حيدر المكاشفي

حيدر المكاشفي يكتب: الدواء القاتل!!

الطبيعي أن يكون تناول الدواء من أجل الشفاء، ولكن للأسف في بعض الأحايين يصبح الدواء ولأسباب مختلفة قاتلاً ومضراً بالصحة، ومن أمثلة إِضرار الدواء بالصحة، ما تعرض له مئات التلاميذ بإقليم النيل الأزرق يوم الأحد، باصابتهم بمضاعفات صحية جراء تناول عقاقير وقائية مضادة للبلهارسيا، ما اضطر السلطات لإيقاف الحملات، وكانت أعداد كبيرة من التلاميذ، وصلت إلى مسستشفى الدمازين بسبب معاناتهم من الاستفراغ والاسهال الحاد بسبب تناولهم هذا العقار الذي وزع عليهم في إطار حملة وقائية ضد مرض البلهارسيا، الأمر الذي أشاع حالة من التذمر والهلع وسط الأسر، ويبدو أن هنالك مشكلة أما في العقار نفسه أو في طريقة وجرعات تناوله أو لقصور في الارشادات الصحية والتوعوية عن العقار واستخدامه وما إذا كانت تصاحبه بعض الأعراض الجانبية، ومن جانبنا نتمنى أن يكون ما حدث لهؤلاء التلاميذ مجرد آثار جانبية ستزول عاجلاً بحسب قول وزير صحة الاقليم، غير أن هذه الحادثة تعيد فتح ملف ما يمكن أن نسميه الدواء القاتل والمضر بالصحة..

سبق أن ذكرت وزارة الصحة بولاية الخرطوم، عن تلقى مركز المعلومات الدوائية بإدارة الصيدلة بلاغات يومية عن حالات تسمم لأطفال بالدواء، وكانت الوزارة أفرجت عن هذه المعلومة إبان احتفالها باليوم العالمي لسلامة المرضى والذي جاء تحت شعار (دواء بلا أضرار)، وغير ما ذكرته الوزارة عن حالات تسمم لأطفال بالدواء، هناك كثير من المواطنين تناولوا أدوية أضرت بصحتهم، إما لخطأ طبي في التشخيص الصحيح للعلة وبالتالي وصف دواء خاطئ لهم، واما بخطأ صيدلاني بصرف دواء للمريض غير الذي حدده الطبيب، وهنا تبرز مشكلة الروشتات الطبية التي ظلت تتكرر بصورة مزعجة ولافتة للنظر، أما بإعطاء مريض دواء غير مناسب، يودي بحياته أو يفاقم علته، فيزداد مرضا على مرضه من حيث قصد الشفاء والعلاج، وقضية الروشتات الطبية لها جانبان، جانب يختص بكتابة الطبيب السيئة للروشتة والتي تبدو أقرب للشخبطة منها للكتابة المقروءة، والجانب الآخر يختص بالصيدلي الذي يجتهد في فك طلاسم الروشتة، وقد يخطئ نظراً لاجتهاده في صرف الدواء الصحيح، والقصص المحزنة التي تسببت في وفاة البعض ومضاعفة علة البعض الآخر بفعل الخطأ المشترك ما بين الطبيب والصيدلي كثيرة جداً، وهذا ما يتطلب الحرص من جانب الأطباء على كتابة الروشتة بشكل مقروء وواضح أو كتابتها إليكترونيا، كما تفرض الأمانة المهنية على الصيدلي اذا اشكلت عليه، ان يمتنع عن صرفها وينصح المريض بمراجعة الطبيب لاعادة الكتابة بشكل لا يشكل أي لبس،

وعليه نقول ربما يتسمم البعض وتضار صحته بسبب تناول دواء خاطئ وليس بسبب خطأ التناول، وهناك أم القضايا المتعلقة بملف الدواء، حيث إن التعامل مع الدواء والاتجار فيه، يعتبر أمراً بالغ الحساسية، لما له من أبعاد تخص صحة الناس وتخص الأمن القومي للبلد، ولكن للأسف لم تسلم هذه التجارة من يد مافيا الدواء والمهربين، مما يفتح ثغرة كبيرة لانتشار الأدوية المغشوشة في السوق، والمصيبة أن لا يقتصر الغش في الأدوية في تلك التي لا تسبب الوفاة، بل يمتد الغش الى الأدوية الحيوية مثل أدوية علاج السرطان والالتهاب الكبدي والحساسية والسكري والأورام الخ..وتلك هي الطامة الكبرى..

صحيفة الجريدة