زهير السراج يكتب: عبد الفتاح البرهان وعبد الفتاح الكيزان !

* عندما يجتمع به الوسطاء والمدنيون تبدو عليه الطيبة والمسكنة، ويهز رأسه بدون أن يتكلم موافقا على كل المقترحات التي تُقدم إليه، وعندما يخلو بنفسه أو بشياطينه يتحول الى شخص آخر ويناقض ما وافق عليه، تماما مثل مريض الإسكزوفرانيا الذي يعاني من إزدواج الشخصية، أو (دكتور جيكل ومستر هايد ) في الرواية الشهيرة (بنفس الاسم) للمؤلف الاسكتلندي (روبرت لويس إستيفنسون) التي نُشرت في عام (1886)، وتدور أحداثها حول رجل قانون يحقق في سلسلة من الاحداث الغريبة وجرائم القتل الغامضة، الى أن تقوده التحقيقات الى مفاجأة لا تخطر على البال وهى ان المجرم ليس سوى صديقه القديم (دكتور جيكل) الذي يمارس مهنة الطب وينقذ المرضي نهارا، ثم يتحول الى مجرم شرير بالليل يمارس القتل تحت اسم (إداوراد هايد)، ولقد كان للرواية تأثير كبير على الثقافة الشعبية في معظم انحاء العالم وأصبحت عبارة “دكتور جيكل ومستر هايد” تستخدم للإشارة إلى الأشخاص ذوي الطبيعة المزدوجة الذين يبدو أنهم طيبون ولكنهم في بعض الأحيان أشرار لدرجة صادمة!

* لا شك أنكم عرفتم أنني اقصد بهذا التشبيه الفريق الفريق (البرهان)، الذي يبدو بريئا وطيبا عندما يلتقي به أو يتحدث معه الدبلوماسيون الأجانب والوسطاء وأطراف العملية السياسية ويوافق على كل شئ، ثم يتحول الى النقيض وينقض ما وافق عليه عند لقائه بجماعته، ويختفي من المشهد تاركا إظهار الوجه القبيح (وش القباحة) لمن يمثله او ينطق باسمه أو باسم المؤسسة التي يجلس على رأسها. الفرق الوحيد بين دكتور جيكل والفريق البرهان، أن الأول نجح في إخفاء شخصيته الشريرة البغيضة فترة طويلة من الزمن إلى أن اكتشفها المحقق (جابرييل جون إترسون) في نهاية الرواية، بينما اكتشف الجميع إزدواج شخصية البرهان منذ الوهلة الاولي التي ظهر فيها للناس، والدليل على ذلك مؤامراته وألاعيبه المتواصلة منذ سقوط النظام البائد وحتى اليوم !

* آخر هذه الألاعيب هو الحديث الصحفي الذي أدلى به نيابةً عنه الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد (نبيل عبدالله) مؤكدا فيه أن التوقيع على الاتفاق النهائي للعملية السياسية لن يحدث ما لم يتم وضع جداول زمنية لدمج قوات الدعم السريع في الجيش، وكان الاجتماع الذي انعقد يوم السبت الماضي (1 ابريل، 2023 ) وضم البرهان وحميدتي والقوى المدنية والوسطاء قد توصل الى توقيع الاتفاق النهائي في (السادس من ابريل) بعد حل الخلاف حول المدة الزمنية لدمج قوات الدعم السريع في الجيش وبعض التفاصيل الفنية الاخرى، إلى ان خرج علينا الناطق الرسمي للجيش أمس بمسرحية وضع الجداول الزمنية للدمج كشرط للتوقيع على الاتفاق، وهى عملية فنية تستغرق وقتا طويلا ولا يمكن تحديدها إلا بدراسة اوضاع الجيوش ووضع آليات متدرجة للقيادة والسيطرة بالإضافة الى وضع الأسس الفنية وتحديد الموارد المالية ..إلخ، وهو ما نص عليه اتفاق مبادئ وأسس الاصلاح العسكري والامني الذي وقع عليه الاطراف في الخامس عشر من مارس الماضي (2023 )، والذي نص ايضا على قيام اللجنة الفنية المشتركة بوضع التوقيتات والضوابط الاخرى لعملية دمج واصلاح الاجهزة النظامية، تحت اشراف مجلس الدفاع والامن الذي يرأسه رئيس الوزراء القادم، ولكن جاءت رياح الشخصية الاخرى للبرهان بما لا تشتهي سفن القوى المدنية والشعب الذي ينتظر توقيع الاتفاق النهائي حتى يتفرع لحياته ومعيشته وتطوير نفسه وبلاده، فاصدر (مستر عبد الفتاح) تعليماته لناطقه الرسمي باعادة تدوير الحديث عن الجيشين واستحداث مسرحية عدم التوقيع على الاتفاق النهائي إلا بعد وضع الجداول الزمنية التفصيلية والاتفاق عليها بين كافة الاطراف، ولا أدري ماذا سيفعل مجلس الأمن والدفاع القادم واللجان الفنية التي ستعمل تحت اشرافه إذا كان في الإمكان وضع الجداول الزمنية للدمج قبل توقيع الاتفاق!

* القصد من ذلك واضح بالطبع وهو وضع العقبات امام الاتفاق النهائي للعملية السياسية، حتى يظل عبد الفتاح الكوز (مستر عبد الفتاح) ماسكا بالسلطة اطول فترة ممكنة تنفيذا لتعليمات حلفائه في الداخل والخارج، واختم مقالي بتصريح القيادي في الحركة الاسلامية (الإسلاموية) أسامة توفيق، بأنّ الجيش لن يستمر في العملية السياسية ولن يوقّع على الاتّفاق النهائي، مضيفا أنه لن يلف الحبل حول رقبته، ولا ادري أية رقبة يقصد اسامة توفيق، رقبة الجيش أم الحركة الاسلامية ؟!

صحيفة الجريدة

Exit mobile version