ياسر أبّشر: حين يتطاول عرمان على دكتور الدرديري

كنت أجلس مع المرحوم الشيخ دكتور إبراهيم الطيب الريح – ذلك المُحسنُ حيّاه الغمام – في منزله بلندن، وكان التلفزيون مفتوحاً على القناة السودانية، فظهرت صورة ياسر عرمان، عندها قطع دكتور إبراهيم حديثه الشيق معي ليقول لي: “الولد ده أنا بكرهه” مشيراً إلى عرمان.
ضحكت، وقلت له: والله يا عم إبراهيم زولاً بتكرهه انتَ ما أظن يلقى ليه مُحب.
وأكاد أجزم أن ما كان يكنه الشيخ الدكتور لعرمان عمّ كل السودانيين، حتى كادت كراهيته أن تصبح إجماعاً.
وفي عالم السياسة السودانية، يتشاءم الكثيرون من انضمامه لأي تنظيم، قناعةً أنه سيفرّقه أيدي سبأ، لتواتر ذلك منذ كان في حركة قرنق، ثم الحركة الشعبية شمال (الحلو)، ثم حركة عقار، ثم قحت، وأخيراً انضمامه مستشاراً لحميدتي.
ومنذ أن تسلل عرمان من الخرطوم عام 1985 هارباً بعد اتهامه بقتل زميله الأقرع (ومن ثم لم يكمل الدراسة بجامعة القاهرة فرع الخرطوم) فانضمامه لحركة قرنق، ثم تخلي الحركة عنه حين حاول المنافسة في الانتخابات، وبعدها متنقلاً بالطرد من التنظيمات المختلفة وحتى اليوم… ظلّ عرمان منطوياً على كراهية لكل قيمة رفيعة في المجتمع السوداني، وموالياً لكل من يتآمر على دينه وخلقه وتقاليده وجيشه.
وكأن هذا كله لا يكفي، حُكم على عرمان بالإعدام بحكم أيدته المحكمة العليا بسبب ما فعله من كانوا تحت إمْرَتِه في النيل الأزرق.
ورغم كل هذا جاءنا عرمان في عهد حكم التّيه القحتي يتبختر في الخرطوم …….
ولو كان بالمراد واليمين مطلوق ما بحوم هذا السفيه في السوق.
ومن أخطاء مثقفي السودان وكتابه أنهم ضربوا صفحاً عن هذا الدّعي، خلا المرحوم الطيب مصطفى الذي كان قد سماه بحق “الرويبضة”، فنجا به لؤمه منجى الذباب حمته مقاذره من أن ينالا. فصدّق العامة كثيراً مما يقوله، وعدوه في ركاب الساسة ومن كبار المثقفين.
وكم كان عرمان حريا أن يلعب معه كتاب هذا البلد ومفكروه “دافوري باللباسات”..
فكما يقول إخواننا سُود أميركا: What is good for the goose is good for the gander..
فما هو بذي ثقافة وفكر لتجادله بعقل.
الذي دعاني لأن أورد ما ذكرته أعلاه هو أنه لما كسدت بضاعة عرمان وعرف أنه إذا ما تصدى لأمر ذي بال فأنه لن يجد قبولا، ولما علم أنه لو تطاول على قمة شماء في سماء الثقافة والكتابة في قامة دكتور الدرديري محمد أحمد، ما اسطاع أن يَظْهَرَه وما استطاع لأفكاره نقباً (وإن حشد مقاله بعبارات نابية من شاكلة “إدعاءات ومغالطات وخزعبلات وأكاذيب” وما هو مثلها من كلمات هي به ألصق وألْيَق) قرر أن يتقمص شخصية جنوبية سماها (أجاك مكور).
وليس ثمة كاتب نعرفه بالجنوب بهذا الاسم.. ونحن من لا يفوتنا الاطلاع على إنتاج كل قلم في السودان وفي جنوب السودان.
وليس ثمة جنوبي يفيض حقداً وكراهية للسودان وأهله على النحو الذي نضح به هذا المقال. فجاء المقال وكل سطر فيه يصرخ: “أنا عرمان”.
كتب السفير دكتور الدرديري محمد أحمد وزير الخارجية الأسبق مقالين ضافيين عميقين، استقصى فيهما هجرات القبائل العربية لقلب أفريقيا. ثم حلل بعمق المؤامرة التي تتعرض لها بلادنا حاليا وقد سماها بحق “تشريقة” عربان الشتات للسودان.
كتب الدرديري مقالاته برصانة ورزانة، كما يكتب العلماء، وأكد على إفاداته بالشواهد والمراجع والمصادر.
وقد وجد مقالاه قبولا واسعا لم أشهد له مثيلا وأنا المتابع المدقق لما ينشر ويتم تداوله في الفضاء الإسفيري. فتناولتها كل القروبات على تباين درجاتها في المعرفة واختلافها في المشارب.
ورأى الناس مصداق ما جاء في المقالين في الكثير من الشواهد التي تناقلتها الوسائط.
فرأوا فيديوهات شيوخ من النيجر يحثون أهلهم لنجدة حميدتي..
وسمعنا اعترافات الأسرى القادمين من تشاد والنيجر..
وتفاخر من يُسمى “جو جو” التشادي باشتراكه في القتال مع غُزاة حميدتي..
ورأينا من كان سفيراً لتشاد بالقاهرة يحرض عربان الشتات – كما سماهم الدرديري – ويطالبهم أن يفزعوا حميدتي..
وسمعنا بعض عناصر الغُزاة يتحدثون بلسان فرنسي مُبين.
ورأينا كيف أعفى الرئيس ديبي وزير دفاعه قريب حميدتي وضباط كبار آخرين مناصرين لحميدتي؛ كونهم يتآمرون لإقامة “دولة الجنيد”.
ومن ثم، فإن مقالي دكتور الدرديري ليسا بحاجة إلى دفاع مني أو من غيري.
وما دفع بي لكتابة هذا المقال أنني أردت أن اكشف سوأة هذا الدعي بعد أن اضطر لتغطيتها بغربال سماه” “أجاك مكور”.
وقد خذل عرمان ذكاؤه، فتحدث عن “رفاقه القدامى” دكتور الواثق كمير ودكتور محمد جلال هاشم، وذمّهم – كدأب اليساريين – لأنهم استقلوا برأيهم وشجبوا فظائع حميدتي.
ثم جعل “أجاك مكور” يستميت في الدفاع عن مُشيره حميدتي وفي تبرأته، وكأن السودانيين افتروا عليه الاغتصابات والقتل والنهب واقتحام حرمات البيوت!!
وبكل جرأة يسأل أجاك مكور (أقصد عرمان) الدرديري عن الثمن الذي قبضه!!!
سبحان الله.
لعله يظن أن الدرديري مثله!!
يا عرمان، إنك لست ابن النفيدي أو إبراهيم مالك أو الشيخ مصطفى الأمين لتملك شركة طيران في يوغندا!!
وأنت لم يُعرف لك عمل غير التآمر والقتل وفتنة التنظيمات، فمن أين لك هذا؟
ألا يستحق السودانيون أن يعرفوا مصدر أموالك! ويعرفوا ممن قبضت!
ثم أن الدرديري لا ينتمي “لعربان الشتات” – كما تزعم – فهو مسيري ابن قبيلة عريقة أقامت بالسودان دهرا قبل الثورة المهدية.. ورغم ذلك ترفع عن الانجرار لعصبية القبيلة التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: “دَعُوهَا؛ فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ”.
ودون حياء يتحدث عرمان عن الفتنة في الجنوب وهو الذي قاتل الجيش فيه قرابة ربع قرن.
ويتحدث عن الفتنة في دارفور وهو الذي بعثه جون قرنق في مهمة استطلاعية لدارفور قبل تمرد داوود بولاد.
فانظر لهذه الصفاقة.. وهي الصفاقة التي تجعله يكتب: “أن تعميم الشر عدالة”!!!
وحاول عرمان أن ينكر أن حميدتي استخرج الرقم الوطني السوداني لعربان الشتات، رغم اعترافات الأسرى، بل رغم إقرار الرئيس النيجري محمد بازوم بأن حميدتي فعل ذلك لمواطنين من عربان الشتات في النيجر.
وعرمان كذاب أشر.
فقد ادعى قبل هذا أن دكتور غازي عتباني قال: إن الزرقة يختلفون شكلاً عنهم.
يالك من كاذب ومفتر.
فكل من يعرف دكتور غازي يعرف كيف أنه أسمى من أن ينحط لمثل تفاهاتك هذه.
رغم ذلك، تتزيا – زوراً – بزي من يحرص على أخلاق فتقول للدرديري” عيييب.
وهل تعرف أنت العيب؟؟!!!
مشكلة الإسلاميين التهذيب والحياء.
وإلاّ فحُقَ لهم، مهما تبدلت صروف السياسة، أن يفخروا أنهم بعثوا بأبنائهم يستشهدون في أحراش الجنوب بالآلاف حتى لا ينفصل.
ألا ترون أن عرمان الذي كان وقتها يقاتل هو وشيعته جيش السودان لا يزال يفخر بذلك بكل قوة عين!
عييييييب يا عرمان.
هذا هو العيب.
وليت السودانيين لا يقبلون منك أن تتبجح عليهم بمقاتلة الجيش.
وها هم الإسلاميون الذين قاتلتهم يا عرمان نشاهدهم يتقدمون من جديد وبتواضع جم مع الألوف الذين تطوعوا لحماية الأرض والعِرض من خمج غزاة حميدتي المرتزقة، الذين تدافع عنهم أنت وشراذم قحت ممن شبعوا معك من مال حميدتي الحرام.
♦️ياسر أبّشر
———————————
1 يوليو ٢٠٢٣