تحقيقات وتقارير

بعد حديث البرهان وحميدتي .. هل تمضي ورشة الإصلاح الأمني والعسكري نحو غاياتها؟

مأزق بناء الجيش


حميدتي: لا سبيل لضوضاء الهتافات والشعارات في عملية فنية معقدة وحساسة، غالب أجزائها يجب أن يعالج خلف غرف محكمة الإغلاق.
بعد حديث البرهان وحميدتي.. هل تمضي ورشة الإصلاح الأمني والعسكري نحو غاياتها؟

مأزق بناء الجيش..!
* البرهان يؤكد أن الإصلاح الأمني والعسكري عملية معقدة، ويشدد على بناء قوات مسلحة تتوافق مع النظم الديموقراطية.

* يؤكد الواقع الماثل أن الإصلاح الأمني والعسكري ليس معزولا بشكل عام عن عملية الانتقال والإصلاح الديمقراطي التي تشهدها البلاد.

* حميدتي: الإصلاح الأمني والعسكري ليس نشاطاً سياسياً ويجب أن لا يخضع لأي أجندة سياسية.

* حميدتي: الوصول للجيش الواحد هدفنا ونسير فيه بقناعة وفقاً للمسائل الفنية المتفق عليها.

* حميدتي: قوات الدعم السريع مُلتزمة بالانحياز لخيار التحول الديموقراطي الذي يضع السودان في مساره الصحيح.

بدأت صباح أمس (الأحد) ورشة الإصلاح الأمني والعسكري كآخر ورش ومؤتمرات القضايا الخمس العالقة في الاتفاق الإطاري الموقع في 5 ديسمبر الماضي، والتي تضم أيضاً قضايا العدالة الانتقالية وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989، وقضية شرق السودان بجانب اتفاق السلام، وتعتبر ورشة الإصلاح الأمن والعسكري من أهم الورش لجهة انها تهدف للخروج بتوصيات تقود في نهاية المطاف إلى دمج كل الجيوش في جيش واحد، فيما يؤكد الواقع الماثل إن الإصلاح العسكري ليس معزولا بشكل عام عن عملية الإنتقال أو الإصلاح الديمقراطي التي تشهدها البلاد.

وفي السياق أكد الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الإنتقالي القائد العام للقوات المسلحة إلتزام القوات المسلحة بالمضي قدما في الإتفاق الإطاري وعملية التحول الديمقراطي، وقال البرهان في افتتاح ورشة الإصلاح الأمني والعسكري بقاعة الصداقة أمس (الأحد) أن القوات المسلحة مرت بتجارب عديدة خلال تاريخها الذى استشرف مائة عام، مشددا على بناء قوات مسلحة تتوافق مع النظم الديموقراطية وانه من الضرورة الاستفادة من التجارب.

(1) ونبه البرهان إلى أن الإصلاح الأمني والعسكري عملية معقدة لا يمكن تجاوزها بسهولة وتحتاج الى نظرة فاحصة في جانب العقيدة العسكرية ووضع اللبنات الصحيحة لبناء قوات مسلحة مهنية دون الزج بها في المعتركات السياسية، وأمن على ضرورة إصلاح أجهزة الدولة، ودعا الممانعين الاطلاع على بنود الاتفاق الاطاري والجلوس لمناقشتها مع القوى السياسية الموقعة.

وأشار البرهان إلى عدم رغبة القوات المسلحة في التمكين لأي جهة سياسية غير منتخبة، مؤكدا أن العملية السياسية التي تجري سودانية خالصة دون تدخلات كما يراها البعض، وأوصى بضرورة إستصحاب التجارب والمعايير التاريخية لبناء قوات مسلحة موثوق بها لدى الشعب السوداني، ورحب بالمرأة في الكلية الحربية والمشاركة في العمل العسكري، مبيناً أنها تمثل 12% من القوات المسلحة.
وأثنى على الدور المقدم من الأصدقاء الدوليين والمجتمع الدولى في دعم البلاد للعبور نحو التحول الديمقراطي والدولة المدنية، ودعا البرهان القائد عبد العزيز الحلو وعبد الواحد محمد النور للإنضمام لعملية السلام بالبلاد والتحول الديمقراطي، مشيرا الى أن السودان يمضي نحو السلام والبناء.

(2) وفي ذات السياق أكد نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو أن الإصلاح الأمني والعسكري ليس نشاطاً سياسياً ولا يجب أن يخضع لأية أجندة سياسية، فهو عمل وطني مرتبط بالأهداف العليا للبلاد، قبلناه برضاء ووعي كاملين، مستفيدين من التجارب الإنسانية في محيطنا الأفريقي والعربي والعالم.

وقال دقلو لدى مخاطبته اليوم بقاعة الصداقة ورشة الاصلاح الامني إن هناك الكثير من النماذج والأمثلة في عمليات إدماج الجيوش، والتي تأتي غالباً في ظروف مختلفة عن الواقع السوداني كما هو الحال في تجارب جنوب أفريقيا والفلبين وزيمبابوي وناميبيا وغيرها من البلدان، يجب علينا الاستفادة من هذه التجارب، مع الأخذ في الاعتبار، الفوارق الكبيرة بين جيوش تلك البلدان، وحالة قوات الدعم السريع، التي أنشئت وفق قانون، نظم عملها وحدد مهامها، مؤكدا أن عملية الإصلاح الأمني والعسكري تحتاج إلى تطوير ومواكبة في التشريعات والقوانين، وهذه مهمة مؤسسات مدنية مثل وزارة العدل والمجلس التشريعي.

وأكد دقلو أن ورشة الإصلاح الأمني والعسكري تأتي تتويجاً للمساعي الجادة للمضي قدماً في ترتيبات إعادة بناء الدولة السودانية، على أسس جديدة تلبي طموحات وأشواق أبناء وبنات الشعب السوداني في النهضة والتقدم والازدهار، موضحاً إن انعقاد هذه الورشة، جاء في لحظة مواتية تمثل فرصة لم يكن يتوقعها كثير من الناس، وذلك من واقع فهمنا بأن عملية الإصلاح الأمني والعسكري ليست مهمة سهلة، لكنها ضرورية كجزء من إصلاح الدولة، ولذلك فإن الوصول للجيش الواحد هدفنا جميعاً، ونسير فيه بقناعة وفقاً للمسائل الفنية المتفق عليها.

(3) وبالنسبة لدقلو فإن الإصلاح الأمني والعسكري، ليس نشاطاً سياسياً ولا يجب أن يخضع لأية أجندة سياسية، فهو عمل وطني مرتبط بالأهداف العليا للبلاد، وأضاف (قبلناه برضاء ووعي كاملين، مستفيدين من التجارب الإنسانية في محيطنا الأفريقي والعربي والعالم) وأشار إلى أن هناك الكثير من النماذج والأمثلة في عمليات إدماج الجيوش، والتي تأتي غالباً في ظروف مختلفة عن الواقع السوداني كما هو الحال في تجارب جنوب أفريقيا، والفلبين وزيمبابوي وناميبيا وغيرها من البلدان، ويجب علينا الاستفادة من هذه التجارب، مع الأخذ في الاعتبار، الفوارق الكبيرة بين جيوش تلك البلدان، وحالة قوات الدعم السريع، التي أنشئت وفق قانون، نظم عملها وحدد مهامها.

ونبه دقلو إلى أن عملية الإصلاح الأمني والعسكري تحتاج إلى تطوير ومواكبة في التشريعات والقوانين، وهذه مهمة مؤسسات مدنية مثل وزارة العدل والمجلس التشريعي، وأضاف قائلاً (لا بد من إصلاح يشمل أجهزة الدولة كافة) وتابع قائلاً (إنني ومن هذا المنبر، وطالما شرعنا عملياً في بحث ترتيبات إصلاح المنظومة الأمنية والعسكرية، أنادي بأن يخرج هذا البند من السِجال السياسي تماماً، فلا سبيل لضوضاء الهتافات والشعارات في عملية فنية معقدة وحساسة، غالب أجزائها يجب أن يعالج خلف غرف محكمة الإغلاق).

وأوضح دقلو أن بلوغ النجاح في إصلاح المنظومة الأمنية والعسكرية، مرتبط بالأهداف السامية التي نسعى إليها والتي يجب أن تكون محل إجماع وطني، وهي ترفيع وتعزيز الأمن القومي السوداني ومؤسساته، بعيداً عن أية أجندة أو منافسة سياسية.
وأكد دقلو أن قوات الدعم السريع ظلت ولا تزال ملتزمة التزاماً لا لبس فيه، بالانحياز لخيار التحول الديمقراطي، الذي يضع السودان في مساره الصحيح، والشواهد على ذلك كثيرة منذ ما قبل 11 أبريل، برفضها قمع التظاهرات، ثم انحيازها لخيار الجماهير، مروراً بالمرحلة الانتقالية الأولى وما بعد 25 أكتوبر، وصولاً إلى مرحلة الاتفاق الإطاري الحالي، وسنظل متمسكين بهذا الخيار، لن نجامل فيه ولن نتخلى عنه، وهذا بمثابة إعلان مبكر ورسالة ينبغي أن تدركها الحكومة المستقبلية التي ستتولى زمام الأمور في البلاد، أن التحول الديمقراطي هدف استراتيجي لا حياد عنه مهما كانت الظروف.

(4) وبالنسبة لدقلو فانه يعتقد جازما أن المدخل الصحيح لإعادة بلادنا من حالة التوهان السياسي والاقتصادي الذي تعانيه، هو الحل السياسي الذي نعمل عليه بقوة، من أجل توافق السودانيين على كلمة سواء، وأن نستعيد ثقتنا في أنفسنا كمدخل أساسي للنهضة والتطور والنماء، نستطيع أن ننجز المهام الوطنية بهمة وإرادة وطنية في أقل وقت ممكن، إذا هزمنا الخلافات السياسية الضيقة، فالفوز للجميع، والنصر يحصد ثماره جميع السودانيين.
ويرى دقلو أن هذه الورشة تمثل ختام ورش القضايا العالقة، التي تفضي إلى الاتفاق السياسي النهائي، وبالتالي نحتاج للتركيز على الغاية الأسمى لهذه العملية السياسية، وهي فتح طريق النهضة أمام شعبنا ووطننا، ورفع المعاناة عن كاهل المواطن وتوفير سبل العيش الكريم له، إن الشواهد والمعطيات العالمية الراهنة، تمنح السودان مزايا كبيرة، إن أحسن استغلالها في الوقت المناسب، وتشكيل هياكل الفترة الانتقالية هو منصة الانطلاق داخلياً وخارجياً لتعويض ما فات السودان منذ الاستقلال.

ويعتقد دقلو أن هذا الشعب الصابر منحنا كثيراً من الفرص، ويجب أن يشعر الآن بأنه قادر على حصاد ما صبر عليه، ولحسن الحظ فإن الأزمات التي تمر بها بلادنا بالإمكان عبورها وبسرعة، إن توحدت أهدافنا العليا وإرادتنا.وليس صعباً أن نعبر الطرق الوعرة ونستشرف طريقاً ممهدةً نحو النهضة والتقدم، الأمر بأيدينا نحن شعب السودان في مختلف قطاعاته، أن نضع السودان نصب أعيننا ونتحد في الأهداف ونختلف في الوسائل، فالسودان يسعنا جميعاً.
وأكد دقلو أن تدشين هذه الورشة يعني بداية عملية إصلاح المنظومة الأمنية والعسكرية، ومن المهم مواصلة عمليات الإصلاح والهيكلة لتشمل بقية أجهزة الدولة، وهذا أمر على الحكومة المدنية المقبلة أن توليه اهتماماً كبيراً، وعلى السودانيين خاصة القادة من مختلف الكيانات السياسية والمدنية، تحديد الخطوات والتنازلات التي يجب اتخاذها لبلوغ الحل السياسي النهائي بتوافق تام، يحقق الاستقرار لبلادنا ويؤمن لشعبنا حياة كريمة في وطن معافى.
وظهر مفهوم إصلاح القطاع الأمني للمرة الأولى تقريباً في التسعينيات من القرن العشرين في شرق أوروبا. ورغم أنه لا يوجد تعريف واحد مقبول عالميًا، إلا أن إصلاح القطاع الأمني يشير في الغالب إلى العملية المستخدمة لإصلاح أو إعادة بناء القطاع الأمني في دولة ما، وهو يعتبر بمثابة الرد على موقف لا يتمكن فيه القطاع الأمني الذي يعاني خللاً من توفير الأمن للدولة وشعبها بشكل فعال، وبما يتوافق مع المبادئ الديموقراطية.
وفي بعض الحالات، يمكن أن يكون القطاع الأمني ذاته مصدرًا لشيوع عدم الأمان بسبب السياسات أو الممارسات التمييزية والمسيئة، وفي هذا الصدد، يمثل القطاع الأمني الذي لم يتم إصلاحه أو سيئ التكوين عقبة حاسمة في تعزيز التنمية المستدامة والديموقراطية والسلام. وتهدف العمليات المتعلقة بإصلاح القطاع الأمني إلى تحسين مستوى توفير خدمات الأمان والعدل الفعالة والقوية، من خلال مؤسسات القطاع الأمني التي يمكن محاسبتها من خلال الدولة وشعبها، كما تعمل في إطار الإدارة الديموقراطية، بدون أي تمييز ومع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وسيادة القانون.

عبدالرحمن العاجب
صحيفة الجريدة