تحقيقات وتقارير

حتى جواز السفر بات حلماً بالسودان.. دفع نقدي وبسعر الدولار

قوبل إعلان وزارة الداخلية بالسودان قائمة الأسعار الجديدة لاستخراج جوازات السفر، بغضب شديد وانتقادات حادة، وصل صداها إلى وسائل التواصل الاجتماعي التي انشغلت بالأمر.

الحكاية بدأت بعدما أعلنت وزارة الداخلية بالسودان، قائمة مثيرة للجدل لرسوم استخراج جوازات السفر الجديدة، تساوت فيها للمرة الأولى رسوم استخراج الجوازات داخل وخارج البلاد، حيث حدّدت مبلغ 150 ألف جنيه للكبار أي ما يعادل 250 دولاراً أميركياً، و75 ألفاً للأطفال أي ما يعادل 125 دولاراً أميركياً، أما للسودانيين بالخارج (250) دولاراً للكبار، و125 دولاراً للأطفال.

إلا أن هذا القرار لم يمر مرور الكرام، بل فجر سخطا واسعا بالأوساط السودانية، دفع رئيس مجلس السيادة بالسودان عبد الفتاح البرهان لدخول خط الأزمة.

وتعهّد قائد القوات المسلحة بتوجيه وزارة المالية لمراجعة القرار، وتقليل قيمة إصدار وثائق السفر الجديدة.

فيما نفت وزارة الداخلية عن نفسها تُهمة زيادة قيمة استخراج الجوازات، وقالت إن هذه الرسوم اتحادية لا تقررها الوزارة، إنما تقرها وزارة المالية.

في الأثناء سرت أنباء عن اتجاه قوي لتخفيض قيمة الإصدار إلى 75 ألف جنيه استجابة لحملة الضغط العالي.

في المقابل، صب الناقمون جام غضبهم على اللائحة الوزارية الجديدة لقيمة استخراج جوازات السفر، وقالوا إن السلطات الرسمية لم تراعِ أن المواطنين يعيشون ظروفاً بالغة التعقيد، كما فقدت الغالبية العُظمى مصادر دخلهم وخلفوا جميع مدخراتهم وراء ظهورهم فراراً من جحيم حرب الجنرالين التي اندلعت منتصف أبريل الماضي.

وكالنار في الهشيم، سرت موجة الانتقادات بمواقع التواصل الاجتماعي ضد لائحة الأسعار الجديدة لوثائق السفر، ففي صفحتها بموقع فيسبوك سخرت الصحافية السودانية الشهيرة شمائل النور من تلك الأسعار الخرافية، وقالت إن الدولة عجزت عن توفير الحد الأدنى لحماية وأمن مواطنيها، وفوق ذلك تصعب عليه طريق الخروج بفرض رسوم فلكية على استخراج الجواز.

كما قال آخر يدعى وليد محمد المبارك، إن قائمة الأسعار الجديدة دفعت بالسودان ليصبح واحداً من أغلى الدول في العالم إن لم يكن الأغلى على الإطلاق من حيث رسوم إصدار جوازات السفر، حيث فاق السودان بالرسوم الجديدة – حسب قوله – دولاً كبرى اشتهرت بغلاء رسوم الإصدار مثل أستراليا والمكسيك وسويسرا وإيطاليا والولايات المتحدة الأميركية ونيوزيلندا، لافتاً إلى أن مستوى دخل الفرد في تلك الدول الكبرى يفوق مستوى دخل الفرد بالسودان بمئات المرات في الظروف العادية، ناهيك عن الظروف الاستثنائية العصيبة التي تمر بها البلاد بسبب الحرب.

ورأى ثان أن رسوم استخراج الجواز 150 ألف جنيه والمواطن بدون راتب وبدون دخل لنصف العام تقريباً، وتساءل بسخرية: مَن هو المسؤول العبقري الذي تخرج من مكتبه الوثير مثل هذه القرارات والبلاد بدون حكومة تنفيذية وبلا وزراء عدا وزير المالية جبريل إبراهيم!؟

في السياق، أعلنت وزارة الداخلية بالسودان في مؤتمر صحافي، أمس الأربعاء، البدء في استخراج الجواز الإلكتروني بتسع ولايات في السودان، وأكدت أن رسوم استخراج الجوازات داخل وخارج البلاد رسوم اتحادية، وامتدحت دعم وزارة المالية الاتحادية لكل الأعمال الهجرية.

كما أعلنت استعادة بيانات 40 مليون شخص بالسجل المدني وأنظمة المرور بنسبة 100%، كما أكدت فقدان 16 ألف سيارة منهوبة من الخرطوم.

يشار إلى أن السلطات السودانية كانت أنشأت مصنعاً جديداً لاستخراج الجوازات بمدينة بورتسودان بشرق السودان لتعويض المصنع القديم الذي عطّلته الحرب.

وينتظر أن ينتج المصنع الجديد الذي افتتح منذ أيام قليلة، 6 آلاف وثيقة جواز إلكتروني يومياً.

إلا أن المفاجأة تمثلت في الصفوف المتراصة لطالبي استخراج الجوازات بمدينة بورتسودان، حيث تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي بالسودان مشاهد تقشعر لها الأبدان لحالة الفوضى والتدافع أمام مركز خدمات الجمهور بمدينة بورتسودان صباح اليوم الخميس.

كما انتقد متفاعلون فشل الشرطة في تنظيم عملية استخراج الجواز، حيث كانت المنافذ قليلة العدد مُقارنةً بالجمهرة الكثيفة التي تكدّست داخل وخارج المبنى، ما تسبب في وقوع حالات إغماء وسط النساء جرّاء الازدحام الشديد وارتفاع درجات الحرارة.

العربية نت