمين، في كل مرة آتى لشراء الدواء أجد أن سعره قد زاد مع أن الفترة التي أعود فيها قصيرة جداً على الزيادة، أصبح علاج ابني مرتب آخر غير مرتب المعيشة وبقية الأولاد .
تحدث -أيضاً- المواطن عبد المنعم والذي يعاني من مرض السكري، قائلاً: أحتاج إلى حقن البنسلين بصورة يومية وهي غالية جداً علي وعلى أسرتي، وفي فترة أزمة البنسلين السابقة عانيت كثيراً أنا وأسرتي في الحصول على العلاج والآن بعد أن توفره أصبح سعره غالي جداً.
الوقاية خير من العلاج
الموظفة آمنة حامد، أم لخمسة أبناء في سن المدرسة تحدثت لـ (الصيحة) عن أزمتها مع العلاج والدواء قائلة: أُصيب أبنائي الخمسة بالالتهاب الصدري ونزلات البرد، اتجهت إلى الصيدلية مباشرة، لأن مرتبي الوظيفي لا يسمح لي بدفع فاتورة المشفى والعلاج معاً لخمسة أفراد، كلفتني الأدوية نصف مرتبي ولكنها ضرورة لابد منها لذلك نضطر للتنازل عن أشياء كثيرة مقابل العلاج أو تقليل الصرف وهذا يحدث بصورة دورية في كل مرة يتغيَّر فيها الجو وتظهر معه أمراض جديدة .
اختتمت الموظفة آمنة كلامها قائلة: نحن في السودان لا نمتلك ثقافة الوقاية خير من العلاج، وحتى إذا حاول أحدهم اتباع هذه القاعدة فإن هناك عوامل خارجية لا تساعده على ذلك، فأنا لا أستطيع منع أبنائي من الذهاب للمدرسة أو اللعب في الخارج والأمراض الأكثر تفشياً هي أمراض معدية لذلك لا يسلم الأطفال منها ونضطر نحن الأهالي لدفع الكثير للعلاج، لذلك أناشد الأمهات والآباء بمحاولة تبني فكرة الوقاية حتى لا نضطر لخسارة (الشئ الفلاني) من أجل العلاج.
من جانبها قالت المواطنة أحلام عبد الله، إنها تعاني من مشكلة ارتفاع دواء تستخدمه لعلاج ابنها المريض بنقص المناعة، وذكرت أن الدواء كان يباع في صيدلية الإمدادات الطبية لوقت قريب بخمسة آلاف جنيه، إلا أن الإمدادات أصبحت لا تستورده في حين استغلت بعض الصيدليات انعدام الدواء وتباع الجرعة منه بملغ 150 ألف جنيه، وقالت إنهم عاجزون عن توفيره بسبب ذلك وقالت بحسرة: إن الفقراء في السودان يموتون لأنهم غير قادرين على توفير ثمن الدواء.
استطلاع- آية من الله
صحيفة الصيحة